18 مليون مسافر: الأردن يتحضر ليكون مركزاً إقليمياً للنقل الجوي في المنطقة

يشهد مطار الملكة علياء الدولي في الأردن مرحلة جديدة من التطوير النوعي بعد تمديد اتفاقية امتياز “البناء والتشغيل ونقل الملكية” مع الحكومة الأردنية حتى عام 2039.
مع خطط توسعة تستهدف رفع الطاقة الاستيعابية من 12 إلى 18 مليون مسافر سنويا، تسعى إدارة المطار إلى تعزيز الكفاءة والابتكار وتحسين تجربة المسافرين، وسط تحديات إقليمية وعالمية متزايدة، مما يؤسس لمرحلة طموحة تعزز مكانة المطار كمركز إقليمي وعالمي في قطاع الطيران والخدمات اللوجستية.
تمديد الامتياز.. خطوة استراتيجية لتعزيز مكانة المطار
في تصريحات خاصة لـ«إرم بزنس»، أكد نيكولا دفيليير – الرئيس التنفيذي لـ”مجموعة مطار الأردن الدولي” – أن تمديد اتفاقية الامتياز مع الحكومة الأردنية يمثل لحظة فاصلة في مسيرة مطار الملكة علياء الدولي. وقال إن هذه الاتفاقية جاءت بعد مفاوضات مكثفة استمرت لأكثر من أربع سنوات بين المجموعة ووزارة النقل الأردنية وشركاء محليين ودوليين. وأضاف أن التمديد يدعم الجهود الوطنية في تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص كنموذج ناجح في تمويل مشاريع البنية التحتية وتشغيلها على المدى الطويل.
وأشار دفيليير إلى أن مجموعة المطار الدولي تسعى من خلال هذا التمديد إلى مواصلة الاستثمار في تحديث وتوسيع المطار ليصبح أحد أبرز مراكز الطيران الإقليمية من حيث الكفاءة والابتكار والتجربة الشاملة للمسافرين، خصوصا في ظل التحديات المستمرة التي تواجه القطاع عالميا، ما يعكس قدرة المطار على الصمود والنمو في أوقات الأزمات.
خطة توسع طموحة
تعمل مجموعة المطار الدولي على تنفيذ خطة توسعة طموحة تهدف إلى رفع الطاقة الاستيعابية لمطار الملكة علياء الدولي من 12 إلى 18 مليون مسافر سنويا. تشمل الخطة مشاريع بنية تحتية متقدمة مثل تحديث مرافق الأمن والسلامة، تركيب تسع بوابات إلكترونية حديثة في صالات المغادرة والوصول، إعادة تأهيل المدرج الجنوبي، وتحسين شبكة المياه ونقاط التفتيش عند مداخل المطار ومخارجه.
وذكر دفيليير أن المجموعة تسعى من خلال هذه التوسعة إلى تلبية الطلب المتزايد على السفر الجوي من وإلى الأردن، بما يتماشى مع النمو المتوقع في حركة السياحة والأعمال خلال السنوات المقبلة. وأضاف أن هذه الخطوات تسهم في جعل المطار أكثر مرونة وقدرة على استيعاب الأزمات المستقبلية، وتعزيز موقعه كمركز إقليمي ذو بنية تحتية متقدمة ومتكاملة.
وأشاد دفيليير بالتعاون مع وزارة النقل، مشيرا إلى البيان المشترك الموقع في فبراير الماضي الذي يؤطر تعاونًا مؤسسيًا للارتقاء بمعايير الأمن والسلامة وتطبيق أحدث الابتكارات في إدارة المطار من خلال التحول الرقمي والتكنولوجيا الذكية.
دعم الاقتصاد الأردني
واصل مطار الملكة علياء الدولي حصد التكريمات الدولية، حيث حصل على جائزة “المطار الأكثر متعة في الشرق الأوسط” لعام 2024 من المجلس الدولي للمطارات، بناءً على استطلاع آراء المسافرين الذي يقيس جودة الخدمات والتجربة الشاملة. كما جدد المطار شهادة المستوى الثالث من برنامج اعتماد تجربة العملاء حتى عام 2026، مما يعكس التزامه بتعزيز رضا المسافرين من خلال تقديم خدمات إنسانية وعالية الجودة.
