مجلس النواب يقر بشكل أولي مشروع قانون إيجارات المساكن القديمة

وافق مجلس النواب، خلال جلسته العامة اليوم الثلاثاء، من حيث المبدأ، على مشروع قانون الإيجار القديم.
وواصل المجلس مناقشة البيانات المقدمة من الحكومة، وقال المستشار حنفي جبالي، رئيس المجلس: «أتوجه بالشكر إلى الحكومة على سرعة تقديمها عددًا من البيانات والإحصاءات الدقيقة إلى أمانة المجلس في التاسعة صباحًا، وذلك من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ووزارتي الإسكان والتنمية المحلية».
وشدّد رئيس مجلس النواب على ضرورة التزام الحكومة بتوفير البيانات اللازمة، والتي طالب بها عدد من النواب، وذلك بهدف الوصول إلى تعديل تشريعي متوازن.
كما أكد رئيس المجلس على أهمية تقديم البيانات المتعلقة بوحدات الإيجار القديم للمستأجرين الأصليين، وكذلك حصر الأماكن المتاحة لإقامة مشروعات إسكان بديل للإيجار القديم في مختلف المحافظات، على أن تُقدَّم هذه البيانات قبل موعد الجلسة بوقت كاف، وتُتاح لرؤساء الهيئات البرلمانية.
ووافقت لجنة الإسكان على المشروع، الذي يُعد تنفيذًا مباشرًا لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في نوفمبر 2024 بشأن عدم دستورية ثبات القيمة الإيجارية، والذي دعا المجلس لتعديل القانون قبل نهاية دور الانعقاد الحالي في يوليو المقبل.
حصلت «البورصة» على ملفين صادرين عن اللجنة المشتركة، يتناول أحدهما الصيغة التشريعية النهائية للمشروع، بينما يعرض الآخر تفاصيل الحوار المجتمعي والإحصاءات والمقترحات التي أحاطت بإعداده.
وتضمن مشروع القانون إنهاء العلاقة الإيجارية بعد فترة انتقالية مدتها 7 سنوات للأماكن المؤجرة لغرض السكنى، و5 سنوات للأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعيين لغير غرض السكني.
وألزم المشروع المستأجر بإخلاء المكان المؤجر وردّه إلى المالك بانتهاء الفترة الانتقالية، مع النص على إلغاء كافة قوانين الإيجار القديم فور انتهاء هذه المدة، لتخضع بعدها جميع عقود الإيجار لأحكام القانون المدني وفقًا لإرادة الطرفين.
كما شمل المشروع إعادة النظر في القيمة الإيجارية للوحدات المؤجرة بنظام الإيجار القديم، حيث نص على زيادات قانونية تدريجية، تبدأ بزيادة إيجار الوحدات السكنية في المناطق المتميزة إلى عشرين ضعف القيمة القانونية الحالية وبحد أدنى 1000 جنيه، وعشرة أضعاف في المناطق المتوسطة والاقتصادية، بحد أدنى 400 جنيه و250 جنيه على التوالي.
ينطلق مشروع القانون من فلسفة تستند إلى أحكام المحكمة الدستورية العليا، التي أقرت منذ عام 2002 وحتى نوفمبر 2024، بأن قوانين الإيجار القديمة تشريعات استثنائية مؤقتة لا يجوز استمرارها دون مراجعة تشريعية، وأن الامتداد القانوني لعقود الإيجار يخل بمبدأ التوازن العقدي ويقيد الملكية الخاصة.
ويهدف المشروع إلى معالجة الاختلال القائم في العلاقة الإيجارية، وتمكين المالك من استعادة ملكه فور انتهاء مدة الإيجار القانونية، من خلال إقرار آلية قضائية سريعة عبر قاضي الأمور الوقتية لطرد الممتنع عن الإخلاء، دون أن يخل ذلك بحق المستأجر أو خلفه في اللجوء للقضاء الموضوعي.
وعُقدت سبع جلسات للحوار المجتمعي في مايو الماضي، بمشاركة 96 نائبًا و23 ممثلًا عن الجهات الرسمية، وبلغ إجمالي زمن المناقشات 33 ساعة، جرى خلالها استعراض كافة وجهات النظر، وتقديم مقترحات تتعلق بفترات الإنهاء التدريجي للعقود، ونسب الزيادة الإيجارية، والتفاوت بين السكني وغير السكني، والمناطق المتميزة والمتوسطة والاقتصادية.
