شركات يونانية تستكشف أوروبا لعودة الكفاءات الوطنية المهاجرة

شركات يونانية تستكشف أوروبا لعودة الكفاءات الوطنية المهاجرة

تجوب وزيرة العمل اليونانية أنحاء أوروبا ، في جولة لإقناع مواطنيها الذين هاجروا خلال أزمة الديون، بالعودة والمشاركة في إعادة بناء سوق العمل، بعد أكثر من عقد على موجة نزوح ضخمة فر خلالها عشرات الآلاف بحثاً عن مستقبل أفضل.

تقود نيكي كيراميوس وفوداً تضم كبار أصحاب الأعمال اليونانيين في جولات أوروبية من لندن إلى أمستردام، حاملةً رسالة واضحة وجريئة: “اليونان لم تعد كما كانت يوم غادرتموها”.

وقالت كيراميوس في تصريحات لصحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية: “في البداية، يسود شعور سلبي. فهم يرون فينا ممثلين عن الدولة التي دفعتهم للمغادرة. والتحدي الأكبر هو أن نثبت لهم أن اليونان اليوم لا تمت بصلة ليونان عام 2010 أو 2012”.

كانت اليونان قد عانت من تقلص حاد في القوى العاملة وخسارة بالغة في المهارات الحيوية على امتداد قطاعات الاقتصاد.

وقد غادر البلاد أكثر من 600 ألف يوناني، معظمهم من الشباب ذوي التعليم العالي، بين عامي 2010 و2021، بعد أن غرقت الدولة في أعمق ركود اقتصادي عرفه أي اقتصاد متقدم في زمن السلم.

وأظهرت دراسة أعدتها مؤسسة “براين ريجين” العام الماضي أن انخفاض الأجور وضيق آفاق التقدم المهني، إلى جانب الشعور بغياب الجدارة والاستحقاق، تمثل أسباباً رئيسية وراء تردّد الكثيرين في العودة.

لكن هناك مؤشرات أولية على أن اتجاه النزوح ربما بدأ يتراجع.

ففي عام 2023، وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات، سجلت البلاد ولأول مرة منذ عام 2009 دخول عدد من الأشخاص يفوق عدد المغادرين.

ولا يزال غير واضح عدد أصحاب المهارات بين هؤلاء العائدين.

وبحسب كبير الاقتصاديين لدى “يورو بنك” اليوناني، تاسوس أنستاساتوس، فإن نحو 60% من العائدين في عام 2023 تتراوح أعمارهم بين 20 و44 عاماً، وهي الفئة العمرية الأكثر إنتاجاً في سوق العمل.

وتعرض الحكومة اليونانية مجموعة من الحوافز لجذب العائدين، من بينها خفض ضريبي بنسبة 50% على الدخل لمدة سبع سنوات، للمغتربين الذين قضوا خمس سنوات أو أكثر في الخارج.

وقد استفاد من هذا البرنامج نحو 6,000 شخص منذ عام 2020، لكن مسؤولين يؤكدون أن هذا الجهد يعتمد بقدر كبير على تغيير الانطباعات بقدر ما يعتمد على السياسات نفسها.

ورغم ارتفاع متوسط الأجور بنسبة 28% منذ عام 2016، إلا أن دخول أصحاب الرواتب الأعلى من 1600 يورو شهرياً بالكاد واصلت مواكبة التضخم.

وقال ديميتريس مالياروبولوس، مستشار السياسات الاقتصادية في البنك المركزي اليوناني: “لا يمكن بناء تعافٍ مستدام ما لم تكن الأجور تنافسية للكفاءات. لا وجود للنمو دون رأس مال بشري. وبدون استثمارات جدية في التعلم المستمر، الذي لا يزال أدنى من متوسط الاتحاد الأوروبي، فإننا نواجه خطر التراجع أكثر فأكثر”.

وتبقى الروابط العاطفية المحرك الأقوى، إذ أشار استطلاع “براين ريجين” إلى أن أكثر من نصف العائدين المحتملين تحفزهم الروابط العائلية والشخصية، في حين قال نحو 32% إنهم يفتقدون الطقس المعتدل.