هل يستمر تحالف «أوبك+» في نهج زيادة إنتاج النفط؟

هل يستمر تحالف «أوبك+» في نهج زيادة إنتاج النفط؟

في ظل تراجع التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وتزايد الحديث عن تغييرات محتملة في سياسة إنتاج “أوبك+”، تشهد أسعار النفط العالمية تقلبات حادة.

وفي الوقت الذي تترقب فيه الأسواق قرارات التحالف النفطي في اجتماعه المرتقب، تبرز تحليلات الخبراء كمؤشر على اتجاهات المرحلة المقبلة. في هذا السياق، أجرت «إرم بزنس» لقاءً خاصًّا مع الدكتورة كارول نخلة، خبيرة الطاقة والرئيسة التنفيذية لشركة «كريستول إنرجي». فهل نحن فعلاً أمام واقع نفطي جديد؟ وما الذي ينتظر الأسواق في النصف الثاني من 2025؟

تقلبات لا يمكن التنبؤ بها

ترى نخلة أنّ التوقع بأسعار النفط لم يعد مجدياً في ظل التغيرات المتسارعة، مؤكدة أنّ السوق “يعلّم التواضع”، على حد وصفها. وبحسب تحليلها، فإن الأسعار التي كانت تدور حول 60 إلى 65 دولاراً للبرميل قبل التصعيدات الأخيرة، عادت إلى تلك المستويات بعد انحسار المخاطر الجيوسياسية، ما يؤكد أن أساسيات السوق – من عرض وطلب – لا تزال العامل الحاسم.

وتسببت حرب استمرت 12 يوماً بدأت باستهداف إسرائيل للمنشآت النووية الإيرانية في الـ13 من يونيو في ارتفاع أسعار خام برنت إلى ما يزيد على 80 دولاراً للبرميل قبل أن تتراجع الأسعار إلى مستويات 67 دولاراً.

“أوبك+” بين الحذر واستعادة الحصص

تشير نخلة فى حديثها مع «إرم بزنس» إلى أنّ استراتيجية «أوبك+» الحالية ليست رهناً بالتوترات السياسية فقط، بل تقوم على تقييم هيكلي شامل للسوق. فرغم إضافة بعض البراميل إلى السوق منذ مايو، فإن الأسعار لم تنهَر، ما يعكس مرونة السوق وقدرته على استيعاب الزيادات التدريجية، على حد قولها.

كانت مصادر داخل أوبك+ نقلت لوكالة رويترز أن المجموعة تنوي رفع الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يومياً في أغسطس المقبل، بعد زيادات مماثلة في مايو ويونيو ويوليو؛ ما يعكس رغبة بعض الدول في استعادة حصتها السوقية دون المساس بتوازن الأسعار.

وفي حال الموافقة على الزيادة، سيرفع ذلك إجمالي زيادة إمدادات «أوبك+» هذا العام إلى 1.78 مليون برميل يومياً، أي ما يعادل أكثر من 1.5% من الطلب العالمي على النفط.

ومن المقرر أن يعقد تحالف أوبك+ اجتماعاً في السادس من يوليو الجاري.

بين ضبط الإنتاج والرغبة في التوسع

بحسب نخلة، المنتجون يميلون دائماً إلى زيادة الإنتاج بهدف تعزيز الإيرادات والحصص السوقية، طالما لم يؤدِ ذلك إلى تراجع كبير في الأسعار. لكنّ المشكلة تظهر عندما يستفيد منتجون من خارج «أوبك+»، مثل شركات النفط الصخري الأميركية، من الأسعار المرتفعة دون التزامات بالإنتاج.

«هنا، تبدأ الدول داخل التحالف بالتساؤل عن جدوى خفض الإنتاج؛ ما يدفع بعض الأعضاء إلى ضخ المزيد من البراميل وإعادة رسم توازنات داخلية في التحالف»، بحسب ما قالته نخلة.

الطلب العالمي: تباطؤ في النمو لا في الاتجاه

تلفت نخلة النظر إلى أن الطلب العالمي على النفط لا يزال ينمو، لكن بوتيرة أبطأ من العقود السابقة. فالعوامل المؤثرة لم تعد فقط مرتبطة بالسعر، بل بالنمو الاقتصادي العالمي، وخاصة في الصين التي تعاني أزماتٍ في قطاع العقارات وتراجعاً في دينامية الاقتصاد.

وتضيف أن تحسين كفاءة الطاقة على مستوى عالمي أسهم أيضاً في تقليص النمو السريع للطلب؛ ما يجعل التوقعات أكثر تعقيداً من أي وقت مضى. ويؤكد هذا ما أشار إليه استطلاع “رويترز”، الذي أظهر أن متوسط سعر خام برنت في عام 2025 قد يبلغ نحو 67.86 دولارا؛ ما يعكس ثباتاً نسبياً في التقديرات رغم تقلبات المشهد.

واقع متغير لكن ليس جديداً

ترى نخلة أن ما نعيشه اليوم ليس واقعاً جديداً بالكامل، بل نتيجة تراكمات بدأت منذ السبعينيات. فمن جهة الطلب، تراجعت كثافة استخدام النفط إلى النصف، ومن جهة العرض، شكلت ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة منذ 2008 نقطة تحوّل حاسمة.
هذا التحول جعل من الولايات المتحدة أكبر منتج عالمي، ينافس «أوبك+» بشكل مباشر. ورغم أن التحالف لا يزال يتمتع بنفوذ كبير، فإن تأثيره أصبح أكثر تعقيداً بفعل المنافسة والتقنيات الجديدة وسرعة الاستجابة التي يتميز بها النفط غير التقليدي.

بين المخاطر الجيوسياسية المتقلبة، وتغيّرات العرض والطلب، وتحولات السوق البنيوية، تبقى أسعار النفط رهينة توازن هشّ. ورغم محاولات أوبك+ إدارة المشهد، إلا أن عوامل خارجية، مثل: إنتاج النفط الصخري، والطلب الصيني، قد تغيّر المعادلة في أي لحظة. فهل تستطيع الأسواق الحفاظ على استقرارها في ظل هذا الخليط من التحديات؟