مادلين ليست بمفردها… وغزة ستظل موجهتنا.

أمد/ في صباحٍ آخر تُخيم عليه غيوم الظلم، سيطرت قوات الاحتلال الإسرائيلي على السفينة “مادلين”، التي كانت في طريقها إلى غزة ضمن أسطول الحرية، واعتقلت كل من كان على متنها من أحرار العالم الذين لم يحملوا سوى رسائل تضامن ومساعدات رمزية وموقف أخلاقي لا يُقهر.
لقد حاول الاحتلال أن يُغرق “مادلين” معنويًا، كما فعل مع سفن الحرية السابقة، ولكن ما لا يفهمه هذا الكيان أن الفكرة لا تُغرق، والصوت لا يُعتقل، والضمير لا يُكبل بالأصفاد.
ما جرى في عرض البحر هو قرصنة مكتملة الأركان، واعتداء صارخ على القانون الدولي، وعلى الكرامة الإنسانية، وعلى كل من ما زال يعتقد أن هناك “مجتمعًا دوليًا” يرفض الظلم ويتحرك لنصرة المظلوم. إن الصمت الرسمي من عواصم القرار العالمية هو في حد ذاته تواطؤ، بل وخيانة لقيم العدالة التي طالما تغنّت بها تلك الدول.
لكن رغم هذا الصمت، لم تكن “مادلين” وحدها. كان معها نبض غزة الجريحة، ووجع أسراها، وأنين أطفالها، وصمود نسائها، وكل قلبٍ حر في هذا العالم. وكان معها كل من يرفض أن يتحول الحصار إلى أمرٍ واقع، وكل من يُصرّ على أن بوابة غزة يجب أن تبقى مفتوحة، ولو عبر البحر.
أنا، كفلسطيني، وكأسير محرر، وعضو في المجلس الوطني الفلسطيني، أعلم تمامًا معنى القيد، ومعنى أن تأتيك يد من بعيد لتقول لك: “لسنا صامتين”. ولذلك فإنني أعتبر من كانوا على متن “مادلين” أسرى ضمير عالمي، ومقاتلين من أجل الكرامة الإنسانية، لا مجرّد نشطاء.
إن الاحتلال يستطيع أن يعتقلهم، أن يصادر السفينة، أن يُهدد ويُهاجم، لكنه لا يستطيع أن يُخفي حقيقة الحصار، ولا أن يُطفئ شعلة التضامن المتزايد مع شعبنا، ولا أن يُلغي طريق البحر كنافذة أمل.
غزة ستبقى وجهتنا، ومادلين لن تكون الأخيرة.
وما دامت فلسطين محتلة، فستبقى الحرية تبحر.