مجازر وتجويع وحصار: أكثر من 100 شهيد يوم الأربعاء، معظمهم من مستحقي المساعدات

أمد/ غزة: يواصل الجيش الإسرائيلي حربه المفتوحة على قطاع غزة لليوم الـ664 على التوالي، وسط مشاهد كارثية من التجويع الممنهج، والدمار الواسع، والمجازر بحق المدنيين، خاصة أولئك الذين يحاولون الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، التي تعرف بـ”المساعدات الأميركية”، لسد رمق أطفالهم في ظل الانهيار الكامل للمنظومة الإنسانية.
وترافق هذه الهجمات حصار خانق وإغلاق كامل للمعابر، مع منع دخول المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى تفشي المجاعة على نطاق واسع وظهور أمراض مرتبطة بسوء التغذية، خاصة بين الأطفال والنساء.
وتحوّلت مناطق توزيع المساعدات إلى أهداف مباشرة، حيث قُتل مزيد من المدنيين الباحثين عن الغذاء والماء، في وقت بلغ فيه عدد ضحايا الجوع 114 شهيدًا، بحسب وزارة الصحة، فيما حذّرت منظمة الصحة العالمية من أن 90% من السكان يعانون من انعدام الوصول إلى مياه الشرب.
في اليوم الـ136 من استئناف الحرب الإسرائيلية على غزة، بعد خرق اتفاق وقف إطلاق النار، ركز سلاح الجو الإسرائيلي ضرباته على مناطق قريبة من مراكز توزيع المساعدات، مستهدفا بشكل مباشر تجمعات مدنية.
استشهد أكثر من 100 شخص في قطاع غزة، الأربعاء، بينهم أكثر من 80 من طالبي المساعدات على الأقلّ، وأُصيب مئات آخرون، فيما أعلن المدير العام لوزارة الصحة في غزة، أن ألفا و300 شخص قد استشهدوا في “مصائد الموت”، برصاص قوات الاحتلال، حتّى الآن؛ كما أكّد مدير مجمع الشفاء الطبي، استشهاد 37 شخصا، وإصابة أكثر من 270 من طالبي المساعدات، خلال ساعتين، شمالي قطاع غزة.
ارتفاع حصيلة الضحايا
ارتفعت حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 60,138 شهيدا، و146,269 مصابا، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأفادت مصادر طبية، يوم الأربعاء، بأن من بين الحصيلة 8,970 شهيدا، و34,228 مصابا، منذ 18 آذار/ مارس الماضي، أي منذ استئناف الاحتلال عدوانه على القطاع عقب اتفاق وقف إطلاق النار.
وأشارت إلى أن حصيلة شهداء “المساعدات” الذين وصلوا إلى المستشفيات خلال الساعات الـ24 الماضية بلغت 60 شهيدا، وأكثر من 195 مصابا، ليرتفع إجمالي شهداء لقمة العيش ممن وصلوا إلى المستشفيات إلى 1,239 شهيدا، وأكثر من 8,152 مصابا.
وبينت أنه وصل إلى مستشفيات قطاع غزة 104 شهداء بينهم شهيد تم انتشاله، و399 مصابا خلال الساعات الـ24 الماضية، مشيرة إلى أن عددا من الضحايا لا يزالون تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وأوضحت المصادر، أن مستشفيات قطاع غزة سجلت 7 حالات استشهاد جديدة خلال الـ24 ساعة الماضية نتيجة التجويع وسوء التغذية، ليصبح العدد الإجمالي لشهداء التجويع وسوء التغذية 154 شهيدا، من بينهم 89 طفلًا.
مجازر متواصلة.. شهداء وجرحى
استشهد عدد من المواطنين، وأصيب 30 آخرين بجروح، غالبيتها خطيرة، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، قرب مراكز المساعدات في مناطق عدة بقطاع غزة.
وأفادت مصاد محلية، بأن عددا من منتظري المساعدات استشهدوا، وأصيب آخرون، قرب أحد المراكز جنوب مدينة خان يونس.
ونقلت عن الهلال مستشفى السرايا الميداني التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، بأن 30 إصابة وصلت للمستشفى من بين منتظري المساعدات في منطقة شمال غرب بيت لاهيا شمال قطاع غزة.
