الأردن يعزز جاذبية سوق العقارات من خلال تسهيل إجراءات التملك للمستثمرين

الأردن يعزز جاذبية سوق العقارات من خلال تسهيل إجراءات التملك للمستثمرين

يستمر السوق العقاري الأردني في تسجيل أداء مستقر نسبياً وسط تقلبات الاقتصاد الإقليمي، مع توجه متزايد نحو استثمارات أكثر انتقائية تركز على جودة الأصول وقيمتها السوقية. ويدعم هذا الاستقرار مجموعة من الإصلاحات التشريعية والتنظيمية التي تهدف إلى تحسين بيئة الاستثمار وتعزيز شفافية الإجراءات، مما يسهم في خلق مناخ أكثر جذبًا للمستثمرين.

وفي تصريحات خاصة لـ”إرم بزنس”، أكد ماجد غوشة، رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان الأردنيين، أن هذا الأداء لا يعود لمصادفة، بل هو نتاج جهود منهجية، مشيرًا إلى أن “الدولة عملت بوعي على تحديث التشريعات العقارية وتبسيط إجراءات التملك والتسجيل، ما ساعد في خلق بيئة شفافة ومرنة تشجع المستثمرين، وتقلص من التعقيدات الإدارية والمالية التي كانت تعرقل تنفيذ المشاريع”. وأضاف أن هذه التحسينات أسهمت في تعزيز السيولة داخل السوق، مما أتاح للقطاع الخاص اتخاذ قرارات استثمارية أكثر دقة وثقة.

استثمارات أجنبية نوعية ومزايا تنافسية

البيئة المحفزة انعكست بوضوح في أرقام عام 2024، حيث تم تسجيل 2,803 معاملة عقارية أجنبية، بزيادة 10% عن العام السابق، وبلغت القيمة الإجمالية لهذه المعاملات أكثر من 317 مليون دولار. وأوضح غوشة أن الاستثمار الأجنبي يتركز بنسبة 63% في الشقق السكنية، فيما تستحوذ العقارات التجارية والأراضي على النسبة المتبقية. العراقيون والسوريون تصدروا قائمة المستثمرين الأجانب، حيث نفذوا معًا 1,135 صفقة بقيمة تجاوزت 156 مليون دولار (114 مليون دولار للعراقيين من خلال 628 صفقة، و42 مليون دولار للسوريين عبر 507 صفقة). يليهم مستثمرون من الولايات المتحدة والسعودية، وهو ما يعكس البعد الإقليمي والدولي لجاذبية السوق الأردني.

وفي بداية عام 2025، رغم انخفاض عدد المعاملات العقارية الأجنبية بنسبة 13%، إلا أن القيمة الاستثمارية الإجمالية ارتفعت بنسبة 9%، مما يشير إلى توجه المستثمرين نحو عقارات ذات جودة عالية وقيمة سوقية متقدمة. ويرى غوشة في ذلك “تحولًا إيجابيًا نحو استثمارات نوعية تدعم استدامة السوق وتقلل من تقلباته”.

القطاع السكني يظل المحور الأساسي للنشاط العقاري، خصوصاً في عمان والمراكز الحضرية الكبرى، مدفوعاً بالزيادة السكانية والحاجة المتنامية لتوفير مساكن بأسعار متنوعة.

ولفت إلى نمو سريع في القطاع الفندقي والتجاري مدفوعًا بزيادة النشاط السياحي والاقتصادي في مناطق مثل العقبة والبحر الميت، حيث توجد حوافز استثمارية وتشريعات مرنة تدعم إقامة مشاريع متكاملة تشمل الاستخدامات السكنية والتجارية والترفيهية

كما يشير غوشة إلى أن الأردن يتمتع ببيئة استثمارية مستقرة تدعمها تشريعات واضحة وآليات تنظيمية متطورة، ما يجعله وجهة موثوقة للمستثمرين الباحثين عن استقرار طويل الأمد وعائدات منتظمة في القطاع العقاري. ويضيف: “الاستقرار السياسي والجهود الحكومية المستمرة لتحديث التشريعات وتسهيل الإجراءات يعززان ثقة المستثمرين في السوق العقاري الأردني”.

تجربة الإمارات كنموذج للاستفادة

وأشار غوشة إلى أن تجربة سوق العقارات في الإمارات تمثل نموذجاً متقدماً يمكن للأردن الاستفادة منه، حيث تعتمد الإمارات على بيئة تنظيمية شفافة، بنية تحتية حديثة، وسياسات تحفيزية متطورة مثل تخفيض القيود، تسهيل التملك، وإعفاءات ضريبية. هذه العوامل جعلت الإمارات وجهة استثمارية عالمية ناجحة.

وأكد غوشة أن الاستفادة من هذه التجربة والتكيف مع خصوصية السوق الأردني يمكن أن يعزز من جاذبية القطاع العقاري ويزيد من تنافسيته في المنطقة.

فرص التحول الرقمي وتحديات التمويل

لم تغفل الحكومة الأردنية عن دعم شرائح المجتمع المختلفة في جهودها لتنشيط السوق، حيث أطلقت مبادرات للإسكان الاجتماعي، ووسعت برامج التمويل الميسر لفئة الشباب والأسر ذات الدخل المحدود، مما أدى إلى تنشيط الطلب الداخلي وزيادة القاعدة الشرائية.

إلا أن تحديات التمويل لا تزال قائمة، لا سيما مع ارتفاع أسعار الفائدة وصعوبة الوصول إلى القروض بالنسبة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. ووفقاً لغوشة، فإن “الكثير من المطورين العقاريين يعانون من شروط البنوك الصارمة، وهذا قد يعيق توسع مشاريعهم”، مشدداً على ضرورة تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتطوير حلول تمويلية أكثر مرونة وابتكاراً.

إداريًا، لا تزال بعض العقبات قائمة، خاصة تلك المتعلقة بطول الإجراءات الرسمية للترخيص والتسجيل، وهو ما يضيف تكاليف زمنية ومالية غير ضرورية. غوشة دعا إلى استمرار تبسيط الإجراءات وتحديث البنية الإدارية بما يواكب طموحات المستثمرين وتطلعات السوق.

من جهة أخرى، يبرز التحول الرقمي كفرصة استراتيجية لتطوير القطاع، سواء على مستوى تسريع المعاملات العقارية أو تحسين تجربة المستثمر والمستهلك. ويشير غوشة إلى أهمية تقنيات مثل بلوكتشين لتسجيل الصفقات، والذكاء الاصطناعي لتحليل اتجاهات السوق، إضافة إلى أدوات الواقع الافتراضي والمعزز التي أصبحت جزءاً من تجربة الشراء العقاري الحديثة، خاصة بعد جائحة كورونا. كما شدد على أهمية إدماج البعد البيئي في التخطيط العمراني وتشجيع استخدام تقنيات البناء الأخضر لتحسين كفاءة الطاقة وتقليل الانبعاثات.

وفي ختام حديثه مع “إرم بزنس”، أكد ماجد غوشة أن السوق العقاري الأردني يقف اليوم على أرضية صلبة تؤهله لمزيد من النمو والانفتاح. “لدينا بيئة قانونية داعمة، استقرار سياسي، بنية تحتية قوية، وتوجه حكومي واضح نحو الشفافية والرقمنة. إذا استمرت هذه العوامل بالتطور، فإن الأردن قادر على تعزيز مكانته كوجهة استثمارية عقارية إقليمية مستدامة”.