بين أعباء الديون.. هل تراجع إقبال المستثمرين على سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل؟

بين أعباء الديون.. هل تراجع إقبال المستثمرين على سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل؟

يتهرب المستثمرون من صناديق السندات الأميركية طويلة الأجل بأسرع معدل منذ ذروة جائحة كوفيد-19 قبل خمس سنوات، حيث يؤدي ارتفاع أعباء الديون الأميركية إلى إضعاف جاذبية واحدة من أهم أسواق العالم.

وبلغت التدفقات الخارجة الصافية من صناديق السندات الأميركية طويلة الأجل، والتي تشمل ديون الحكومة والشركات، ما يقرب من 11 مليار دولار حتى الآن في الربع الثاني، وفقًا لحسابات «فاينانشال تايمز» المستندة إلى بيانات (EPFR). 

الهروب الأكبر

من المتوقع أن يكون خروج المستثمرين في الربع الثاني هو الأثقل منذ الاضطرابات الشديدة التي شهدتها السوق في أوائل عام 2020، ويمثل تحولاً قوياً عن متوسط ​​التدفقات الداخلة في الأرباع الـ12 السابقة والتي بلغت حوالي 20 مليار دولار.

تأتي عمليات استرداد الأموال من صناديق السندات طويلة الأجل، التي يستخدمها المستثمرون المؤسسيون على نطاق واسع، في وقتٍ تتزايد فيه المخاوف بشأن المسار المالي الأميركي، ولا تستحوذ تدفقات الصناديق إلا على جزءٍ ضئيل من سوق السندات الأميركية الشاسعة، لكنها تُمثل مؤشراً على معنويات المستثمرين.

وقال بيل كامبل، من شركة «دبل لاين» الاستثمارية المتخصصة في السندات، في إشارة إلى تدفقات الأموال: «إنه مؤشر على مشكلة أكبر بكثير، هناك قلق كبير على الصعيد المحلي وبين المستثمرين الأجانب بشأن امتلاك الطرف الأطول من منحنى سندات الخزانة».

الرسوم الجمركية وقانون الضرائب

يتوقع محللون مستقلون أن يضيف مشروع قانون الضرائب «الضخم والجميل» الذي اقترحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي يُنظر فيه حالياً في الكونغرس، تريليونات الدولارات إلى الدين الأميركي خلال العقد المقبل، ما سيجبر وزارة الخزانة على بيع كميات هائلة من السندات، وقد ردّ البيت الأبيض بأن الرسوم الجمركية وارتفاع النمو سيخفضان الدين.

في الوقت نفسه، يستعد المشاركون في السوق للرسوم الجمركية التي تفرضها الإدارة على الشركاء التجاريين الرئيسين والتي من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع التضخم، وهو أحد أكبر الآفات التي تهدد مستثمري السندات.

وقال لطفي القروي، كبير استراتيجيي الائتمان في غولدمان ساكس، إن التدفقات الخارجية «تعكس المخاوف بشأن التوقعات طويلة الأجل للاستدامة المالية».

بدوره، أضاف روبرت تيب، رئيس قسم السندات العالمية في شركة إدارة الأصول (PGIM)، في إشارة إلى هدف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي للتضخم البالغ 2%: «إنها بيئة متقلبة، إذ لا يزال التضخم أعلى من المستهدف، مع وفرة المعروض الحكومي»، وتابع: «هذا يُثير قلقاً بشأن الطرف البعيد لمنحنى العائد، وقلقاً عاماً».

تعد السندات طويلة الأجل حساسة بشكل خاص للتضخم؛ لأن النمو الأعلى في الأسعار يؤدي إلى تآكل قيمة مدفوعات الفائدة الثابتة المدفوعة على مدى فترات طويلة من الزمن.

انعكس التوتر أيضاً في أداء أسعار الديون الأميركية طويلة الأجل، والتي انخفضت بنحو 1% هذا الربع، معوضة خسائر أكبر بعد أن أثارت إعلانات ترامب عن الرسوم الجمركية في أبريل قلق الأسواق، وفقاً لمؤشر بلومبرغ.

في المقابل، استمر تدفق الأموال إلى الصناديق التي تحتفظ بالسندات الأميركية المستحقة في المستقبل القريب، حيث تدفق أكثر من 39 مليار دولار أميركي فقط إلى استراتيجيات قصيرة الأجل حتى الآن خلال هذا الربع، وفقاً لأرقام EPFR، وتدر هذه الصناديق عوائد مجزية منذ أن أبقى الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة قصيرة الأجل عند مستويات مرتفعة حتى الآن هذا العام.