بعد ارتفاع الديون.. البحرين تتجه نحو قانون يربط الاقتراض بالأداء الاقتصادي

بعد ارتفاع الديون.. البحرين تتجه نحو قانون يربط الاقتراض بالأداء الاقتصادي

في ظل عجز مالي سنوي يتجاوز مليار دينار بحريني (2.65 مليار دولار)، تتجه البحرين إلى إجراء إصلاحات مالية وتشريعية تهدف إلى تعزيز الاستدامة، وضبط مستويات الدَّين العام، الذي بلغ نحو 18 مليار دينار (47.7 مليار دولار) بنهاية 2024.

في تصريحات خاصة لـ«إرم بزنس»، كشف أحمد صباح السلوم، رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب البحريني، عن أبرز ملامح السياسة المالية المقبلة، والتي تشمل مراجعة شاملة لقانوني الدَّين العام والإفلاس، إلى جانب إعداد تشريع جديد يربط الاقتراض بالعائد الاقتصادي، بوضع سقوف مرنة، وخطط زمنية للسداد، مع إلزام الحكومة بنشر تقارير دورية عن الدَّين العام.

وأكد السلوم أن البرلمان في البحرين يعمل بشكل تكاملي مع الحكومة والقطاع الخاص لدعم الاستدامة المالية، وتحفيز النمو الاقتصادي، خصوصاً بعد توقيع اتفاقيات استثمارية ضخمة مع الولايات المتحدة وبريطانيا، تجاوزت قيمتها 30 مليار دولار.

إصلاحات مالية وتشريعية لتعزيز الاقتصاد

في إطار مناقشة الموازنة العامة للفترة 2025–2026، تسعى لجنة الشؤون المالية والاقتصادية إلى ضمان توازن بين الاستدامة المالية، وتحقيق العدالة الاجتماعية. وتوقع السلوم أن تصل الإيرادات الحكومية في 2025 إلى نحو 2.9 مليار دينار (نحو 7.7 مليار دولار)، وترتفع إلى 3.46 مليار دينار (9.1 مليار دولار) في 2026، مقابل إنفاق حكومي يتراوح بين 4.38 مليار دينار في 2025 و4.54 مليار دينار في 2026، ما يعني عجزاً يتراوح بين 1.07 و1.4 مليار دينار (2.8–3.7 مليار دولار).

وأوضح السلوم ضرورة ضبط المصروفات التشغيلية في بعض الوزارات، وتعزيز فاعلية المشاريع الرأسمالية وتسريع إنجازها، خاصة في مجالات الصحة والإسكان. كما أشار إلى مراجعة آليات الدعم لضمان وصوله للمستحقين بشكل أكثر كفاءة.

في هذا السياق، تتابع اللجنة مراجعات موسعة لقانون الإفلاس، خاصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بهدف جعله أداة إنقاذ بدلاً من تصفية، عبر تبسيط إجراءات إعادة الهيكلة، تسريع الفصل في القضايا، وتعزيز صلاحيات الحارس القضائي ولجنة المصالحة.

على الصعيد الضريبي، أقر البرلمان، مؤخراً، قانون ضريبة الحد الأدنى بنسبة 15% على أرباح الشركات متعددة الجنسيات التي تتجاوز إيراداتها 750 مليون يورو سنوياً، تماشياً مع الاتفاق الدولي (OECD BEPS 2.0). وأكد السلوم أن هذا القانون لا يمس الشركات الوطنية أو الصغيرة، بل يستهدف الكيانات الكبرى فقط.


أحمد صباح السلوم، رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية المصدر: مجلس النواب البحريني

دعم الاستثمار المحلي والتحول الرقمي

بعد توقيع اتفاقيات استثمارية تفوق قيمتها 30 مليار دولار مع الولايات المتحدة وبريطانيا، قال السلوم إن البرلمان يعمل على مواكبة هذه الاتفاقيات من خلال مراجعة قانون الاستثمار الأجنبي، إقرار حوافز صناعية، وتشكيل لجان متابعة لضمان تنفيذ المشاريع ضمن الجداول الزمنية المحددة.

في جانب آخر، كشف السلوم عن دراسة شاملة لإعادة هيكلة الرسوم الحكومية، تشمل إعفاء الشركات الجديدة من بعض الرسوم خلال أول 3 سنوات، وتنظيم رسوم البلدية والتراخيص بما يتناسب مع حجم النشاط، في استجابة لمطالب القطاع الخاص، خاصة المنشآت الصغيرة.

وأشار إلى تنسيق دائم بين مجلس النواب وغرفة تجارة وصناعة البحرين لدعم الصناعة المحلية عبر تشريعات تفضّل المنتج البحريني في المشتريات الحكومية، بهدف تعزيز الاقتصاد الداخلي.

أما التحول الرقمي، فهو محور رئيس في خطة التنمية، حيث نظمّت جمعية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي يرأسها السلوم أكثر من 45 ورشة عمل خلال 2024 حول الذكاء الاصطناعي والتجارة الإلكترونية، بالتعاون مع شركات مثل (Microsoft) و(AWS)، إضافة إلى شراكات تمويلية مع صندوق «تمكين» لدعم تبني الحلول الرقمية.

كما أعرب السلوم عن دعمه لتأسيس صندوق سيادي وطني للابتكار، يضخ تمويلاً أولياً ويوفر ضمانات للمشاريع الناشئة في مجالات التكنولوجيا والطاقة النظيفة والتعليم، مؤكداً أن هذا الصندوق سيساعد الشركات البحرينية على التوسع إقليمياً، وجذب رؤوس أموال ذكية.

أولويات 2025 وضبط الأداء المالي

في ختام حديثه، أوضح السلوم أن خطة لجنة الشؤون المالية والاقتصادية للنصف الثاني من 2025 تشمل مراجعة الأداء المالي، ومتابعة تنفيذ الموازنة، إلى جانب تعديل قانوني الدَّين العام والإفلاس، وإعداد تشريع خاص بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

كما تتضمن متابعة تنفيذ الاتفاقيات الاستثمارية الجديدة، وعقد جلسات مع وزارة المالية والمصرف المركزي حول سياسات التحفيز الاقتصادي لتعزيز النمو المستدام.

وختم السلوم: «نسعى إلى تعزيز الاستدامة المالية دون إغفال البعد الاجتماعي لأي سياسة مالية تُتخذ».