لكن هل السعادة مستحيلة؟!

لكن هل السعادة مستحيلة؟!

شبكة تواصل الإخبارية تقدم لكم خبر

ستجد في كتاب “فن العيش الحكيم” للفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور،  نظرة أعمق للحياة، وأؤكد لك  إن قرأته، ستغير طريقتك في التفكير إلى الأبد…

أرجوك  لا تستعجب ولا تندهش، فالكتاب ليس نظريات فلسفية، بل دليل عملي لفهم طبيعة الحياة والتعامل معها بواقعية، فهذا الفيلسوف الألماني سيضع بين يديك نصائح تجعلك، على الأقل، مدركًا أبعاد العالم الذي تعيش فيه، وسترى رؤية جريئة في كيفية المواجهة اليومية…

بدأ الفيلسوف مقدمة كتابه بإشارة ذكية، بقوله إن الفيلسوف أرسطو قسَّم الخيرات في حياة الناس إلى ثلاثة أنواع:

 خيرات مادية،وخيرات معنوية،و خيرات بدنية…وأضاف أنه يعتقد، استنادًا إلى هذا التقسيم الثلاثي، بأن الحياة البشرية محكومة عمومًا بثلاثة شروط، وهي:

الشرط الأول: “الكينونة”، أي ما نحن عليه، ولها صلة بشخصية الإنسان بمعناها الشامل، وتشمل الصحة، والقوة، والجمال، والمزاج، والطبع الأخلاقي، والذكاء…

الشرط الثاني: “الحيازة”، أي ما عندنا، أو ما نملكه من أشياء…

الشرط الثالث: “التمثّلات”، أي ما نمثله في أعين الآخرين وموازينهم، أو بالأحرى، الطريقة التي يتمثلنا بها الآخرون، والدالة على مدى تقديرهم لنا من عدمه، وهو ما يتبين من خلال آرائهم التقديرية، التي يصنّفون الناس اعتمادًا عليها، والقائمة على معايير الشرف، والمكانة، والمجد.

وأشار إلى أن الاختلافات الموجودة على المستوى الأول،، هي الاختلافات الطبيعية نفسها بين الناس بصفتهم أفرادًا… لذلك، نُقدّر، أن تأثيرها على سعادة الإنسان أو تعاسته حاسم، لو قارنَّاه بالقواعد العامة والتوجيهات الإجمالية التي هي من وضع الناس أنفسهم..

وقد يطرح البعض تساؤلات وجيهة، مثل: قبل أن تتحدث عن هذا الكتاب، الذي تراه هامًا، حدّثنا عن المؤلف حتى تكتمل عندنا الصورة… 

وكل من يسأل مثل هذا السؤال له حق، وأقول له إن مؤلف هذا الكتاب هو الفيلسوف آرثر شوبنهاور، وهو أحد أبرز الفلاسفة الألمان في القرن التاسع عشر، ويعد واحدًا من أكثر الفلاسفة تأثيرًا في الفكر الحديث، ولا تزال أفكاره تُناقش وتُلهم الفلاسفة حتى اليوم… فهو يُعرف بنظرته العميقة للحياة والإرادة البشرية، وله فلسفته الخاصة في رؤيته للإرادة كمبدأ أساسي للحياة. فهو يعتقد أن العالم يتمحور حول الإرادة، وليس العقل أو المنطق، ويرى أن الإرادة هي القوة الدافعة وراء كل شيء.

والأهم أنه كان يرى أن الحياة بطبيعتها معاناة، حيث يسعى الإنسان دائمًا لتحقيق رغباته، ولكن بمجرد تحقيقها، تنشأ رغبات جديدة، مما يجعله في حلقة لا نهائية من عدم الرضا، وبذلك، يكون الألم هو الحالة الدائمة، بينما السعادة مجرد استراحة قصيرة.

ورغم هذه الرؤية، كان يؤمن بأن الفن، وخاصة الموسيقى، يمكن أن يكون وسيلة للهروب من معاناة الحياة، وكان يرى أن الموسيقى تعبر عن الإرادة بشكل نقي، وتمنح الإنسان تجربة فريدة تجعله يتجاوز الألم الوجودي…

الأجمل أن فلسفته كان لها تأثير كبير على الفلاسفة، والعلماء، والمفكرين في مختلف المجالات. فقد استوحى الفيلسوف نيتشه بعض أفكاره منه، وتأثر به العالم النمساوي الشهير سيجموند فرويد في نظريته حول اللاوعي في مجال علم النفس. كما ساعدت أفكاره حول الإرادة واللاوعي في تمهيد الطريق لنظريات حول الدوافع النفسية اللاواعية، ولا تزال فلسفته تجد صدى في مجالات مثل التحليل النفسي، والفكر الفلسفي المرتبط بالوعي…

كما وجد العديد من الأدباء، مثل تولستوي وتوماس مان، في أفكاره مصدرًا للإلهام، وانعكست رؤيته في أعمال العديد من الكتّاب، مثل كافكا ودوستويفسكي، كما تأثر به الفيلسوف الوجودي جان بول سارتر في فهمه لمفاهيم الحرية…

لكن،  كيف نعيش حياة ذات معنى وهل من المستحيل تحقيق السعادة ؟

 

الأسبوع القادم، بإذن الله، أكمل القراءة في كتاب  “فن العيش الحكيم” للفيلسوف آرثر شوبنهاور…