مسؤول لـ«إرم بزنس»: سواحل وآثار سوريا فرصة ذهبية للاستثمار السياحي

بعد ما يزيد على عقد من الصراع، تسعى سوريا اليوم إلى استعادة موقعها الطبيعي على خريطة السياحة العالمية، فالمواقع الأثرية التي صمدت في وجه الزمن، والشواطئ الممتدة على البحر المتوسط، والموروث الثقافي المتنوع، كلها عناصر تمنح هذا القطاع فرصة فريدة ليكون رافعة أساسية لإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية.
وفي الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد السوري ضغوطًا كبيرة، يبرز قطاع السياحة كبوابة لجذب الاستثمارات الخارجية وتنشيط السوق الداخلية، إضافة إلى كونه مساحة لإعادة بناء صورة البلاد لدى العالم.
في هذا السياق، يوضح معاون وزير السياحة السوري لشؤون المشاريع والتخطيط والاستثمار السياحي، غياث الفراح، في حوار خاص لـ«إرم بزنس» تفاصيل الخطط الحكومية الراهنة، والرهانات الكبرى على دور السياحة في رسم ملامح سوريا الاقتصادية خلال المرحلة المقبلة.
إزالة الألغام وتأمين المواقع السياحية
ذكر الفراح أن الوزارة اعتمدت تنسيقاً واسعاً مع وزارة الدفاع والجهات المختصة، بهدف تأمين كافة المناطق السياحية ومناطق الاصطياف قبل طرحها للاستثمار.
أوضح أن هذا التنسيق يركز على الكشف المنهجي عن تلك المناطق باستخدام تقنيات حديثة ومتقدمة لإزالة جميع آثار الحرب من ألغام وذخائر غير منفجرة.
أضاف: «هذا يضمن سلامة الزوار والمصطافين، ويعزز الثقة في المقاصد السياحية السورية».
تسهيلات لعودة المغتربين وإنعاش السياحة
قال الفراح إن الوزارة تنسق مع الجهات المعنية لتقديم كل التسهيلات الممكنة للأخوة المغتربين، للمشاركة في نهضة القطاع السياحي من خلال استثمارات واعدة، وفرص لإقامة منشآت سياحية جديدة.
أضاف أن هناك خطوات عملية اتُخذت لتأمين عودة اللاجئين بشكل آمن إلى مدنهم وقراهم، بالتنسيق مع الجهات المختصة.
كما أشار إلى أن هذه العودة تعزز مساهمتهم الفاعلة في مرحلة إعادة الإعمار، خاصة على صعيد المشاريع السياحية التي يمكن أن توفر فرص عمل وتنشط الاقتصاد المحلي.
القطاع الخاص شريك استراتيجي
شدد معاون الوزير في حواره على أن القطاع الخاص يُعد شريكاً استراتيجياً للوزارة، من خلال اتحاد غرف السياحة وغرف السياحة في المحافظات ومالكي المنشآت السياحية.
أوضح أن القطاع الخاص يلعب دوراً محورياً في إعادة تأهيل المنشآت المتضررة، بما يمكّنها من دخول سوق المنافسة مجدداً، خاصة في ظل وجود عدد متزايد من الاستثمارات السياحية الجديدة.
تابع قائلًا: «القطاع الخاص عنصر فاعل في عملية الاستثمار والترويج للمنتج السياحي السوري، سواء على المستوى المحلي أو الدولي».
تأهيل البنى التحتية
ذكر الفراح أن الوزارة تركز في هذه المرحلة على إعادة بناء وتفعيل القطاع السياحي ليكون رافداً رئيسياً للاقتصاد الوطني، إلى جانب تحسين صورة سوريا في الخارج.
أضاف أن الأولويات تشمل تأهيل البنى التحتية السياحية من خلال ترميم المنشآت المتضررة، وتنشيط السياحة الداخلية عبر تنظيم فعاليات ومهرجانات محلية، والترويج لسوريا كوجهة آمنة.
أوضح أن الوزارة تسعى لجذب الاستثمارات من الداخل والخارج، وتقديم التسهيلات والإعفاءات للمستثمرين، بالإضافة إلى حماية وتوثيق التراث الثقافي والحضاري.
كما أشار إلى أهمية تأهيل الكوادر البشرية من خلال تطوير برامج التدريب للعاملين في القطاع، مبينًا أن الوزارة تعمل على تحديث التشريعات القائمة أو إصدار قوانين جديدة تدعم الاستثمار السياحي.
أكد أن الوزارة تولي اهتماماً خاصاً بالترويج للسياحة المستدامة والبيئية، والاستفادة من الموارد الطبيعية في تعزيز السياحة الريفية.
مشاريع سياحية جديدة
كشف معاون الوزير أن المرحلة القادمة ستشهد توقيع عدد من الاتفاقيات مع مستثمرين وشركات استثمارية سياحية، استناداً إلى الفرص التي طرحتها وزارة السياحة وفق رؤية استثمارية واضحة.
أوضح أن الهدف من هذه المشاريع هو تزويد القطاع السياحي بمنشآت ذات تصنيفات مختلفة تناسب كل الشرائح.
أضاف أن الوزارة تخطط لإقامة مدن سياحية كبرى، خاصة في منطقة الساحل السوري، بالتعاون مع شركات استثمارية كبرى، ما يخلق بيئة جاذبة للاستثمار، ويعزز الدور التنموي للقطاع السياحي.
كما لفت إلى أن هذه المشاريع ستوفر فرص عمل للشباب السوري، ما يسهم في دعم الناتج المحلي وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
الترويج الدولي مفتاح عودة السياحة
أكد الفراح أن «وزارة السياحة تعمل على تشجيع القدوم السياحي إلى سوريا من خلال المشاركة الفاعلة في المعارض والمؤتمرات السياحية الدولية، بهدف الترويج للمنتج السياحي السوري».
وكشف معاون وزير السياحة أن الوزارة تعقد اتفاقيات مع مكاتب السياحة والسفر حول العالم لتعزيز نسب القدوم، والتعريف بالمقومات السياحية السورية عبر استراتيجيات مدروسة للترويج والتسويق.
استطرد قائلًا: «الوزارة تولي اهتماماً خاصاً بجذب الاستثمارات السياحية، بهدف إقامة مشاريع جديدة تساهم في تعزيز الواقع السياحي داخل البلاد، ودعم الاقتصاد الوطني بشكل عام».
التنوع الثقافي أساس سوريا الجديدة
قال الفراح إن الوزارة «تعمل ضمن إطار الإعلان الدستوري الذي يضمن الحريات وحقوق جميع المواطنين».
أضاف أن الوزارة تسعى إلى «إزالة كافة الحواجز التي فرقت بين مكونات المجتمع السوري على أساس ديني أو عرقي أو طائفي».
أشار الفراح إلى أن بناء سوريا الجديدة يتطلب مشاركة كل أبنائها بمختلف انتماءاتهم، والعمل على نبذ الطائفية التي تسببت في تمزيق النسيج الوطني لعقود.
اختتم قائلاً: «نؤمن بأن التنوع الديني والثقافي للشعب السوري يُعد عنصر قوة في المرحلة القادمة، وسيكون له أثر كبير في ترميم التلاحم الوطني، كما سيُسهم في تنشيط القطاع السياحي باعتباره قطاعاً حيوياً يوفر فرص عمل، ويدعم خزينة الدولة بالقطع الأجنبي».