«إم إن تي-حالاً».. من تطبيق جديد إلى واحد من أبرز المقرضين في مصر

«إم إن تي-حالاً».. من تطبيق جديد إلى واحد من أبرز المقرضين في مصر

في أقل من عشر سنوات، تحوّلت شركة «إم إن تي-حالاً» (MNT-Halan) من تطبيق ناشئ إلى إحدى أكبر جهات الإقراض في مصر، بعدما تجاوزت محفظة قروضها في السوق المحلية وحده 700 مليون دولار، متفوقة بذلك على معظم البنوك التقليدية في البلاد.

وبحسب ما أكده المؤسس الشريك والرئيس التنفيذي منير نخلة، بلغت القيمة الإجمالية لمحفظة القروض في جميع أسواق الشركة 1.3 مليار دولار، ما يعكس النمو السريع الذي حققته الشركة في أسواق متعددة خلال فترة زمنية قصيرة.

تأسست الشركة في عام 2017 كتطبيق لحجز سيارات الأجرة، ويعني اسمها «فوراً» باللهجة المصرية، قبل أن تتحول إلى مجال الخدمات المالية بعد استثمار من شركة «إم إن تي إنفستمنتس» (MNT Investments) الهولندية المتخصصة في الإقراض الصغير.

منذ ذلك الحين، وسّعت الشركة نطاق خدماتها بوتيرة متسارعة لتشمل التمويل الأصغر، وقروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتمويل المركبات الصغيرة، وخدمات «اشترِ الآن وادفع لاحقاً»، وغيرها من حلول التمويل، وجميعها متاحة عبر تطبيق موحد على الهاتف المحمول.

وفقاً لتقرير نشره موقع AGBI، تُشكّل مصر، التي يتجاوز عدد سكانها 100 مليون نسمة، تحدياً وفرصة في آنٍ واحد لقطاع الإقراض؛ إذ لا تزال شريحة كبيرة من السكان غير متصلة بالنظام المصرفي، إلا أن الانتشار الواسع لاستخدام الهواتف المحمولة أتاح لخدمات رقمية مثل «إم إن تي-حالاً» أن ترسخ وجودها بسرعة في السوق.

وقال نخلة: «الجمع بين النسبة المرتفعة من غير المتعاملين مع البنوك وانتشار الهواتف المحمولة أوجد أرضاً خصبة للخدمات المالية المعتمدة على التطبيقات».

بين عامي 2021 و2024، حقّقت الشركة نمواً سنوياً يقدر بنحو 25%، مع تسجيل إيرادات وصلت إلى «مئات الملايين من الدولارات». وفي عام 2024 وحده، قدمت الشركة قروضاً بقيمة تفوق 2.2 مليار دولار. ومنذ انطلاقها، قدمت «إم إن تي-حالاً» تمويلات تجاوزت 12 مليار دولار، خصص 54% منها للنساء و41% لمن هم دون سن 35.

وتُعد مصر السوق الأهم للشركة، إذ تمثل نحو 59% من إجمالي إيراداتها. وتسهم عملياتها في تركيا بنسبة 40%، في حين تأتي النسبة المتبقية من الإمارات وباكستان.

أسهمت مرونة الأطر التنظيمية والمبادرات الوطنية لدعم الشمول المالي في تسريع نمو الشركة، إذ تُعد «رؤية مصر 2030»، التي تركز على تطوير قطاع التكنولوجيا المالية، من أبرز العوامل التي مكّنت شركات مثل «إم إن تي-حالاً» من التوسع. وأشاد نخلة بدور الهيئة العامة للرقابة المالية والبنك المركزي المصري في دعم الابتكار، موضحاً أن شركته حصلت على تراخيص للعمل في عدة أنشطة إقراضية.

وجذبت «إم إن تي-حالاً» اهتمام المستثمرين الدوليين؛ ففي عام 2023، استحوذت شركة «شيميرا» (Chimera) في أبوظبي على حصة نسبتها 20% مقابل 200 مليون دولار، ما دفع بتقييم الشركة إلى ما يزيد على مليار دولار، وجعلها إحدى ثلاث شركات تكنولوجيا مصرية فقط تحقّق صفة «يونيكورن». كما جمعت الشركة 157.5 مليون دولار إضافية العام الماضي لدعم توسعها.

وأوضح نخلة أن ما يميز «إم إن تي-حالاً» عن العديد من شركات التكنولوجيا المالية الأخرى، هو أنها بدأت الإقراض بدلاً من المدفوعات، وهو مجال تقني أكثر تعقيداً. وقال: «على عكس العديد من الشركات الرقمية التي بدأت بالمدفوعات، انطلقت «إم إن تي-حالاً» بالإقراض»، مضيفاً أن خبراته السابقة في هذا المجال كانت حاسمة في توجيه استراتيجيتها.

وتبقى عملية تقييم الجدارة الائتمانية في الأسواق غير المخدومة تحدياً كبيراً، لا سيما حين يفتقر المتقدمون إلى سجل ائتماني رسمي. وتعتمد الشركة في هذه الحالات على بيانات بديلة، مثل سجل المعاملات داخل التطبيق وتوقعات إيرادات المشاريع. وقد حصلت أحدث إصدارات سندات الشركة على تصنيف ائتماني من فئة BBB+، ما يعكس ثقة المستثمرين في نموذج عملها.

وعلى الرغم من صعوبة تحقيق أرباح من شريحة السكان غير المتعاملة مع البنوك في مصر، وهو ما دفع العديد من الشركات إلى الخروج من السوق، نجحت «إم إن تي-حالاً» في بناء نموذج أعمال مستدام بفضل تركيزها على الحلول الرقمية والوصول إلى العملاء حتى في المناطق الريفية والنائية، وهو إنجاز لم تستطع شركات كثيرة تحقيقه.

واليوم، وعلى الرغم من أن الإقراض لا يزال الركيزة الأساسية، تتجه «إم إن تي-حالاً» نحو التحول إلى «تطبيق مالي شامل»، فقد أضافت خدمات المدفوعات الرقمية، وأدوات الاستثمار، والادخار، والتجارة الإلكترونية. كما أطلقت أخيراً بطاقات فعلية بخيارات متعددة تشمل بطاقات الخصم والائتمان والمدفوعة مسبقاً، مما أسهم في توسيع قاعدة عملائها وتعزيز مصادر إيراداتها.

وأوضح نخلة أن «هذه الخدمات أصبحت الآن تسهم بشكل كبير في تدفقات الشركة المالية»، ما يضع «إم إن تي-حالاً» لاعباً بارزاً في مشهد التكنولوجيا المالية في المنطقة.