وكانت مصادر طبية أكدت أن حصيلة شهداء “المساعدات” الذين وصلوا إلى المستشفيات خلال الساعات الـ24 الماضية بلغت 60 شهيدا، وأكثر من 195 مصابا، ليرتفع إجمالي شهداء لقمة العيش ممن وصلوا إلى المستشفيات إلى 1,239 شهيدا، وأكثر من 8,152 مصابا.
استشهد 3 مواطنين، بينهم مصور صحفي، إثر قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدينة غزة.
وأفادت مصادر محلية، بأن طائرات الاحتلال استهدفت مجموعة من المواطنين، قرب مدرسة الزهراء في حي الدرج وسط مدينة غزة، ما أسفر عن استشهاد مواطنين اثنين، وإصابة آخرين.
وقالت إن طائرات الاحتلال الإسرائيلي استهدف المواطنين في المنطقة الشرقية لمدينة غزة، ما أسفر عن استشهاد المصور الصحفي إبراهيم محمود حجاج (35 عاما)، وهو متزوج وأب لثلاثة أطفال.
استشهد 3 مواطنين وأصيب آخرون بجروح، يوم الأربعاء، جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي حيي الدرج والزيتون شرق مدينة غزة.
وأفادت مصادر محلية، بأن طائرات الاحتلال الحربية استهدفت مجموعة من المواطنين قرب مدرسة الزهراء بحي الدرج شرق غزة، ما أدى إلى استشهاد مواطنين، وإصابة آخرين بجروح.
كما استشهد مواطن وأصيب آخرون، في قصف الاحتلال مجموعة من المواطنين بمحيط كنيسة العائلة المقدسة- دير اللاتين في البلدة القديمة بحي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة.
أعلنت مصادر طبية، يوم الأربعاء، استشهاد 7 مواطنين بسبب المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة، من بينهم طفل، خلال 24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات إلى 154، من بينهم 89 طفلا.
ووفق تحذير صادر من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي صدر يوم أمس الثلاثاء، فإن قطاع غزة يواجه خطر المجاعة الشديد إذ وصلت مؤشرات استهلاك الغذاء والتغذية إلى أسوأ معدلاتها منذ بداية الحرب الحالية.
وأوضح التقرير إلى تجاوز اثنين من العتبات الثلاث للمجاعة في أجزاء من قطاع غزة، مع تحذير برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من نفاد الوقت لإطلاق استجابة إنسانية شاملة.
وذكر بيان صحفي مشترك صادر عن وكالات أممية أن “الصراع المستمر وانهيار الخدمات الأساسية والقيود الشديدة على توصيل وتوزيع المساعدات الإنسانية، المفروضة على الأمم المتحدة، كل ذلك أدى إلى ظروف كارثية للأمن الغذائي لمئات آلاف الأشخاص بأنحاء قطاع غزة”.
وتعيش غزة أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها، إذ تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل، منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وتغلق إسرائيل منذ 2 آذار/ مارس 2025 جميع المعابر مع القطاع، وتمنع دخول معظم المساعدات الغذائية والطبية، ما تسبب في تفشي المجاعة داخل القطاع.
وكانت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، قد حذرت من أن سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة قد تضاعف بين آذار/مارس وحزيران/يونيو، نتيجة لاستمرار الحصار.
وأكدت منظمة الصحة العالمية أن معدلات سوء التغذية في غزة وصلت إلى مستويات مثيرة للقلق، وأن الحصار المتعمد وتأخير المساعدات تسببا في فقدان أرواح كثيرة، وأن ما يقارب واحدا من كل خمسة أطفال دون سن الخامسة في مدينة غزة يعاني سوء تغذية حادا.
استشهد مواطنان وأصيب آخرون، يوم الأربعاء، من منتظري المساعدات بنيران الاحتلال قرب محور نتساريم وسط قطاع غزة.
