الاحتياطي الفيدرالي ينبه حول تأثير زيادة الرسوم الجمركية على التضخم

الاحتياطي الفيدرالي ينبه حول تأثير زيادة الرسوم الجمركية على التضخم

لا يزال التضخم المرتبط بسياسة الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً مرجحاً، لكنه قد يكون أقل حدة مما كان متوقعاً في البداية، وفقاً لعدد من الاقتصاديين.

تثبيت الفائدة بعد تصاعد المخاوف من التضخم الجمركي

فبعد إعلان ترامب في الثاني من أبريل عن فرض رسوم جمركية على عشرات الدول، وهو اليوم الذي وصفه بـ«يوم التحرير»، ارتفعت توقعات التضخم سواء لدى مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي أو بين الاقتصاديين في القطاع الخاص. وقد صرح جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، يوم الثلاثاء أن هذه الرسوم دفعت البنك المركزي إلى تثبيت أسعار الفائدة بدلاً من خفضها.

وقال باول خلال ندوة للبنوك المركزية نظمها البنك المركزي الأوروبي: «في الواقع، قررنا التوقف مؤقتاً عندما لاحظنا حجم الرسوم، وقد ارتفعت جميع توقعات التضخم بشكل ملحوظ نتيجة لذلك».

 تأثير محدود حتى الآن على مؤشر أسعار المستهلكين

ومع ذلك، لم يظهر التضخم المرتبط بالرسوم الجمركية بشكل ملموس حتى الآن. فقد سجل مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي ، وهو المقياس المفضل للتضخم لدى الاحتياطي الفيدرالي والذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفاعاً بنسبة 2.7% على أساس سنوي في مايو، مقارنة بـ2.6% في أبريل، لكنه لا يزال عند مستوى معتدل مقارنة بالهدف طويل الأجل للبنك البالغ 2%. أما المؤشر العام الذي يشمل الغذاء والطاقة فقد ارتفع بنسبة 2.3% مقابل 2.2% في أبريل.

وأضاف باول: «لم نر حتى الآن تأثيرات بارزة للرسوم الجمركية، ولم نكن نتوقع ذلك في هذه المرحلة. نتوقع قراءات تضخم أعلى قليلاً خلال الصيف، لكننا مستعدون لاحتمال أن تكون هذه القراءات أعلى أو أدنى، أو أن تظهر في وقت أبكر أو لاحق مما نتوقع».

المخزونات المرتفعة تخفف الضغط على الأسعار

ويرى كريستوفر هودج، كبير الاقتصاديين في «ناتيكسيس» في الولايات المتحدة، أن أحد العوامل التي ساهمت في احتواء التضخم هو التدابير التي اتخذتها الشركات مطلع العام، عندما كانت تتوقع تطبيق الرسوم الجمركية.

وقال هودج في مقابلة مع «إم تي نيوزوايرز»: «إذا نظرنا إلى بيانات الربع الأول، نجد أن هناك تراكمًا هائلًا للمخزون، إذ سعت الشركات إلى إعادة التزود بالبضائع بأسعار منخفضة نسبيًا. ومع استنفاد هذه المخزونات تدريجيًا، أعتقد أن التأثير على أسعار المستهلكين سيصبح أكثر وضوحًا». لكنه أشار إلى أن هذا التأثير قد يكون أقل حدة مما توقعه بعض المحللين.

«غولدمان ساكس» يعدل توقعاته لخفض الفائدة في 2025

وفي هذا السياق، عدل محللو «غولدمان ساكس» يوم الاثنين توقعاتهم بشأن السياسة النقدية الأميركية لعام 2025، مشيرين إلى أنهم يتوقعون ثلاث تخفيضات لأسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة لكل منها، بدلاً من خفض واحد فقط كما كانوا يتوقعون سابقاً، مستندين إلى أن «البيانات الأولية تشير إلى أن تأثير الرسوم الجمركية قد يكون أقل مما كان متوقعاً».

المصدرون يتحملون التكلفة لتفادي خسارة السوق الأميركية

وقال هودج: «سيختلف الأمر من قطاع لآخر، لكن توزيع التكاليف، بين تقليص هوامش أرباح التجزئة، وتراجع أسعار الاستيراد التي يتحملها المصدرون، وتمرير جزء من التكاليف إلى المستهلكين، قد يكون مختلفاً عما شهدناه في صدمة الرسوم الجمركية الأولى خلال إدارة ترامب الأولى. لا نملك حتى الآن بيانات دقيقة، لكن المؤشرات الأولية تدل على أن المصدرين يتحملون حصة أكبر من التكلفة مقارنة بعام 2018».

وتدعم هذه الرؤية، إلى حد ما، موقف ترامب الذي كان يؤكد أن المصدرين الأجانب «يمتصون» تكلفة الرسوم الجمركية للحفاظ على دخولهم إلى السوق الأميركية.

وأوضح هودج: «قد تستمر هذه الديناميكية لبعض الوقت، لكن في مرحلة ما سيبدأون في البحث عن أسواق تصديرية بديلة أو يسعون إلى إعادة التفاوض لرفع الأسعار. كل هذا يبقى قيد التغيير. لكن فكرة أن المصدرين لا يريدون خسارة السوق الأميركية تظل منطقية. وتشير البيانات إلى أنهم خلال إدارة ترامب الأولى، تحملوا بالفعل جزءاً من التكلفة. قد تكون نسبة التأثير مختلفة اليوم، لكن هذا لا يعني أنه لن تكون هناك تأثيرات على المستهلك، بل قد تكون موزعة بشكل أكثر عدلاً».

وعند سؤاله عن احتمال خفض أسعار الفائدة في يوليو، رفض باول تقديم إجابة محددة، لكنه أشار إلى أن «غالبية كبيرة من أعضاء لجنة السوق المفتوحة يعتبرون أن الوقت سيكون مناسباً لاستئناف خفض الفائدة مجدداً» خلال عام 2025.

وأوضح رئيس الاحتياطي الفيدرالي أن أي قرار بهذا الشأن سيعتمد على بيانات التضخم والتوظيف المقبلة. ويتوقع كريستوفر هودج أن يتم خفض أسعار الفائدة مرتين هذا العام – في أكتوبر وديسمبر – لكنه دعا إلى الحذر مع اقتراب تاريخ 9 يوليو، وهو الموعد المقرر لانتهاء فترة التجميد المؤقتة التي فرضها ترامب لمدة 90 يوماً على الرسوم الجمركية.

وختم هودج: «إذا استطعنا تهدئة الخطاب المتوتر بشأن الحرب التجارية ولم نشهد زيادات كبيرة في الرسوم بعد 9 يوليو، فربما أكون ميالًا لإضافة خفض آخر للفائدة، بناءً على مستوى تأثير الرسوم الذي لاحظناه حتى الآن».