البيانات تكشف عن الروابط بين بكين وواشنطن: هل هي فترة من السلم أم احتقان مخفي؟

البيانات تكشف عن الروابط بين بكين وواشنطن: هل هي فترة من السلم أم احتقان مخفي؟

على الرغم من الهدنة بشأن الرسوم الجمركية بين أكبر اقتصاديين في العالم، الأميركي والصيني، إلا أن البيانات التي صدرت صباح اليوم كشفت عن أن النار لا تزال تحت الرماد خوفا من انتكاسة أو عودة للوراء في ظل السياسة المتقلبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب.

أظهرت بيانات إدارة الجمارك الصينية التي صدرت صباح اليوم الاثنين نمو صادرات الصين أكثر من التوقعات في يونيو مع نمو الشحنات إلى الأسواق غير الأميركية، تزامنا وارتفاع الورادات ما انسحب على الميزان التجاري الصيني الذي حقق نموا يفوق التوقعات.

بكين وواشنطن

◄ انخفضت صادرات الصين إلى الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي، متراجعةً بأكثر من 16.1% في يونيو، إلا أن هذا الانخفاض تباطأ مقارنةً بالشهر السابق في ظل هدنة في الرسوم الجمركية. 
◄ انخفضت الواردات من الولايات المتحدة في يونيو بنسبة 15.5%، مقارنةً في حين كان انخفاض الواردات بنسبة 18%، في مايو، كما سجلت الصادرات انخفاضا بنسبة 34% في مايو.

فوق التوقعات

تجاوز نمو الصادرات الصينية التوقعات في يونيو، مدعوماً بشحنات قوية إلى أسواق غير الولايات المتحدة، كما ساعد الإعفاء المؤقت من الرسوم الجمركية الأميركية في إبطاء انخفاض السلع المرسلة إلى الولايات المتحدة.

◄ أظهرت بيانات الجمارك اليوم الاثنين أن الصادرات قفزت بنسبة 5.8% في يونيو  بالدولار الأميركي مقارنة بالعام السابق، متجاوزة توقعات استطلاع الأسواق التي رجحت زيادة بنسبة 5%.

عكس الاتجاه

◄ ارتفعت الواردات بنسبة 1.1% مقارنةً بالعام السابق، ورغم أن هذه النسبة جاءت أقل من توقعات الاقتصاديين بارتفاع قدره 1.3%، إلا أنها تُمثل أول نمو للواردات هذا العام، عاكسةً بذلك اتجاه انخفاض الواردات العام الجاري في ظل تباطؤ الطلب المحلي.
◄ ازدادت شحنات الصين إلى دول جنوب شرق آسيا بنسبة 16.8% مقارنةً بالعام الماضي، بينما قفزت شحناتها إلى دول الاتحاد الأوروبي بنسبة 7.6%، ولم تشهد الواردات من هذه المناطق تغيرًا يُذكر، حيث ارتفعت بنسبة 0.08% و0.41% على التوالي.

فائض تجاري

◄ في النصف الأول من العام الجاري، قفزت الصادرات الصينية بنسبة 5.9% مقارنة بالعام السابق، بينما تراجعت الواردات بنسبة 3.9%، وفقا لبيانات الجمارك ، مع فائض تجاري بلغ 585.96 مليار دولار – وهو ما يزيد بنحو 35% عن العام السابق.
◄ في يونيو فقط، سجل الميزان التجاري فائضا بقيمة 114.7 مليار دولار، أكثر من توقعات اقتصادين رجحت 113.2 مليار دولار، واكثر من 103.22 مليار دولار فائضا في مايو الماضي.
◄ قفز الناتج الإجمالي المحلي السنوي خلال يونيو، الماضي أكثر من توقعات الاقتصادين، مسجلا 825.96 مليار دولار، مقابل توقعات 785 مليار دولار، ومقابل 743.56 مليار دولار في مايو.

سياسات ترامب

دفعت سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية المصدّرين الصينيين إلى تسريع جهودهم لتنويع أسواقهم ودخول أسواق بديلة. 