وأفاد مستشفى ناصر في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، عن وصول 3 شهداء وأكثر من 20 مصابا إلى المستشفى جراء إطلاق قوات الاحتلال النار قرب مركز المساعدات الإنسانية في منطقة الشاكوش شمال غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
كما قصفت مدفعية الاحتلال منطقة السطر الغربي بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
ونفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات نسف في منطقة السطر الغربي بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني عن استشهاد المعتقل صايل رجب أبو نصر (60 عاماً) من غزة بتاريخ 21/1/2025، وهو معتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2023.
وقالت هيئة الأسرى ونادي الأسير في بيان مشترك، إنّ قضية معتقلي غزة ما تزال تشكّل أبرز القضايا التي عكست مستوى غير مسبوق من الجرائم والفظائع التي مورست بحقّهم، وأبرزها جرائم التّعذيب، والتّجويع، والجرائم الطبيّة، والاعتداءات الجنسيّة. فعلى مدار الشهور الماضية كانت إفادات وشهادات المعتقلين من غزة الأقسى والأشد من حيث تفاصيل الجرائم المركّبة التي تُمارس بحقّهم بشكل لحظيّ. واليوم تضاف قضية الشهيد أبو نصر إلى سجلّ منظومة التوحش الإسرائيلية، التي تعمل على مدار الساعة من خلال سلسلة من الجرائم المنظمة لقتل الأسرى والمعتقلين، لتشكّل هذه الجرائم وجهاً آخر من أوجه الإبادة المستمرة وامتداداً لها.
وأضافت الهيئة والنادي أنّه وباستشهاد المعتقل أبو نصر، يرتفع عدد الشهداء من الأسرى والمعتقلين الذين ارتقوا بعد الإبادة الجماعية إلى (75) شهيداً على الأقل، من بينهم (46) معتقلاً من غزة، وهم فقط المعلومة هوياتهم. فيما يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 الموثّقين لدى المؤسسات إلى (312)، وهم كذلك المعلومة هوياتهم، لتشكّل هذه المرحلة الأكثر دموية في تاريخ الحركة الأسيرة والأشدّ من حيث ظروف الاعتقال.
وأوضحت الهيئة والنادي أنّ الإعلان عن شهداء غزة المعتقلين يستند إلى الردود التي تتلقّاها المؤسسات من جيش الاحتلال وفق الآلية المتّبعة في الفحص عن معتقلي غزة، وتبقى هذه الرواية محصورة بردّ جيش الاحتلال في ظل استمرار احتجاز جثامين الشهداء وعدم الإفصاح عن ظروف استشهادهم. علماً أنّ الجيش حاول مراراً التلاعب بهذه الردود من خلال إعطاء المؤسسات أجوبة متناقضة. وقد توجّهت بعض المؤسسات إلى المحكمة للحصول على ردّ يحسم مصير المعتقلين. مع التأكيد على أنّ جرائم التّعذيب شكّلت السبب المركزي في استشهاد الغالبية العظمى من الشهداء بعد الإبادة، إلى جانب الجرائم الطبيّة المتصاعدة، وجريمة التّجويع، وجرائم الاغتصاب.
وشدّدت الهيئة والنادي على أنّ وتيرة ارتفاع أعداد الشهداء بين صفوف الأسرى والمعتقلين في تصاعد مستمر، في ظل تصاعد المخاطر على مصير الآلاف من الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، واستمرار تعرّضهم بشكل لحظيّ لجرائم ممنهجة أبرزها التّعذيب، والتّجويع، والاعتداءات بكافة أشكالها، والجرائم الطبيّة، والاعتداءات الجنسيّة، والتعمّد بفرض ظروف تؤدّي إلى إصابتهم بأمراض خطيرة ومعدية، أبرزها مرض (الجرب – السكابيوس)، هذا عدا عن سياسات السّلب والحرمان غير المسبوقة بمستواها.
