ماذا لو تشكل تحالف بين تركيا والسعودية ومصر؟ رؤية لتعاون القوى الكبرى في الشرق الأوسط بين الواقع والاحتمال.

ماذا لو تشكل تحالف بين تركيا والسعودية ومصر؟ رؤية لتعاون القوى الكبرى في الشرق الأوسط بين الواقع والاحتمال.

أمد/ تحالف القوى الكبرى في الشرق الأوسط بين الممكن والخيال

في عالم تتغير فيه التحالفات سريعًا، ويعاد فيه رسم خرائط النفوذ الإقليمي والدولي، يبرز سؤال استراتيجي قد يحمل في طياته تحولات كبرى: ماذا لو اجتمعت تركيا، والسعودية، ومصر في تحالف سياسي واقتصادي وأمني متماسك؟
هل نحن أمام إمكانية تاريخية؟ أم مجرد خيال يصطدم بواقع الخلافات وتباين المصالح؟

◐ ثقل ثلاثي لا يُستهان به

تشكل الدول الثلاث – تركيا، السعودية، ومصر – مثلثًا من القوة في العالم الإسلامي والشرق الأوسط، من حيث:

الوزن السكاني والجيوبوليتيكي: مصر ببوابتها الإفريقية وسكانها، وتركيا بموقعها الإستراتيجي، والسعودية بثقلها الروحي والنفطي.

القدرات الاقتصادية: السعودية صاحبة أكبر اقتصاد عربي وثاني احتياطي نفطي عالمي، وتركيا إحدى أقوى اقتصادات العالم الإسلامي، ومصر دولة محورية في الاقتصاد الإقليمي.

التأثير السياسي والعسكري: كل واحدة من هذه الدول تملك جيشًا مؤثرًا وتحالفات دولية ومكانة في المؤسسات الإقليمية.

تحالف كهذا – إن تحقق – سيكون قوة إقليمية ضخمة قادرة على التفاوض مع الكبار، وتعديل موازين القوى في ملفات مثل فلسطين، ليبيا، السودان، البحر الأحمر، أمن الخليج، والطاقة.

◐ هل هو ممكن؟ قراءة في الفرص والمعوقات

الفرص:

1. تقارب في الملفات الكبرى: هناك تراجع واضح في حدة التوترات بين الدول الثلاث، بعد سنوات من الخلافات بشأن الربيع العربي، والإخوان المسلمين، وأدوار كل دولة في المنطقة.
2. المخاطر المشتركة: الجميع يتفق على الحاجة لتحصين المنطقة من التدخلات الإقليمية (إيران مثلاً) أو تهديدات عدم الاستقرار في الجوار.
3. الفراغ الدولي: الانسحاب التدريجي الأمريكي من بعض الملفات، وارتباك أوروبا، يخلق حاجة لتنسيق عربي – إسلامي متماسك.
4. الفرص الاقتصادية المشتركة: من مشاريع الطاقة والنقل، إلى مبادرات الأمن الغذائي والتعاون الصناعي.

◐ المعوقات:

1. تباين الرؤى السياسية: لا تزال هناك خلافات جوهرية في الرؤى الإقليمية بين أنقرة والرياض، أو بين القاهرة وتركيا، حتى وإن خفت حدتها مؤخرًا.
2. التحالفات الدولية المختلفة: كل دولة لديها شبكة تحالفات دولية متباينة؛ فتركيا عضو في الناتو، ومصر أقرب للغرب، والسعودية حليف تقليدي لواشنطن.
3. مخاوف النفوذ والقيادة: قد تتردد بعض الأطراف في الدخول في تحالف ثلاثي متكافئ إذا كانت تخشى تفوق طرف على آخر أو هيمنته.

◐ سيناريوهات محتملة لشكل التحالف

تحالف غير رسمي (تنسيقي): على غرار “الترويكا الإقليمية” تنسق في الملفات المشتركة دون تشكيل حلف مؤسسي.

تحالف اقتصادي – استثماري: يبدأ عبر إنشاء تكتل اقتصادي عملاق يعزز التكامل ويقود لاحقًا إلى تقارب سياسي.

تحالف أمني مؤقت: في حالة تصاعد التهديدات (كاحتمال انفجار الأوضاع في البحر الأحمر أو اليمن أو ليبيا) قد يتعاون الثلاثي عسكريًا في ظروف خاصة.

◐ المكاسب المحتملة من التحالف

إعادة ترتيب المشهد العربي والإسلامي بقيادة قوى مركزية فاعلة.

صد التدخلات الخارجية وبناء بدائل عن الاعتماد على القوى الدولية الكبرى.

تحقيق مشروع تنموي مشترك يعزز الاستقرار الاقتصادي لشعوب الدول الثلاث، ويفتح الباب أمام مشروع نهضوي عربي – إسلامي جديد.

◐ الخلاصة: فرصة تاريخية أم لحظة ضائعة؟

يبقى التحالف التركي – السعودي – المصري حتى الآن احتمالًا أكثر منه واقعًا، لكن التقارب المتنامي، والتحولات الإقليمية، وتغير المواقف بين الدول الثلاث، تفتح نافذة فرصة يجب عدم تجاهلها.

ففي عالم تتزايد فيه الأزمات والتكتلات، لم يعد هناك مكان للدول المتفرقة. وتوحيد الجهود بين هذه القوى الثلاث الكبرى قد يكون الخطوة الأولى نحو استعادة شيء من الوزن العربي والإسلامي في زمن التوازنات المتحركة.