في أبريل ومايو، بدت صادرات الصين مرنة، حيث قفزت بنسبة 8.1% و 4.8% على أساس سنوي، على التوالي، حيث عوّضت زيادة الشحنات إلى دول جنوب شرق آسيا والاتحاد الأوروبي انخفاضات البضائع المتجهة إلى الولايات المتحدة.

دخلت الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضها ترامب على السلع الصينية بنسبة 145% حيز التنفيذ لفترة وجيزة في أبريل، حيث ردت بكين بفرض رسوم مماثلة وتدابير عقابية أخرى، مثل مراقبة الصادرات من المعادن الحيوية.

هدنة مايو

كانت الهدنة التجارية المؤقتة التي توصل إليها الجانبان في سويسرا في 12 مايو، والتي دفعتهما إلى إسقاط غالبية التعريفات الجمركية لمدة 90 يوما قد كادت أن تخرج عن مسارها، حينما اتهمت الولايات المتحدة الصين بالتباطؤ في الوفاء بتعهدها بتخفيف القيود على صادرات المعادن النادرة.

في المقابل انتقدت بكين القيود الجديدة على صادرات التكنولوجيا وإلغاء تأشيرات الطلاب من قبل واشنطن.

وشهدت العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم تحسناً ملحوظاً بعد يومين من الاجتماعات في لندن الشهر الماضي، حيث توصل الجانبان إلى إطار عمل لتنفيذ التوافق. 

كما وافقت بكين على استئناف شحنات المعادن النادرة، بينما عرضت واشنطن تخفيف بعض قيود التصدير على الإيثان، وبرامج تصميم الرقائق، ومكونات محركات الطائرات.

صعوبة بالغة

قال وانغ لينجون نائب رئيس هيئة الجمارك الصينية في مؤتمر صحفي اليوم الاثنين «اتفاق جنيف وإطار لندن تم التوصل إليهما بشق الأنفس وأن الجانبين يسارعان إلى تنفيذ الشروط المتفق عليها».

وأكد وانغ أيضا أن البلدين يجب أن يدعما التوافق الذي توصل إليه قادتهما من خلال سياسات وإجراءات ملموسة، في حين يعمل الجانبان على التوصل إلى اتفاق دائم بحلول 12 أغسطس المقبل.

في حين قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الأسبوع الماضي إنه أجرى محادثات بناءة وعملية مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي، وإن احتمالات لقاء ترامب مع الرئيس الصيني شي جين بينغ عالية.

الجانب الآخر

في هذه الأثناء، كثف ترامب المحادثات مع شركاء تجاريين آخرين، مستغلاً التهديدات بفرض رسوم جمركية أعلى لانتزاع التنازلات، مع هدف واضح يتمثل في الحد من عمليات الشحن المرتبطة بالصين.

قال ترامب في وقت سابق من الشهر الجاري إن الولايات المتحدة ستفرض تعريفة جمركية بنسبة 40% على الشحنات العابرة من دول ثالثة عبر فيتنام، وهو الطريق الذي يستخدمه المصنعون الصينيون عادة للالتفاف على التعريفات الجمركية وشحن البضائع إلى الولايات المتحدة.

وفقا لبيانات إدارة الجمارك الصينية، ارتفعت صادرات الصين إلى فيتنام بنسبة 23.8% في الشهر الماضي مقارنة بالعام السابق.

مجموعة «بريكس»

في الوقت ذاته ورغم الهدنة، هدد ترامب أيضا بفرض رسوم قدرها 10% على الواردات من الدول التي تتوافق مع سياسات مجموعة البريكس المعادية لأميركا، والتي تعد بكين أحد أعضائها المؤسسين، وهو ما قد يزيد من المخاطر الاقتصادية على بكين.

من المقرر أن تعلن الصين عن نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني يوم الثلاثاء، حيث توقع خبراء اقتصاديون نموا بنسبة 5.1%، وهو أبطأ من التوسع بنسبة 5.4% في الربع الأول.