توقعات بتراجع الطلب العالمي على وقود الطائرات مع استمرار انخفاضه عن مستويات ما قبل جائحة “كورونا”

توقع خبراء الأسواق أن يشهد تعافي الطلب العالمي على وقود الطائرات تباطؤًا هذا العام والمقبل، ليستقر دون مستويات ما قبل جائحة “كورونا”، وذلك في ظل انخفاض وتيرة سفر الصينيين إلى الخارج، وتأثير سياسات الهجرة الصارمة في الولايات المتحدة على تدفق السياح، فضلًا عن تطور أساطيل الطائرات لتصبح أكثر كفاءة في استهلاك الوقود.
وذكرت منصة “إنفيستنج” الاقتصادية أن وقود الطائرات يمثل نحو 7% من إجمالي استهلاك الوقود عالميًا، ما يعني أن أي تراجع في استهلاكه يضغط على الطلب الكلي على النفط ويضعف الأسعار عالميًا، كما يؤدي انخفاض استخدامه لتقليل مصدر لانبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 2.3%.
وعقب جائحة كورونا، تخلفت وتيرة استهلاك وقود الطائرات عن تعافي منتجات نفطية أخرى مثل المازوت والبنزين، مدفوعة بتراجع الرحلات طويلة المدى من آسيا، وخاصة الصين، وذلك في ظل الضغوط على إنفاق المستهلكين التي ساهمت في الحد من ميزانيات السفر.
وقدرت وكالة الطاقة الدولية في توقعاتها لشهر يونيو الماضي، أن يصل استهلاك وقود الطائرات إلى 8 ملايين برميل يوميًا بحلول 2027، متجاوزًا مستوى 2019 البالغ 7.9 ملايين برميل يوميًا، بعد أن كانت قد توقعت سابقًا عودته إلى هذا المستوى العام الماضي.
وارتفع الطلب العالمي على وقود الطائرات بنسبة 5.6% العام الماضي، لكن الوكالة تتوقع تباطؤ النمو إلى 1.32% في 2025، و1.29% في العام التالي.
ففي الولايات المتحدة، أدت تشديدات الرئيس دونالد ترامب على سياسات الهجرة إلى ردع بعض المسافرين عن زيارة البلاد، إحدى أكثر الوجهات جذبًا عالميًا، خوفًا من التعرض للاحتجاز، وأبدت صناعة الطيران مخاوفها من أن تؤدي سياسات ترامب التجارية القائمة على فرض الرسوم الجمركية إلى إبطاء النمو الاقتصادي العالمي وبالتالي تقليص الطلب على السفر الجوي.
من جانبهم..توقع خبراء “جي بي مورجان” للاستشارات المالية أن يظل الطلب العالمي على وقود الطائرات مستقرًا هذا الصيف في نصف الكرة الشمالي، وهو موسم الذروة التقليدي للسفر، مع بقاء الطلب الأمريكي ثابتًا عند 1.7 مليون برميل يوميًا حتى 2026، بعدما تخطى 2 مليون برميل يوميًا في مايو للمرة الأولى منذ 2019، كما يُتوقع استقرار الطلب في أوروبا خلال الربع الثالث من العام.
وبدورها..قالت ناتاشا كانيفا المحللة في “جي بي مورجان” – في مذكرة بحثية – “نحافظ على نظرة حذرة تجاه السفر الجوي، وذلك في ظل الضبابية الاقتصادية العامة وتشديد سياسات الهجرة الأمريكية التي تقلل من السفر المتجه إلى الولايات المتحدة”.
وتتوقع شركة الاستشارات “بي إم آي”، التابعة لمجموعة “فيتش”، انخفاضًا في أعداد القادمين إلى الولايات المتحدة بنسبة 16.3% في 2025، فيما أظهرت بيانات شركة “سيريوم” لتحليلات الطيران انخفاضًا متوقعًا في أعداد الركاب القادمين من المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة بنسبة 1.2% في 2025 مقارنة بالعام الماضي، مع تراجع حجوزات الأوروبيين عمومًا.
أما على مستوى الرحلات الداخلية الأمريكية، فقد أظهرت بيانات الاتحاد الدولي للنقل الجوي انكماشًا بنسبة 1.7% على أساس سنوي في مايو، وهو السوق المحلي الوحيد الذي شهد تراجعًا.
وتُعتبر الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، من آخر الدول التي خرجت من قيود الإغلاق، ويُفضل مواطنوها السياحة الداخلية، جزئيًا بسبب مخاوف من الرحلات الطويلة بعد أن علِق بعضهم في دول مختلفة أثناء الجائحة.
ووفقًا لبيانات شركة “كيبلر”، فإن سعة الرحلات الدولية من وإلى الصين لا تتجاوز 9% مقارنة بـ29% في الولايات المتحدة، ورغم تعافي السفر المحلي إلى مستويات عام 2019، ويتوقع بنك “ماكواري” أن يظل نمو الرحلات الإجمالي في الصين ضعيفًا على أساس سنوي.
وفي إندونيسيا، أكبر سوق في جنوب شرق آسيا، أظهرت بيانات شركة “أو إيه جي” الاستشارية تراجعًا بعدد المقاعد على الرحلات الداخلية والدولية بنسبة 4.1% في يونيو على أساس سنوي، مع تسجيل انخفاضات منذ بداية العام.
ويسهم تطور الكفاءة وتحسن استهلاك الوقود في الطائرات الحديثة أيضًا في كبح الطلب على وقود الطائرات، مع قدرتها على نقل المزيد من الركاب لمسافات أطول باستهلاك أقل.
وأوضحت شركة “إيرباص” أن طائرتها الجديدة ستكون أكثر كفاءة في استهلاك الوقود بنسبة 20-30% مقارنة بالجيل الحالي من الطائرات، ومن المتوقع أن تدخل الأجيال الحديثة الخدمة خلال 10 إلى 15 عامًا، أما طائرة “737 ماكس” من شركة بوينج، الجيل الرابع من طراز 737، فهي أيضًا أكثر كفاءة بنحو 15% مقارنة بالجيل السابق.
وقال كوون ويسلز رئيس قسم الطلب في “إنرجي أسبكتس” لاستشارات الطاقة “لا نتوقع تغييرات كبيرة العام المقبل فيما يخص الاتجاهات الخاصة بزيادة كفاءة الطائرات أو تأثيرات الضبابية الاقتصادية العالمية على السفر”.
وأضاف “العبء يقع على عاتق الطلب الصيني لدفع النمو العالمي للوقود.. لكن هذا يعتمد بدرجة كبيرة على المستهلك الصيني الذي ما زال متحفظًا في الإنفاق منذ الجائحة”.