تنافس الجزائر ونيجيريا للسيطرة على سوق النفط الأفريقي بقيمة مليارات الدولارات

تنافس الجزائر ونيجيريا للسيطرة على سوق النفط الأفريقي بقيمة مليارات الدولارات

تشهد القارة الإفريقية سباقاً متصاعداً على النفوذ في قطاع الطاقة بين اثنين من أكبر اللاعبين في صناعة النفط: شركة «سوناطراك» الجزائرية، والشركة الوطنية للنفط في نيجيريا «NNPC».

وبحسب تقرير حديث نشرته مجلة «جون أفريك» الفرنسية، تخطط «سوناطراك» لاستثمار 50 مليار دولار بحلول عام 2028، بينما تسعى «NNPC» إلى جمع 60 مليار دولار بحلول 2030.

ورغم تعاونهما في مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء الذي يهدف إلى ربط نيجيريا بالجزائر لتزويد أوروبا بالغاز، فإن كلاً منهما يسعى لحجز موقع استراتيجي مستقل في السوق الدولية، وسط منافسة حادة على الشركاء والتمويل.

في الجزائر، يقود الرئيس التنفيذي لـ«سوناطراك» رشيد حشيشي منذ أكتوبر 2023 خطة طموحة تهدف إلى تعزيز مكانة الشركة كفاعل رئيس في سوق الطاقة العالمية.

وتشمل هذه الخطة رفع إنتاج الغاز الطبيعي إلى 200 مليار متر مكعب سنوياً بحلول عام 2030، مقابل 137 مليار متر مكعب حالياً، لمواكبة زيادة الطلب المحلي بنسبة 8% سنوياً، وضمان تدفق الصادرات إلى أوروبا وآسيا ودول المتوسط.

وخصّصت الشركة نحو 36 مليار دولار من إجمالي استثماراتها للبحث والاستكشاف، في حين بلغ إنتاجها النفطي 1.4 مليون برميل يومياً في 2023.

وتهدف الخطة الخمسية 2024-2028 إلى تحديث البنية التحتية، وتوسيع طاقات التكرير، وزيادة النشاط في قطاع الصناعات البتروكيميائية، مع تركيز كبير على مشاريع البحث والتطوير.

وفي منتصف يونيو الجاري، أعلنت الجزائر عن نتائج جولة منح التراخيص «Algeria Bid Round»، والتي أسفرت عن منح عقود استثمار لشركات عالمية، من بينها «إيني» الإيطالية، و«PTTEP» التايلاندية، و«قطر للطاقة»، و«توتال إنرجيز»، و«سينوك» الصينية.

وتُعد هذه النتائج مؤشراً على الثقة الدولية المتزايدة في مناخ الاستثمار الجزائري في قطاع الطاقة.

كما تم تخصيص 7 مليارات دولار لتحويل نصف الهيدروكربونات المنتجة إلى منتجات ذات قيمة مضافة، مقارنة بـ32% فقط في الوقت الحالي.

وتشمل المشاريع الجديدة مصفاة «حاسي مسعود» التي ستدخل حيز التشغيل في نهاية 2027 بطاقة إنتاجية تبلغ 5 ملايين طن سنوياً، إلى جانب مجمعات بتروكيميائية في «أرزيو» و«سكيكدة» لإنتاج مواد مثل «MTBE» و«LAB» والإيثيلين.

في المقابل، تسعى «NNPC» النيجيرية إلى استعادة مكانة نيجيريا كقوة نفطية رائدة في إفريقيا، بعد أن تراجع إنتاجها إلى أقل من 1.5 مليون برميل يومياً.

ويقود الرئيس التنفيذي الجديد بيو أوجولاري خطة لرفع الإنتاج إلى مليوني برميل يومياً بحلول 2027، و3 ملايين بحلول 2030، إلى جانب زيادة إنتاج الغاز إلى 12 مليار قدم مكعب يومياً، وتعزيز طاقة التكرير إلى 500 ألف برميل يومياً.

إلا أن نيجيريا تواجه تحديات كبيرة تتعلق بالبنية التحتية، والانفلات الأمني، وهروب الشركات الكبرى مثل «شل» و«توتال إنرجيز» و«إكسون موبيل» من العمليات البرية، ما أدى إلى تراجع الاستثمارات من 29 مليار دولار في 2014 إلى 5 مليارات فقط في 2024، بحسب بيانات «وود ماكنزي».

ويشير خبراء اقتصاديون مثل جان-بيير فافينيك، المتخصّص في الجغرافيا السياسية للطاقة، إلى أن «سوناطراك» تبدو أكثر تنظيماً واستقلالية وقدرة على تنفيذ المشاريع الكبرى، بفضل خبرتها الفنية وموقعها الجغرافي القريب من الأسواق الأوروبية، بالإضافة إلى بنيتها التحتية العابرة للقارات وشراكاتها طويلة الأمد.

ويرى المحللون أن مستقبل الهيمنة في قطاع الطاقة الإفريقي سيتوقف على قدرة كل من «سوناطراك» و«NNPC» على تجاوز التحديات التمويلية، وتعزيز بيئة الاستثمار، وضمان الوصول إلى أسواق التصدير الكبرى، حيث يكمن مفتاح الربحية والاستدامة.