وأشار دفيليير إلى أن المطار حصل على تصنيف أربع نجوم من سكاي تراكس، وتصدر فئة المطارات التي تستقبل بين 5 إلى 15 مليون مسافر في منطقة الشرق الأوسط للعام الثاني على التوالي، وللمرة الثامنة في تاريخه، مما يؤكد مكانته كبوابة سفر دولية ذات سمعة مرموقة في محيطها الإقليمي.
ومن الناحية الاقتصادية، أشار دفيليير إلى أن مطار الملكة علياء الدولي أصبح محركا مهما للاقتصاد الأردني ومصدرا رئيسيا للعائدات الحكومية وفرص العمل. فقد ساهم المطار بأكثر من 2.5 مليار دينار أردني في الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل نحو 9% من حجم الاقتصاد الوطني، ووفّر أكثر من 238 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، ورفد الخزينة العامة بإيرادات تجاوزت 1.2 مليار دينار منذ بدء الامتياز.
وأوضح أن المطار يمثل بوابة رئيسية لجذب الاستثمارات الأجنبية وتنشيط قطاعي السياحة والأعمال من خلال ربط الأردن بعشرات الوجهات في أوروبا وآسيا وإفريقيا والولايات المتحدة. كما يلعب دورا كبيرا في دعم حركة التصدير والاستيراد عبر خدمات الشحن الجوي المتقدمة والبنية التحتية اللوجستية الحديثة. وذكر أن مبادرات مثل مركز “حرفتي” للتدريب المهني تعكس التزام المجموعة بتمكين المجتمعات المحيطة من خلال برامج مهارات عملية تسهم في تأهيل الشباب ورفع معدلات التشغيل الذاتي.
استدامة بيئية وابتكار تكنولوجي
أوضح دفيليير أن مجموعة المطار الدولي وضعت الاستدامة البيئية في صلب استراتيجيتها للسنوات القادمة، حيث دشنت في أبريل 2025 محطة شمسية بقدرة 4.8 ميجاواط تغطي أكثر من ربع احتياجات الطاقة التشغيلية للمطار، وتوفر أكثر من 10.5 غيغاواط ساعة سنويا، مع تقليل الانبعاثات الكربونية بحوالي 12 ألف طن سنويا، ما يجعل المطار من أوائل المطارات المعتمدة على الطاقة الشمسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأضاف أن مشروع خط أنابيب المياه الجديد من شركة “مياهنا” الأردنية يعد خطوة متقدمة نحو تعزيز كفاءة الموارد المائية وتقليل الاعتماد على النقل بالشاحنات، مما يقلل البصمة البيئية ويسهم في توفير إمدادات موثوقة ومستدامة للمياه، في ظل الزيادة المتوقعة بأعداد المسافرين.
وفي سياق التحول البيئي، أشار دفيليير إلى أن مطار الملكة علياء الدولي هو أول مطار في المنطقة يحصل على تصنيف +4 Transition من برنامج اعتماد إدارة الكربون، ما يبرز التزامه بالتحول نحو صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050، ويتماشى مع أهداف الأردن الوطنية لمكافحة التغير المناخي واستقطاب تمويلات التنمية الخضراء من مؤسسات دولية مثل البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية.
استمرارية وسط الأزمات واستعادة الزخم في 2025
رغم التحديات الإقليمية الحادة التي شهدتها المنطقة العام الماضي، وعلى رأسها الحرب على غزة، نجح مطار الملكة علياء الدولي في الحفاظ على استقراره التشغيلي واستمر في تقديم خدماته للمسافرين بأعلى معايير الكفاءة والجودة، من خلال إجراءات استباقية وتعاون وثيق مع جميع الجهات المعنية وشركات الطيران.
وقال دفيليير إن مؤشرات التعافي بدأت تظهر بشكل واضح في 2025، حيث سجل المطار رقماً قياسياً في الربع الأول باستقبال أكثر من 2.1 مليون مسافر.
وأضاف أن خطة التوسع في الوجهات مستمرة مع تركيز خاص على أميركا الشمالية وآسيا، إلى جانب استعادة عدد من الخطوط الأوروبية والإقليمية التي توقفت مؤقتاً في 2024.
وأكد دفيليير أن الشراكة الوثيقة مع الحكومة الأردنية والدعم المؤسسي المستمر هما مفتاح النجاحات الحالية والمستقبلية لمطار الملكة علياء الدولي، الذي يتجه بخطى ثابتة نحو الريادة الإقليمية والتكامل مع منظومة النقل العالمية كأحد النماذج الأكثر تطورا في إدارة وتشغيل المطارات في الشرق الأوسط.