ممثل موزعي الوقود في لبنان: لا توجد أزمة للوقود والمخزون يكفي لشهر.

على وقع تصاعد التوترات الإقليمية وعودة شبح الحرب إلى جنوب لبنان، تتجدد المخاوف لدى اللبنانيين من أزمة محروقات كتلك التي شهدتها البلاد عام 2021، حينما غرقت المحطات بطوابير طويلة وسط شح في الإمدادات.
وفي ظل استمرار الضربات العسكرية المتبادلة في المنطقة، يبقى ملف الطاقة في لبنان شديد الحساسية، خاصة في ظل الضغوط المالية والضرائب الجديدة المفروضة على المحروقات.
لا تزال ذاكرة اللبنانيين تختزن مشهد «طوابير البنزين» عندما اجتاحت أزمة وقود حادة البلاد في مايو 2021 بسبب تأخر مصرف لبنان في فتح خطوط الاعتماد للاستيراد، ما أدى إلى إغلاق بعض المحطات، بينما شهدت أخرى طوابير سيارات امتدت لساعات، ووقعت مواجهات عنيفة وصلت إلى تبادل إطلاق نار في محطات داخل العاصمة بيروت ومناطق متعددة.
لكن ممثل نقابة موزعي المحروقات ومستشار نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا، نفى في حوار خاص لـ«إرم بزنس» وجود أزمة محروقات حالياً في لبنان، رغم التصعيد العسكري في المنطقة، مؤكداً في الوقت نفسه وجود مخاوف حقيقية تهدد أمن الطاقة على الصعيدين المحلي والعالمي.
المخزون يكفي
قال أبو شقرا إن المخزون الموجود يكفي لأربعة أسابيع على الأقل، وإن بواخر النفط ما زالت تصل إلى المرافئ اللبنانية بشكل طبيعي، ويتم تسلمها من قبل الشركات المستوردة التي توزعها بدورها إلى شركات المحروقات والمحطات بشكل سلس ومنتظم.
وأشار إلى أن تنسيق دائم بين وزارة الطاقة والموزعين وأصحاب المحطات، مبيناً أن هناك استعدادات دائمة لتأمين المحروقات للمرافق الحيوية مثل المستشفيات والأفران.
كما أكد أن التنسيق مستمر لتلافي أي تأثيرات سلبية نتيجة التصعيد الإقليمي.
وأكد أبو شقرا أنه لا عودة لطوابير البنزين، طالما أن البواخر تواصل الوصول والمخزون متوفر، قائلاً: «عودة طوابير السيارات أمام محطات البنزين بعيد كل البعد في ظل استمرار وصول البواخر ووجود مخزون يكفي من ثلاثة أسابيع إلى شهر».
إلغاء الضريبة على المازوت
من ناحية أخرى، انتقد أبو شقرا الإجراءات الضريبية الجديدة المفروضة على المحروقات، وقال إن ارتفاع أسعار النفط عالمياً انعكس على السوق المحلي، إذ ارتفع سعر برميل النفط من 64 إلى 78 دولاراً خلال فترة وجيزة، بينما تواصل وزارة الطاقة اللبنانية إصدار جدولين أسبوعيين لتسعير المحروقات.
وأضاف أن الأسعار المحلية شهدت زيادة بنحو 150 ألف ليرة لبنانية على مادتي البنزين والمازوت، إضافة إلى ضريبة جديدة فرضتها الدولة اللبنانية بقيمة دولارين على المازوت ودولار واحد على البنزين، ما اعتبره عبئاً إضافياً على المواطن اللبناني.
وطالب بإلغاء هذه الضريبة الجديدة على المازوت تحديداً، نظراً لكونه مادة حيوية تستخدم في المرافق الأساسية كالمستشفيات والأفران، وقال: «ارتفاع أسعار المازوت يشكل عبئاً على المرافق الحيوية، ومن الضروري إعادة النظر بهذه الضرائب».
برميل النفط إلى 100 دولار
عبّر أبو شقرا عن قلقه من أن استمرار التصعيد في الشرق الأوسط قد يؤدي إلى أزمة محروقات ليس في لبنان فحسب، بل على المستوى العالمي، مشيراً إلى أن أي توتر مع إيران قد يدفع طهران إلى إغلاق مضيق هرمز، الأمر الذي ستكون له تداعيات كبيرة على حركة شحن النفط.
وقال إن إغلاق المضيق سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، ما سينعكس على كلفة السلع والخدمات في جميع الدول، ومنها لبنان بطبيعة الحال.
تأتي هذه التصريحات في ظل تأكيد الموقف الرسمي اللبناني الرافض للانخراط في صراعات إقليمية جديدة، في وقت لا يستطيع فيه لبنان تحمّل تبعات أي حرب جديدة على أراضيه.
يُذكر أن إسرائيل ما زالت تواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار المعلن في 27 نوفمبر 2024، حيث سجلت أكثر من 3 آلاف خرق بحسب مصادر رسمية في لبنان، وكان البنك الدولي قد قدّر الكلفة الاقتصادية لهذه المواجهات بنحو 14 مليار دولار.
ويبقى السؤال الذي يشغل بال اللبنانيين: هل ينجح لبنان في النأي بنفسه عن آثار حرب جديدة قد تعيد طوابير المحروقات وتضاعف الأعباء الاقتصادية في بلد يرزح أصلاً تحت وطأة أزمات مالية غير مسبوقة؟