الصناعات التحويلية تعزز النمو وتعيد تشكيل خريطة الاستثمارات

الصناعات التحويلية تعزز النمو وتعيد تشكيل خريطة الاستثمارات

شهدت الصناعات التحويلية غير البترولية، طفرة ملحوظة فى معدلات النمو مدعومة بتطوير منظومة الإفراج الجمركي لمستلزمات الإنتاج، وتحسين مناخ الاستثمار، وتوجه الدولة لتقليل الاعتماد على الاستيراد لصالح تعميق المنتجات محليا.

وقاد قطاع الصناعات التحويلية (الأنشطة التي تقوم بتحويل المواد الخام أو السلع الأولية إلى منتجات نهائية أو منتجات وسيطة قابلة للاستخدام أو الاستهلاك) معدلات النمو الاقتصادى منذ الربع الأخير من العام المالى 2024/2023، وعلى مدار الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2025/2024 بنسبة نمو 7.1% فى الربع الأول، ثم 17.7% فى الربع الثانى، و16.3% في الربع الثالث، وفقا لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية.

السقا: منتجات المطاط تدخل حاليا فى صناعات السيارات والكباري والطرق

قال إيهاب فوزي السقا عضو غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، إن أزمة العملة الأجنبية التى شهدها الاقتصاد المصري خلال الفترات الماضية كانت دافعًا رئيسيًا لتوجه عدد كبير من التجار والمستوردين نحو الصناعات الوطنية كبديل عن الاستيراد المباشر.

أضاف لـ«البورصة»، أن هذا التحول أسهم فى تنشيط قطاع الصناعات التحويلية، لا سيما مع ارتفاع تكلفة الاستيراد وندرة العملة الأجنبية فى السوق المحلي، وهو ما دفع عدد من المستثمرين للدخول فى نشاط التصنيع، بدلًا من الاكتفاء بتداول المنتجات النهائية ما ساعد على تعميق التصنيع وزيادة القيمة المضافة.

أشار فوزي، إلى أن هناك تحسنا ملحوظا فى منظومة الإفراج الجمركي، لعبت دورًا داعمًا فى استقرار دورة الإنتاج، مؤكدًا أن الدولة بدأت تتيح العملة الأجنبية بشكل أكثر انضباطًا، مما ساعد فى توفير المواد الخام ومستلزمات الإنتاج.

وأوضح، أن التركيز فى الوقت الراهن يجب أن يتجه نحو تغطية السوق المحلي أولًا كأولوية ، ما من شأنه أن يقلل من معدلات الاستيراد، على أن يتم التوسع لاحقًا فى التصدير بشكل مستدام.

وكشف أن القطاع شهد إدخال منتجات صناعية جديدة، أهمها مركبات مطاطية متخصصة تدخل فى الصناعات المغذية للسيارات، ومنتجات تدخل فى مشروعات البنية التحتية مثل الكبارى، والمطبات الصناعية، واللافتات الإرشادية، مشيرًا إلى أن هذه النوعية من المنتجات تضيف تنوعًا حقيقيًا لمحفظة الصناعة التحويلية المصرية.

أضاف أن القطاع بدأ يدخل فى تصنيع منتجات جديدة فى مجالات متنوعة منها السيارات والطرق، مما يعكس تطور القطاع فنيًا وهندسيًا.

الليثي: القطاع استفاد من تحسن بيئة الأعمال والتوافر النسبي لمستلزمات الإنتاج

وقال جمال الليثي رئيس غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، إن قطاع الصناعات الدوائية يمثل إحدى ركائز الصناعات التحويلية ذات القيمة المضافة العالية، ويملك مقومات فنية وبشرية تؤهله لزيادة مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالى، ورفع معدلات التصدير إلى الأسواق الخارجية.

أضاف لـ«البورصة»، أن “الصناعات الدوائية” كان من بين القطاعات التي أسهمت فى نمو قطاع الصناعات التحويلية، مستفيدًا من تحسن بيئة الأعمال، وتوافر نسبي فى مستلزمات الإنتاج، مقارنة بفترات سابقة شهدت تأخيرات فى الإفراج الجمركي.

لفت الليثي، إلى أن بعض الشركات المحلية نجحت بالفعل في فتح أسواق جديدة خلال العام المالي الحالي، خاصة فى دول أفريقيا، مدعومة بجهود المجالس التصديرية والمكاتب التجارية بالخارج.

