طموحات سعودية تدفع قطاع الألعاب الإلكترونية نحو تحقيق 13 مليار دولار سنويًا

طموحات سعودية تدفع قطاع الألعاب الإلكترونية نحو تحقيق 13 مليار دولار سنويًا

تحتضن الرياض حالياً بطولة «كأس العالم للرياضات الإلكترونية» (EWC)، التي لا تقتصر على مجرد منافسات تحبس الأنفاس بين 2000 لاعب من 100 دولة، بل تمثل خطوة استراتيجية للسعودية نحو بناء صناعة ألعاب إلكترونية ضخمة تسعى من خلالها إلى تحقيق التنويع الاقتصادي.

رغم حجم الحدث وتنافس الأندية في 25 مسابقة مختلفة، يعترف المنظمون، بحسب تقرير لموقع AGBI، بأن البطولة ستسجل خسائر مالية في المدى القصير. إلا أن تركيزهم ينصب على تحقيق أهداف طويلة الأمد ترتكز على ترسيخ مكانة السعودية كوجهة عالمية رائدة في الرياضات الإلكترونية، وبناء صناعة ألعاب تسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتنويعه.

ويعكس هذا التوجه رؤية المملكة في تحويل الرياضات الإلكترونية من مجرد فعاليات تنافسية إلى صناعة متكاملة تستقطب المواهب والشركات العالمية، وتسهم في تطوير بيئة اقتصادية مستدامة تتجاوز حدود الترفيه إلى مجالات إنتاج وتصدير الألعاب الرقمية.

أكد الأمير فيصل بن بندر آل سعود، رئيس «الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية»، طموح المملكة في الانضمام إلى قائمة المراكز العالمية الرائدة في مجال الألعاب. وقال: «عندما نتحدث عن الألعاب والرياضات الإلكترونية، هناك أماكن تتبادر إلى الذهن مباشرة، اليابان، والولايات المتحدة، وفنلندا، والنرويج، والسويد، وفرنسا. نريد أن تكون السعودية جزءاً طبيعياً من هذا الحوار».

وبعد استضافتها بطولة «كأس العالم للرياضات الإلكترونية» للسنة الثانية على التوالي، تستعد السعودية أيضاً لاستضافة أول «دورة ألعاب أولمبية للرياضات الإلكترونية» في عام 2027. لكن رغم التقدم الملحوظ في هذا المجال، لا يزال بناء صناعة ألعاب أوسع نطاقاً تركز على تطوير المنتجات وتسويقها دولياً يمثل تحدياً طويل الأمد.

تسعى «الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية» في المملكة إلى إنتاج 30 لعبة من بين أفضل 300 لعبة عالمياً بحلول عام 2031. وتشمل الخطة دعم 250 شركة ألعاب تعمل داخل السعودية، وتوفير 39 ألف وظيفة في مجال التطوير، والمساهمة بنحو 50 مليار ريال سعودي، أي نحو 13.3 مليار دولار، سنوياً في الناتج المحلي الإجمالي.

ومع ذلك، لا توجد حتى الآن أي مؤشرات على وصول ألعاب الفيديو السعودية إلى الأسواق العالمية. وعن هذه الفجوة، قال الأمير فيصل: «كثيرون يلاحظون حجم الاستثمار في الرياضات الإلكترونية، لكن لا يرون كثيراً من الاستثمارات في صناعة الألعاب نفسها. السبب هو أن بناء صناعة ألعاب يستغرق من خمس إلى عشر سنوات، ولدينا رأس مال صبور يدعم هذا المسار».

بدعم من «صندوق الاستثمارات العامة»، الذي تبلغ قيمته 1.1 تريليون دولار، خصصت مجموعة «ساڤي للألعاب الإلكترونية» (Savvy Games) مبلغ 38 مليار دولار لتطوير صناعة الألعاب في المملكة. وقد نفذت المجموعة استثمارات بارزة، منها تأسيس شركة تطوير الألعاب «ستير» (Steer) في الرياض، والاستحواذ على مطور الألعاب المحمولة الأميركي «سكوبلي» (Scopely) مقابل 4.9 مليار دولار.

وأشار الأمير فيصل إلى أهمية جذب الشركات والمواهب معاً لتطوير منظومة الألعاب المحلية. وقال: «نحن في وضع يشبه مسألة الدجاجة والبيضة. الشركات تحتاج إلى توافر كادر موهوب، والأشخاص يرغبون في اختيار هذا المجال كمهنة إذا وجدوا فرص عمل واضحة».

بدأت عدة شركات عالمية بالفعل باتخاذ خطوات لترسيخ حضورها في السوق السعودية. ففي عام 2024، افتتحت شركة النشر الصينية ««اي دريم سكاي» (iDreamSky) أول مكتب لها في الشرق الأوسط داخل المملكة، بينما أعلنت مؤخراً شركة «سايد إنك» (Side Inc) البريطانية المتخصصة في خدمات وتطوير الألعاب عن خططها لافتتاح مكتب في الرياض قبل نهاية العام الجاري.

وقالت ديبورا كيركهام، الرئيس التنفيذي لشركة «سايد إنك»: «قد تكون السعودية السوق الأهم حالياً لصناعة الألعاب العالمية، خاصة في مجال التطوير». وأضافت: «تمتلك كل العناصر اللازمة للنمو السريع لشركات المملكة المتحدة، إلى جانب دعم حكومة تعرف كيف تستثمر بفاعلية في المستقبل».