الصينيون يتصدرون قائمة المستثمرين الأجانب في سوق العقارات الأمريكية خلال أزمة القطاع العقاري في بلادهم.

واصل الصينيون تصدرهم لقائمة المشترين الأجانب للعقارات السكنية في الولايات المتحدة خلال العام الماضي، وفقًا لتقرير جديد صادر عن الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين الأمريكية، حيث ارتفعت نفقاتهم في القطاع العقاري بنسبة 83% مقارنة بعام 2024.
وكشف التقرير الصادر عن الرابطة أن المشترين الصينيين أنفقوا 13.7 مليار دولار من أصل 56 مليار دولار تمثل إجمالي إنفاق الأجانب على شراء العقارات السكنية الأمريكية خلال الفترة الممتدة من أبريل 2024 إلى مارس 2025، أي ما يزيد على ضعف استثماراتهم في العام السابق البالغة 7.5 مليار دولار، ويكاد يعادل ما أنفقوه في 2024 والذي بلغ 13.6 مليار دولار، بحسب ما نقلته صحيفة “نيوزويك” الأمريكية.
أما من حيث عدد الوحدات السكنية القائمة التي تم شراؤها من قبل الأجانب، فقد استحوذ المشترون الصينيون على 11,700 وحدة من إجمالي 78,100 وحدة تم شراؤها، ما يمثل نحو 15% من إجمالي المشترين الأجانب، متقدمين على المشترين من كندا (14%)، والمكسيك (8%)، والهند (6%)، والمملكة المتحدة (4%).
كما أظهر التقرير أن المشترين الصينيين دفعوا أعلى متوسط سعر بين الجنسيات الخمس الكبرى، حيث بلغ متوسط سعر العقار الواحد 1,168,800 دولار، في حين بلغ السعر الوسيط 759,600 دولار.
ورأى مات كريستوفرسون، مدير أبحاث الأعمال والمستهلكين في رابطة الوسطاء العقاريين الأمريكية، أن الأزمة العقارية المتفاقمة في الصين تمثل أحد الأسباب الرئيسية وراء الإقبال المتزايد من قبل المستثمرين الصينيين على سوق العقارات الأمريكي.
ورغم أن قطاع العقارات الصيني كان يمثل في ذروته نحو 25% من إجمالي الناتج المحلي للصين، و38% من إيرادات حكومة بكين، ولعب دورًا محوريًا في دفع النمو الاقتصادي المتسارع للبلاد على مدى العقود الماضية، إلا أن التوسع المفرط في الاقتراض والمضاربة أدى إلى انهيارات متلاحقة، بدأت مع إفلاس مجموعة “إيفرجراند” عام 2021، وتبعها شركات أخرى كـ”كونتري جاردن”، مما زاد من اضطراب السوق.
ومنذ ذلك الحين، يشهد القطاع العقاري في الصين تراجعًا حادًا في الأسعار وتأخيرات في تنفيذ المشروعات؛ وهو ما يلقي بظلاله على الاقتصاد الصيني بشكل عام، رغم المحاولات الحكومية المتكررة لدعم السوق العقارية.
وأضاف كريستوفرسون: “تأخر تعافي سوق العقارات في الصين بعد الجائحة دفع المستثمرين الصينيين إلى البحث عن فرص استثمارية بديلة أكثر أمانًا، وخاصة في الأسواق الأمريكية ذات الأداء القوي”، مشيرًا إلى أن استمرار استثمارات الصين في الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري الأمريكية يعكس ثقتها في السوق الأمريكي، لاسيما في ظل الطلب المتزايد على الإيجارات نتيجة ضعف القدرة الشرائية لدى الأمريكيين.
وأشار إلى أن نسبة لا يستهان بها من المشترين الصينيين هم من الطلاب الذين يشترون وحدات سكنية خلال فترة دراستهم في الولايات المتحدة، حيث يُقدَّر أن نحو خُمس المشترين الصينيين يندرجون ضمن هذه الفئة.
وتُعد ولاية كاليفورنيا الوجهة الأولى للمشترين الصينيين، إذ استحوذت على 36% من إجمالي مشترياتهم داخل الولايات المتحدة، تلتها ولايتا ماريلاند ونيويورك بنسبة 9% لكل منهما، ثم هاواي (5%)، وجورجيا، أيداهو، لويزيانا، كارولاينا الشمالية وواشنطن بنسبة 4% لكل منها، وأخيرًا أريزونا وديلاوير وفلوريدا بنسبة 3% لكل ولاية.
وأوضح كريستوفرسون أن الإقبال على كاليفورنيا يعود إلى قربها الجغرافي من الصين، وتوافر الفرص الاقتصادية بها باعتبارها رابع أكبر اقتصاد عالمي، بالإضافة إلى الروابط الثقافية القوية للجاليات الصينية المنتشرة في عدد من أسواق الولاية، لافتًا إلى أن انخفاض القدرة على تملك المساكن في كاليفورنيا يؤدي إلى ارتفاع الطلب على الإيجارات، ما يشكل فرصة استثمارية واعدة للمشترين الباحثين عن عوائد إيجارية.
أما ولاية ماريلاند التي تقع بها العاصمة واشنطن، فرغم أنها ليست وجهة رئيسية لدى المشترين الأجانب الآخرين، فإنها تحظى بإقبال كبير من الصينيين، إذ غالبًا ما يبحث المشترون عن منازل منفصلة تُستخدم كمقر إقامة رئيسي أو للاستثمار الإيجاري، خاصة في منطقة العاصمة وما حولها.
وبحسب التقرير، فإن 57% من المشترين الصينيين يقيمون داخل الولايات المتحدة، ما يشير إلى توجههم لشراء وحدات سكنية بغرض الإقامة الدائمة أو الاستثمار المحلي، وليس فقط للاستخدام المؤقت.
المصدر:
وكالة أنباء الشرق الأوسط