ترامب يتيح فرصة للذكاء الاصطناعي لتعزيز التعاون مع دول الخليج

ترامب يتيح فرصة للذكاء الاصطناعي لتعزيز التعاون مع دول الخليج

بينما تتسابق دول العالم على ترسيخ مكانتها في سباق الذكاء الاصطناعي، فتحت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب باباً واسعاً أمام الشراكات التقنية الدولية، واضعة دول الخليج في موقع متقدم للاستفادة من التحول الأميركي الجذري في سياسات التصدير والتقنيات المتقدمة.

الأسبوع الماضي، كشف البيت الأبيض عن «خطة التحرك في الذكاء الاصطناعي» إلى جانب ثلاثة أوامر تنفيذية، في خطوة تمثل تحولاً جذرياً عن القيود التي فرضت في عهد بايدن على تصدير تقنيات أشباه الموصلات المتقدمة. 

ويأتي هذا الإعلان بعد إلغاء ترامب، في مايو الماضي، الضوابط السابقة التي كانت تقيّد بيع شرائح الذكاء الاصطناعي الأميركية في الخارج.

تعزيز ريادة التكنولوجيا الأميركية 

ووفقاً لتقرير نشره موقع AGBI، تركز مقاربة ترامب بشكل أساسي على تبسيط إجراءات الموافقة على مراكز البيانات داخل الولايات المتحدة، والسعي لترسيخ موقع أميركا كمركز عالمي لتصميم وتصنيع «البنية التقنية الكاملة» للذكاء الاصطناعي، وهي مصطلح يشمل الرقائق والبنية التحتية والنماذج والبرمجيات وغيرها من المكونات. 

وتشير وثائق الإدارة إلى أن الهدف الأوسع هو تعزيز ريادة التكنولوجيا الأميركية على مستوى العالم.

وقال المدير في مؤسسة «ماكلارتي أسوشيتس» (McLarty Associates) للاستشارات، والزميل في «معهد الشرق الأوسط في واشنطن»، محمد سليمان، إن هذا الإطار الجديد «يُضفي طابعاً رسمياً على رؤية الإدارة الأميركية للذكاء الاصطناعي كصادرات استراتيجية»، ويمنح «غطاءً مؤسساتياً» لصفقات الذكاء الاصطناعي الثنائية التي تم الإعلان عنها خلال الأشهر الماضية مع الإمارات والسعودية وقطر والبحرين، والتي تُقدّر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات.

وأضاف سليمان، في تصريحات لموقع «AGBI»: «لقد انتقلنا من مجرد صفقات فردية إلى بناء هيكل مؤسسي.. ما يتشكل الآن هو إطار طويل الأمد للبنية التحتية المشتركة والمعايير ومناطق نشر التكنولوجيا».

أحد الأوامر التنفيذية الصادرة أكد أن السياسة الرسمية للولايات المتحدة أصبحت تهدف إلى «الحفاظ على ريادة أميركا في الذكاء الاصطناعي وتوسيعها»، والحد من اعتماد العالم على تقنيات طُوّرت من قبل خصوم الولايات المتحدة. 

تلبية الطلب العالمي

كما حذّرت خطة العمل المرافقة من أن الفشل في تلبية الطلب العالمي المتزايد على منتجات الذكاء الاصطناعي سيكون بمثابة «خطأ غير مبرر» قد يدفع الشركاء إلى اللجوء إلى المنافسين الجيوسياسيين.

ووفقاً للخطة، أُعطيت وزارتا التجارة والخارجية، إلى جانب وكالات فدرالية أخرى، مهلة 90 يوماً لإنشاء برنامج جديد يشرف على تصدير «الحزم الكاملة» لتقنيات الذكاء الاصطناعي الأميركية، التي تشمل ليس فقط الرقائق، بل أيضاً النماذج والبرمجيات والبنية التحتية اللازمة لتشغيلها.

وسيُعنى البرنامج بمراجعة مقترحات من تحالفات صناعية، مع تقييم تفاصيل مثل البلدان أو المناطق المستهدفة، والجهات التي ستقوم ببناء وامتلاك وتشغيل مراكز البيانات والبنية التحتية، ومدى الامتثال للضوابط الأميركية على الصادرات والمعايير الأمنية.

وأشار سليمان إلى أن هذه الخطوة تشير إلى تصاعد متطلبات الامتثال من قبل الشركاء الدوليين.

وقال: «ينبغي أن تتوقع دول الخليج مزيداً من التنظيم فيما يتعلق بترخيص الرقائق، ومراقبة تشغيلها، وأمن البنية التشغيلية».

وأضاف: «الولايات المتحدة توضح أن الشراكة تتطلب التزاماً، بالامتثال والرقابة».

ترحيب إماراتي 

ورحّب السفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، بهذه الخطة من خلال منشور على منصة «لينكد إن»، مؤكداً أن بلاده «جاهزة لتسريع شراكتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي».

من جانبه، قال الباحث في «مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي» (Carnegie Endowment for International Peace)، سام وينتر ليفي، إن هناك توافقاً واسعاً داخل الأوساط السياسية الأميركية على أن الترويج لصادرات الذكاء الاصطناعي نحو الحلفاء الآمنين يُعد سياسة صائبة لتوسيع النظام التكنولوجي الأميركي.

وأضاف: «توسيع هذا النظام عبر شركاء موثوقين خطوة مدروسة».

ومع ذلك، شدّد وينتر ليفي على أن الكثير سيعتمد على التفسير العملي لمفهوم «الحزمة الكاملة».

وأوضح: «إذا نفذت الإدارة هذا المفهوم كحزم متكاملة، تشمل رقائق أميركية في مراكز بيانات تديرها شركات أميركية، وتعمل بنماذج وبرمجيات أميركية موجهة لتطبيقات عملية، وتحظى بضمانات قوية، فإن ذلك سيلبي المخاوف الأمنية».

وتابع: «لكن إذا فُسر المفهوم على أنه مجرد السماح بتصدير كميات ضخمة من الرقائق الخام دون رقابة كافية، فسيواجه مقاومة قوية، خاصة من الجهات التي ترى في ذلك مخاطرة بنقل قدرات حوسبة متقدمة إلى شركات إماراتية أو سعودية».