أظهرت بيانات التعداد العام للسكان والإسكان لعام 2017، التي عرضها اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن عدد الأسر التي تقيم في وحدات مؤجرة بنظام الإيجار القديم بلغ مليونًا و642 ألفًا و870 أسرة، بما يمثل 7% من إجمالي عدد الأسر المصرية، ويعيش في هذه الوحدات أكثر من 6.1 مليون شخص. وقد تركزت هذه الأسر بنسبة 82% في أربع محافظات فقط، هي القاهرة، والجيزة، والإسكندرية، والقليوبية.
كما بلغ عدد الوحدات المؤجرة بنظام الإيجار القديم 3 مليون وحدة، أي ما يمثل 7% من إجمالي الوحدات في مصر، بينما كانت 5.5 مليون وحدة في تعداد 2006، أي بانخفاض يقارب 2.5 مليون وحدة خلال 11 عامًا.
وتشير البيانات إلى أن أكثر من 1.1 مليون وحدة من هذه الوحدات مغلقة أو غير مستخدمة، منها نحو 300 ألف وحدة مغلقة بسبب سفر الأسرة للخارج، وأكثر من 575 ألف وحدة مغلقة لأسباب أخرى. في حين أن 1.8 مليون وحدة فقط مستخدمة فعليًا للسكن.
أما من حيث القيمة الإيجارية، فـ36% من الأسر تدفع أقل من 50 جنيهًا شهريًا، و20% بين 50 و100 جنيه، و18% بين 100 و200 جنيه، بينما لا تدفع سوى 1,942 أسرة إيجارًا شهريًا يتجاوز 900 جنيه.
اتجهت أغلب آراء المشاركين في الحوار المجتمعي إلى ضرورة تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في نوفمبر 2024 بشأن إلغاء الامتداد القانوني لعقود الإيجار، مع التباين في مقترحات آلية التطبيق.
وقد تضمنت المقترحات زيادات تدريجية في القيمة الإيجارية تصل إلى عشرة أضعاف القيمة الحالية، مع فروق بحسب طبيعة المنطقة (متميزة، متوسطة، اقتصادية)، ووضع حد أدنى يبدأ من 250 جنيهًا في المناطق الاقتصادية، و400 جنيه في المتوسطة، و1000 جنيه في المتميزة.
واقترح البعض زيادة سنوية ثابتة بنسبة 15% طوال فترة سريان القانون، ورفع الزيادة إلى 20 ضعفًا في العقارات غير السكنية.
كما طُرحت عدة سيناريوهات لإنهاء العلاقة التعاقدية، منها الإنهاء الفوري للعقود، أو منح فترات انتقالية تتراوح بين سنة و15 سنة وفقًا لحالة الوحدة والمستأجر، مع ضرورة تمييز الفئات المستحقة للدعم. واقترح البعض تدخل الدولة بدور تعويضي، سواء عبر التزامها بتوفير سكن بديل، أو تقديم تعويض نقدي بنسبة تصل إلى 30% من قيمة الوحدة، أو تمليك المستأجر للمنفعة بنسبة تصل إلى 50%، أو منحه وحدة بديلة بنظام الإيجار التمويلي أو قطعة أرض.
وطُرح أيضًا اقتراح بإنشاء صندوق عقاري لتمويل هذا الدعم من حصيلة الضرائب العقارية على الوحدات القديمة المؤجرة.
وقد جاء النص التشريعي لمشروع القانون بإضافة المادة “2 مكرر” إلى القانون رقم 4 لسنة 1996، والتي تلزم المستأجر أو خلفه العام أو الخاص بإخلاء الوحدة المؤجرة وردها إلى المالك أو المؤجر في نهاية المدة، مع منح الحق للأخير في اللجوء إلى قاضي الأمور الوقتية لإصدار أمر بالطرد دون الإخلال بحقوق التعويض، ودون أن يترتب على رفع دعوى موضوعية من جانب المستأجر وقف تنفيذ أمر الإخلاء.
وأوصت اللجنة بالموافقة على مشروع القانون بصيغته المعدلة، مشيرة إلى أنه يحقق التوازن المنشود بين حقوق الملاك والمستأجرين، ويعيد العلاقة الإيجارية إلى مسارها الطبيعي وفقًا لأحكام القانون المدني.