من المخاطر إلى العوائد: طريقة الاستثمار في العقارات

شهد القطاع العقاري خلال السنوات الأخيرة إقبالًا متزايدًا من الأفراد والمستثمرين، سواء من خلال شراء وحدات بغرض السكن أو الاستثمار، في ظل اعتباره أحد أهم أدوات الحفاظ على قيمة الأموال وتحقيق عوائد مالية مجزية.
وتتنوع طرق الاستثمار في القطاع العقاري ما بين الاستثمار المباشر، أو عبر الملكية التشاركية، أو من خلال شراء أسهم الشركات العقارية المدرجة في البورصة، ولكل طريقة مزاياها وتحدياتها.
الاستثمار المباشر: سيطرة كاملة ومخاطر تنظيمية
قال محمد سمير، الرئيس التنفيذي لشركة إيليت للاستشارات والتمويل العقاري، إن الاستثمار المباشر في العقارات يظل الأكثر شيوعًا، إذ يُقدم المستثمر على شراء وحدة سكنية أو تجارية بهدف تحقيق عوائد من الإيجار أو من إعادة البيع لاحقًا.
وأوضح أن هذا النوع من الاستثمار يمنح المستثمر سيطرة كاملة على الوحدة، ويتيح له الاستفادة من ارتفاع قيمتها بمرور الوقت، مما يحقق أرباحًا كبيرة عند البيع، بالإضافة إلى عوائد منتظمة في حال التأجير.
لكن في المقابل، أشار سمير إلى وجود تحديات تواجه هذا النوع من الاستثمار، أبرزها غياب قانون واضح ينظم العلاقة بين المطورين والمشترين، مما يحول كثيرًا من العقود إلى «عقود إذعان». كما أن التعامل مع مطورين يفتقرون إلى الخبرة يؤدي إلى تأخر أو توقف بعض المشروعات.
الملكية التشاركية: فرصة لصغار المستثمرين
وتطرق سمير إلى طريقة الاستثمار الجزئي أو «الملكية التشاركية»، والتي تعني شراء المستثمر لحصة صغيرة في مشروع عقاري بالمشاركة مع آخرين، وهو ما يفتح الباب لصغار المستثمرين لدخول السوق العقاري دون الحاجة لرأس مال كبير.
أضاف أن هذا النوع يتيح توزيع المخاطر بين عدد من المستثمرين، وتحقيق عوائد نسبية وفقًا لنسبة المساهمة. إلا أن ضعف الإطار التشريعي المنظم لهذا النشاط، خاصة من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية، لا يزال أحد أبرز التحديات، مشددًا على ضرورة دعم صناديق الاستثمار العقاري لتشمل المشروعات تحت الإنشاء وليس فقط المشروعات القائمة.
الاستثمار في الأسهم: عوائد سريعة وسلاح ذو حدين
قال مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إن الاستثمار في أسهم الشركات العقارية المدرجة يُعد من الخيارات التي تحقق عوائد سريعة ولا تتطلب رأسمال كبير.
وأوضح أن من أبرز مزايا هذا النوع من الاستثمار هو تنويع المحفظة وتقليل المخاطر المرتبطة بنوع واحد من الأصول، بالإضافة إلى إمكانية زيادة قيمة السهم مع الوقت وتحقيق أرباح من فروق الأسعار.
لكنه نبّه إلى أن الاستثمار في الأسهم العقارية لا يخلو من التحديات، إذ قد تتأثر أسعار الأسهم بتقلبات السوق أو أوضاع الاقتصاد الكلي مثل التضخم أو تباطؤ الطلب على العقارات، مما يجعل هذا النوع من الاستثمار «سلاحًا ذا حدين» بحسب تعبيره.
أرقام قياسية في ذروة التضخم
أثبتت العقارات في مصر خلال السنوات الأخيرة أنها أحد أهم أدوات التحوط أمام ارتفاع الأسعار، خصوصًا مع وصول معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة تجاوزت 40% في بعض الفترات.
وقد دفعت هذه الظروف شريحة واسعة من المواطنين والمستثمرين إلى الاتجاه نحو العقار كوسيلة لحفظ القيمة، وهو ما تُرجم في ارتفاعات غير مسبوقة في الطلب والأسعار، خاصة خلال عام 2023 وبداية 2024.
وخلال تلك الفترة، حققت الشركات العقارية أرقامًا قياسية في المبيعات، مع تسجيل بعض الشركات نموا تجاوز 100% في عدد التعاقدات مقارنة بالسنوات السابقة، وهو ما عكس اندفاعًا استثماريًا جماعيًا لحيازة الأصول الثابتة، على رأسها العقارات.
ورغم أن الطلب كان مدفوعًا بشكل أساسي برغبة في التحوط لا بغرض السكن، إلا أن أثره كان واضحًا على نتائج أعمال الشركات، التي استفادت من موجة ارتفاع الأسعار لتعزيز هوامش الربحية وتحقيق قفزات في الإيرادات