وحملت المؤسسات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن استشهاد المعتقل أبو نصر، كما جدّدت مطالبتها للمنظومة الحقوقية الدّولية بفتح تحقيق دولي محايد في استشهاد العشرات من الأسرى والمعتقلين منذ بدء الإبادة، والمضي قدماً في اتخاذ قرارات فاعلة لمحاسبة قادة الاحتلال على جرائم الحرب التي يواصلون تنفيذها بحقّ شعبنا، وفرض عقوبات على الاحتلال من شأنها أن تضعه في حالة عزلة دولية واضحة، وتعيد للمنظومة الحقوقية دورها الأساس الذي وُجدت من أجله، ووضع حدّ لحالة العجز المرعبة التي طالتها خلال حرب الإبادة، وإنهاء حالة الحصانة الاستثنائية التي منحها العالم لدولة الاحتلال باعتبارها فوق المساءلة والحساب والعقاب.
يُذكر أنّ إجمالي عدد الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال بلغ حتى بداية تموز/ يوليو 2025 أكثر من (10,800) أسير، وهم فقط المحتجزون في السجون التابعة لإدارة سجون الاحتلال، ولا يتضمن هذا العدد المعتقلين المحتجزين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال. ومن بين الأسرى يوجد (48) أسيرة، وأكثر من (440) طفلاً، وأكثر من (3,600) معتقل إداري، و(2,454) معتقلاً من غزة تصنّفهم إدارة سجون الاحتلال “مقاتلين غير شرعيين”.
مفاوضات وقف إطلاق النار
سلّم الوسطاء لحركة حماس، يوم الأربعاء، الردّ الإسرائيلي على موقفها بشأن مقترحات التهدئة، تزامنًا مع زيارة مرتقبة للمبعوث الرئاسي الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى تل أبيب لبحث مسار المفاوضات المتعثّرة والكارثة الإنسانية في قطاع غزة.
وقال الصحفي الإسرائيلي ومراسل موقع أكسيوس الأمريكي أن الوسطاء نقلوا لحماس النقاط التي اعترضت عليها إسرائيل في رد الحركة الأخير، موضحة أن إسرائيل “رفضت مبدأ تبادل جثث إسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين”، كما “اعترضت على بعض نقاط إعادة التموضع والانسحاب”.
وأضافت المصادر أن تسليم هذه الردود جرى اليوم، ضمن جهود مستمرة لتقليص الفجوات بين الجانبين والتوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، في ظل تعثر المفاوضات ومساع الوسطاء لتحريك الجهود وسط تعنت إسرائيلي أميركي.
ومن المتوقع أن يصل المبعوث الخاص بالرئيس دونالد ترامب، ويتكوف، إلى إسرائيل في وقت لاحق يوم الأربعاء، في أول زيارة له منذ ثلاثة أشهر. وتأتي الزيارة في ظل الجمود الذي يعتري المفاوضات، وعلى خلفية الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة.
ومن المقرر أن يلتقي ويتكوف، يوم غدٍ الخميس، رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ومسؤولين آخرين، لبحث “الوضع الإنساني في القطاع وسبل تعزيز المساعدات”، بحسب ما نقلت القناة 12 العبرية عن مسؤولَين أميركيَين.
ولمّح أحد المسؤولين الأميركيين إلى احتمال أن تشمل زيارته أيضًا تفقد مراكز توزيع المساعدات التابعة لـ”مؤسسة غزة الإنسانية” (GHF) المدعومة أميركيا وتعمل تحت إشراف الاحتلال، داخل قطاع غزة.
وقال المصدر الأميركي إن “الرئيس ترامب يريد معرفة المزيد عن الوضع الإنساني في غزة، لفهم كيفية توفير مزيد من المساعدات للمدنيين هناك”، على حد تعبيره؛ وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فإن الإدارة الأميركية تعتبر هذه الزيارة حاسمة للغاية، ويصفها بعض المسؤولين بأنها “المحاولة الأخيرة للتوصل إلى صفقة”.
وفي تعقيبه على زيارة ويتكوف، قال مسؤول رفيع في مكتب رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في إحاطة لوسائل إعلام دولية، إن تل أبيب تترقب وصول المبعوث الأميركي ويتكوف، في وقت لاحق يوم، الأربعاء.
وكان ويتكوف قد تابع المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والتي أعلن فشلها في 24 تموز/ يوليو الجاري. وقال نتنياهو، في اليوم التالي، “نحن، مع حلفائنا الأميركيين، ندرس خيارات أخرى لاستعادة رهائننا”.