لماذا تنخفض أسهم البنوك السعودية بالرغم من تحقيق أرباح قوية في الربع الثاني؟

لماذا تنخفض أسهم البنوك السعودية بالرغم من تحقيق أرباح قوية في الربع الثاني؟

حققت البنوك الكبرى في السعودية أداءً قوياً في نتائجها للربع الثاني من العام، إلا أن تصاعد المخاوف لدى المستثمرين بشأن ارتفاع تكاليف التمويل لا يزال يضغط على أسعار أسهم القطاع، ما يثير تساؤلات حول مدى استقرار تقييماته في المرحلة المقبلة.

وذكر محللون، بحسب تقرير نشره موقع (AGBI)، أن الضغوط التمويلية تُعد من أبرز العوامل التي تسهم في الأداء الضعيف لسوق الأسهم السعودية، التي تراجعت بنسبة 9% منذ بداية العام، وعلى الرغم من النتائج المالية الإيجابية، يرون أن فرص تعافي أسهم البنوك لا تزال محدودة في الوقت الحالي.

فيما قالت رئيسة تحليل القطاع العقاري والمالي في «سي آي كابيتال» سارة بطرس: «الضغوط التمويلية تتزايد، إذ إن نمو القروض يتجاوز نمو الودائع بفارق كبير منذ فترة طويلة، وبالتالي فإن مشكلة ارتفاع تكاليف التمويل تتفاقم».

أضافت: «كنا نتوقع استمرار هذا الاتجاه في الربع الثاني، لكننا فوجئنا بحجمه».

ووفقاً لتحليل أجراه فريق «سي آي كابيتال»، سجلت أكبر 10 بنوك سعودية نمواً في الأصول بنسبة 14% على أساس سنوي، ونمواً في القروض بنسبة 16% خلال الربع الثاني، في حين لم يتجاوز نمو صافي دخل الفوائد 10%، ما يعكس تأثير ارتفاع تكاليف التمويل على ربحية البنوك.

من جانبه، أعرب مدير أبحاث الأسهم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى بنك «سيتي» في دبي راهول باجاج، عن قلقه من الضغوط المتزايدة على هوامش البنوك، قائلاً: «تنافست البنوك بقوة على تسعير القروض، وفي الوقت نفسه ارتفعت تكلفة الودائع، ما وضع هوامش صافي الفائدة تحت ضغط شديد».

تراجع في معنويات المستثمرين

أصبحت معنويات المستثمرين أكثر حذراً، فمن بين أكبر سبعة بنوك سعودية من حيث القيمة السوقية، تراجعت أسهم ثلاثة بنوك حتى 31 يوليو، بينما بقي سهم واحد دون تغيير، في حين لم يسجل أي من البقية ارتفاعاً بأكثر من 10%، باستثناء سهم «البنك الأهلي السعودي»، وبلغ متوسط تغير أسعار أسهم هذه البنوك منذ بداية العام نحو 1% فقط.

أوضحت بطرس: «بالنسبة للمستثمرين في الأسهم، هناك فرص أفضل في قطاعات مصرفية أخرى بالمنطقة؛ فالبنوك الإماراتية أقل تكلفة، وتقدم عوائد توزيعات أعلى، كما أن الاقتصاد الإماراتي يشهد نمواً قوياً، في حين يُتوقع أن تستفيد البنوك الكويتية من تحسن الأوضاع الاقتصادية وبرامج الإصلاح».

مع ذلك، أشارت بطرس إلى أن النظرة المستقبلية للبنوك السعودية ليست سلبية بالكامل، مضيفة: «المؤشرات الاقتصادية الكلية لا تزال إيجابية، ونرى فرصاً انتقائية في بعض البنوك السعودية».

لكن من دون معالجة تحديات التمويل، فإن احتمالات إعادة تقييم جوهرية للقطاع تبقى محدودة، وفقاً لما أكده باجاج، الذي قال: «ما لم تُحل مشكلة التمويل، سيكون من الصعب أن يشهد القطاع إعادة تسعير حقيقية من حيث التقييمات».

هوامش الربحية تحت ضغط

يأتي هذا الحذر في وقت حققت فيه البنوك السعودية نتائج مالية قوية، فقد سجلت أكبر سبعة بنوك من حيث الأصول نمواً مجمعاً في صافي الأرباح بنسبة 18% على أساس سنوي خلال الربع الثاني من العام، لتصل إلى نحو 5.7 مليار دولار، بحسب تحليل صادر عن (AGBI).

ومع ذلك، فإن المؤشرات المالية الأكثر عمقاً تعكس صورة أقل تفاؤلاً؛ إذ أظهرت البيانات أن سبعة من أكبر عشرة بنوك سعودية سجّلت تراجعاً في هامش صافي الفائدة على أساس سنوي خلال الربع الثاني، بينما انخفض هذا الهامش في ثمانية بنوك على أساس ربعي مقارنة بالربع الأول.

أشار باجاج، إلى أن الأرقام المعلنة لهوامش الفائدة قد لا تعكس الصورة الكاملة لحجم الضغوط التمويلية، وأوضح أن العديد من البنوك لجأت إلى أدوات تمويل بالجملة، مثل سندات رأس المال من «المستوى الأول الإضافي» (AT1) وشهادات الإيداع، لتمويل الفجوة الناجمة عن النمو المتسارع في الإقراض مقابل التباطؤ في تدفقات الودائع.

أضاف باجاج أن بعض تكاليف هذه الأدوات لا تُسجَّل ضمن قوائم الأرباح والخسائر، وفقاً للمعايير المحاسبية، بل تُدرج مباشرة ضمن حقوق الملكية، ما يجعل الهوامش الفعلية أضعف بكثير مما تظهره التقارير المالية.

نتيجة لذلك، تتأثر مؤشرات مثل ربحية السهم والعائد على حقوق المساهمين بشكل سلبي، وهو ما يسهم في تراجع اهتمام المستثمرين بالقطاع المصرفي السعودي.