«السلع المتوفرة».. أداة الصادرات للتوسع في أفريقيا

«السلع المتوفرة».. أداة الصادرات للتوسع في أفريقيا

تصدرت فكرة «البضاعة الحاضرة»، النقاشات بين المصدرين كخيار عملي لتعزيز انتشار المنتجات المصرية داخل القارة الأفريقية، عبر إنشاء مخازن جاهزة بالبضائع في الأسواق المستهدفة، بما يقلل فترات الانتظار والمخاطر المالية على المستوردين المحليين.

واعتبر المصدرون أن فكرة «البضاعة الحاضرة» خطوة استراتيجية لتعويض مشاكل الشحن والدفع، لكنها تحتاج إدارة احترافية للمخازن وتسويقًا ميدانيًا فعالًا، مع دعم حكومي لتعزيز التواجد المصري في السوق الأفريقي، متفقين على صعوبة استهداف القارة بالكامل دفعة واحدة، داعين إلى التركيز على الدول الساحلية الكبرى كبوابة للتوسع في الدول الحبيسة المجاورة، بما يحقق أقصى استفادة من الموارد المتاحة.

وسجل حجم التبادل التجاري بين مصر ودول الاتحاد الإفريقي، خلال العام 9.8 مليار دولار خلال 2024 مقابل 9.2 مليار دولار خلال 2023 بنسبة ارتفاع قدرها 6.5%.

الصياد: نجاح الفكرة يتطلب توفير فرق تسويق قوية داخل الدول المستهدفة

قال شريف الصياد، رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، إن مصر حاولت تطبيق فكرة «البضاعة الحاضرة» من خلال شركة النصر التي تحولت لاحقًا إلى شركة الجسور، إذ تم إنشاء مخازن للمنتجات المصرية في بعض الدول الأفريقية. لكن التجربة لم تحقق النتائج المرجوة بسبب غياب فرق تسويق ومبيعات تعمل على بيع المنتجات داخل السوق المحلية، فظلت البضائع في المخازن دون حركة كافية.

وأضاف لـ «البورصة»، أن نجاح هذه الفكرة يتطلب توفير فرق تسويق قوية داخل الدول المستهدفة، بجانب اختيار مواقع المخازن بدقة في الدول ذات الطلب المرتفع على المنتجات المصرية.

أكد الصياد، أن القارة الأفريقية تمثل سوقًا ضخمة لمصر، خاصة مع النمو السكاني المتزايد وقوة الشراء المرتفعة مقارنة بأوروبا، موضحًا أن صادرات مصر إلى أفريقيا لا تمثل سوى 1% فقط من إجمالي واردات دول القارة، ما يعكس فرصة كبيرة جدًا لمضاعفة التصدير، خاصة في ظل وجود اتفاقيات تجارية مثل الكوميسا التي تتيح دخول المنتجات المصرية دون جمارك.

وأشار إلى أن أغلب صادرات مصر تتجه حاليًا إلى دول شمال أفريقيا والسودان فقط، بينما تظل الأسواق الكبرى غرب ووسط وجنوب أفريقيا شبه غائبة عن خريطة التصدير المصرية، بسبب ارتفاع تكلفة الشحن التي تكاد تساوي تكلفة الشحن من الصين، إلى جانب ضعف النظام البنكي في بعض الدول الذي يثير قلق المصدرين من تأخر أو عدم تحصيل مستحقاتهم.

وتابع: “أوغندا وكينيا والسنغال، من الأسواق التي يسعى المجلس للبدء في زيادة صادرات القطاع لها كخطوة أولى للدخول إلى باقي الأسواق”.

الدسوقي: “روكال” للمواد العازلة دخلت في تحالفات لتأسيس مخازن قرب الأسواق

وأوضح فادي الدسوقي، العضو المنتدب لشركة روكال للمواد العازلة، أن شركته أدركت أهمية فكرة «البضاعة الحاضرة»، لذلك دخلت في تحالف مع مجموعة من الشركات الأخرى لتأسيس وجود فعال في الأسواق الأفريقية، خاصة في قطاع مواد البناء الذي يمتلك فرصًا كبيرة للتوسع والنمو.

وأشار إلى أن هذا التحالف يهدف لإنشاء مخازن للبضائع في بعض الدول الإفريقية بجانب تأهيل الشركات على التصدير لتلك الدول، تحديدًا القطاعات التي تمتلك فرصًا تصديرية وهى الصناعات الحديثة كالزجاج.

أضاف الدسوقي، لـ «البورصة»، أن شركته تصدر حاليًا نحو 10% من إنتاجها إلى دول الاتحاد الأفريقي، أبرزها الجزائر وتونس والمغرب وليبيا، موضحًا أن التحرك الجماعي عبر التحالفات يزيد من القدرة على توفير المخازن، تنظيم حملات تسويق مباشرة، والوصول إلى عملاء جدد بشكل أسرع.

وأكد أن جزءًا كبيرًا من المشكلة يرجع إلى ضعف وعي المستوردين الأفارقة بوجود اتفاقيات تجارية تقلل الجمارك على المنتجات المصرية، وهو ما يدفعهم أحيانًا للتوجه إلى دول الخليج بدلًا من مصر، لافتا إلى أن التغلب على هذه العقبة يتطلب جهدًا مشتركًا من القطاع الخاص والحكومة لتوسيع حملات التوعية وزيادة الوجود المصري في المعارض المتخصصة.

وهبة: “المصرية للصادرات الصناعية” أسست مع 6 شركات مستودعا لوجستيا في نيروبي

وقالت منى وهبة، العضو المنتدب للشركة المصرية للصادرات الصناعية، إن الشركة دشنت تحالفا ضم 6 شركات محلية، يستهدف إنشاء مستودع لوجستي في العاصمة الكينية نيروبي على مساحة 4000 متر مربع، لدعم النفاذ إلى الأسواق المجاورة وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المصرية.

وأضافت أن المرحلة الأولى من خطة التوسع تتضمن تصدير منتجات القطاعات الكيماوية ومواد البناء خلال أول 6 أشهر، على أن يتم لاحقًا التوسع في تصدير باقي القطاعات الصناعية وفقًا لاحتياجات كل سوق.

وأوضحت وهبة، أن أهمية «البضاعة الحاضرة» في أسواق القارة الإفريقية هى أحد الأسباب وراء إقامة التحالف لزيادة الصادرات المصرية ،وتعزيز الحضور في القارة السمراء، مؤكدة أن التواجد في الأسواق الإفريقية لم يعد رفاهية، بل ضرورة استراتيجية، خاصة أن السودان يُعد بوابة لغرب القارة ويتميز بفرص استثمارية واعدة في مختلف القطاعات.

وقال أحمد شيرين كريم، رئيس شعبة الأسمنت بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية، إن السوق الأفريقي يظل من الأسواق الواعدة للمنتجات المصرية، لكن تواجهه تحديات لوجستية صعبة في مقدمتها عدم وجود خطوط شحن بحري مباشر من مصر إلى العديد من الدول الأفريقية، فضلًا عن ارتفاع التكلفة، وضعف البنية التحتية في بعض الدول.

أضافت أن هذه العقبات لا تخص قطاعًا واحدًا فقط بل تشمل غالبية القطاعات التصديرية المصرية، مؤكدة أن التغلب عليها يتطلب تدخلًا حكوميًا مباشرًا لدعم الشحن وتمويل عمليات التصدير، إلى جانب توسيع نطاق الاتفاقيات التجارية مع دول القارة.