وطالب بطرح مزيد من التحسينات فى مناخ التصدير؛ تتضمن الإسراع فى رد الأعباء التصديرية، وتحسين الشفافية فى تقييم الملفات الفنية الخاصة بالتصدير، وإزالة المعوقات البيروقراطية التى تؤثر على التنافسية.

وتابع: “إذا تم تذليل العقبات الفنية والمالية، فإن قطاع الأدوية قادر على مضاعفة صادراته خلال فترة وجيزة، ما سيعزز مساهمته في مؤشرات النمو”

سرج: التوترات الجيوسياسية أوجدت فرصا أكبر أمام المنتجات الجلدية المصرية

وقال محمود سرج، رئيس المجلس التصديري للجلود والمنتجات الجلدية، إن التحولات الجيوسياسية التى يشهدها العالم، وعلى رأسها التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وعدد من الدول، خلقت فرصًا أكبر أمام الصادرات المصرية للنفاذ إلى أسواق جديدة، فى ظل حاجة العديد من الدول إلى تنويع مصادر استيرادها.

أضاف لـ«البورصة»، أن مصر أصبحت فى موقع تنافسي جيد يسمح للصناعة المحلية، لا سيما فى قطاع الجلود، بتوسيع قدراتها التصديرية، وهو ما دفع العديد من المصانع التى لم تكن تعمل بالتصدير فى السابق إلى التوجه نحو الأسواق الخارجية كخيار أساسى للنمو.

وأكد أن التصدير أصبح ضرورة وليس رفاهية، بالنسبة لاستدامة النشاط الصناعي فى مصر، وهو ما يدفع المجلس التصديري إلى تكثيف برامج التوعية والدعم الفنى للمصنعين لتأهيلهم للأسواق العالمية.

وأشار إلى أن مدينة الجلود بالروبيكي بدأت بالفعل تحقيق نتائج فعلية على صعيد التوسع الإنتاجي والتصديري، إذ دخل عدد من المصانع التى حصلت على وحدات ضمن الطرح الأول مرحلة التشغيل وبدأ بعضها فى تصدير منتجاته فعليًا، خاصة فى قطاع الأحذية والمصنوعات الجلدية.

لويس: الشركات الأجنبية تلعب دورا محوريا فى نمو صادرات الملابس الجاهزة

وقالت مارى لويس عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الملابس باتحاد الصناعات، إن قطاع الملابس الجاهزة يعد أحد أكثر قطاعات الصناعات التحويلية تطورًا خلال الفترة الماضية، لا سيما على مستوى التوسع فى التصدير وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وأضافت لـ«البورصة»، أن القطاع شهد طفرة حقيقية بفضل الشركات متعددة الجنسيات التى تحقق نموًا سنويًا مرتفعًا في صادراتها، وتتمتع بمرونة في التوسع داخل الأسواق الخارجية.

لفتت لويس، إلى أن المجلس يعمل على توسيع قاعدة الشركات المصدرة، ودعم مشاركتها فى البعثات التجارية، والترويج للمنتجات المصرية فى أسواق أوروبا وأمريكا اللاتينية والدول الأفريقية.

وأشارت إلى أن الاتفاقيات التجارية الإقليمية والدولية تلعب دورًا محوريًا في جذب الشركات الأجنبية للاستثمار محليًا، من خلال منحها إعفاءات جمركية تعزز من قدرتها على تصدير المنتجات بأسعار تنافسية.

خطاب: تيسير استيراد مدخلات الإنتاج يرفع تنافسية الصناعات التحويلية

وقال محمد خطاب رئيس شعبة الزجاج بغرفة مواد الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، إن قطاع الصناعات التحويلية يشهد مرحلة استعادة توازنه بشكل تدريجى.

أضاف لـ«البورصة»، أن الصناعات التحويلية ومن بينها البلاستيك كانت من أكثر القطاعات تأثرًا بنقص العملة الصعبة وصعوبة الإفراج الجمركى عن مستلزمات الإنتاج خلال الفترات الماضية، وهو ما قيد قدرتها على التشغيل والنمو، لكن التطورات الأخيرة خلقت مناخًا أفضل للإنتاج، وساهمت فى تخفيف الأعباء عن المصنعين.

وأشار خطاب، إلى أن الزجاج يصنف ضمن الصناعات التحويلية كثيفة التشغيل، وذات قدرة عالية على خلق قيمة مضافة من الخامات المحلية، مؤكدًا أن الفترة الحالية تشهد توسعًا من جانب بعض المصانع لزيادة طاقتها الإنتاجية، مع بدء تحسّن تدفق الخامات واستقرار سعر الصرف نسبيًا.