اعتراف المجتمع الدولي بفلسطين وحدودها: بين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية

اعتراف المجتمع الدولي بفلسطين وحدودها: بين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية

أمد/
في مسار الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، برزت المحاكم الدولية كمرجع قانوني يحدد الإطار الشرعي والحدود المعترف بها لفلسطين. فبينما يظل الاعتراف السياسي من اختصاص الأمم المتحدة والدول الأعضاء، فإن محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية لعبتا دوراً محورياً في تثبيت المكانة القانونية لفلسطين كدولة، وتأكيد حدودها المعترف بها وفق القانون الدولي.

محكمة العدل الدولية:  أقرت أن حدود 1967 خط أساس احدود الأراضي الفلسطينية، وذلك في يوليو 2004، حين أصدرت محكمة العدل الدولية رأياً استشارياً تاريخياً حول الجدار الفاصل الذي شيدته إسرائيل في الضفة الغربية. جاء الرأي واضحاً:
– الأراضي الواقعة شرق خط الرابع من حزيران/يونيو 1967، بما فيها القدس الشرقية، هي أراضٍ محتلة وليست إسرائيلية.
– -بناء الجدار والاستيطان يعدّان خرقاً للقانون الدولي.
– للفلسطينيين حق غير قابل للتصرف في تقرير المصير.

هذا الرأي لم يكن اعترافاً بدولة فلسطين بقدر ما كان تثبيتاً قانونياً لحدودها المعترف بها دولياً، أي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. كما أن طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2022 رأياً جديداً من المحكمة بشأن الآثار القانونية للاحتلال المستمر، قد يفضي إلى تعزيز هذا الموقف في السنوات القادمة.

المحكمة الجنائية الدولية:  

على الجانب الآخر، مثل انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية عام 2015 منعطفاً آخر في الاعتراف القانوني الدولي. فقد قبلت المحكمة صك الانضمام الفلسطيني إلى نظام روما الأساسي، لتصبح فلسطين الدولة العضو رقم 123. هذا القرار لم يكن إجرائياً فقط، بل حمل دلالات سياسية وقانونية عميقة:
– المحكمة اعترفت بفلسطين كدولة قادرة على ممارسة حقوقها كعضو كامل.
– أصبح من حقها إحالة جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية ارتكبت على أراضيها إلى المحكمة.
– في 2021، أكدت المحكمة أن ولايتها تمتد إلى الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس الشرقية، ما شكّل إقراراً فعلياً بحدود فلسطين في إطار العدالة الجنائية الدولية.

البعد القانوني والسياسي:

الفارق بين المؤسستين أن محكمة العدل الدولية تضع الإطار القانوني للعلاقات بين الدول وحدودها، بينما المحكمة الجنائية الدولية تلاحق الأفراد المتهمين بجرائم دولية. ومع ذلك، فإن موقفيهما المتكاملين يرسخان حقيقة واحدة:
– حدود فلسطين هي حدود 1967.
– إسرائيل قوة احتلال على هذه الأراضي.
– للشعب الفلسطيني حق ثابت في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.

نخلص إلى أن  المحاكم الدولية قد لاتملك سلطة فرض الحلول السياسية، لكن آراءها وأحكامها تمنح القضية الفلسطينية سنداً قانونياً عالمياً يصعب تجاهله. فاعتراف المحكمة الجنائية الدولية بعضوية فلسطين على أراضيها، وآراء محكمة العدل الدولية بشأن الحدود والاحتلال، يشكّلان معاً شهادة قانونية دولية بأن فلسطين دولة قائمة على أرض محتلة، وليست مجرد كيان متنازع عليه.