أزمة الاستعمار

أزمة الاستعمار

أمد/ صحيح أن الفلسطينيين صمدوا، ولكنهم لم ينتصروا بعد، ولكن صمودهم هو أحد مؤشرات الانتصار، وأن الإسرائيليين لم يهزموا ولكن فشلهم وإخفاقهم هو أحد مؤشرات الهزيمة، لأن الانتصار والهزيمة مرتبط بنتائج المعركة، ومعركة غزة لم تنتهِ بعد، حيث ما زال الصدام والاشتباك متواصلا، مع توفر موازين قوى لصالح المستعمرة التي ارتكبت المجازر والآثام والجرائم بحق أهالي غزة، لأكثر من مئتي ألف بين شهيد ومصاب وإعاقة، وتدمير ثلثي مساكن وعناوين ومؤسسات غزة المدنية.
وجع الفلسطينيين غير مسبوق مما يتعرضون له من قسوة وقتل وتدمير، ولكنهم ما زالوا صامدين، مدنيين ومقاتلين، ولكن قادة المستعمرة وحكومتها في مأزق، وخيارات نتنياهو غير محسومة، ما بين التوصل إلى وقف إطلاق النار وقبوله ورضوخه لهذا الخيار، قبل تحقيق أغراضه وأهدافه، وما بين مواصلة خياره ورغبته في مواصلة الهجوم والحرب على قطاع غزة، بدون أن يظهر في الأفق إمكانية تحقيق إنهاء المقاومة وتصفيتها، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بدون عملية تبادل، وهو قد احتل كامل قطاع غزة.
نتنياهو يواجه ضغوطاً متصادمة أولاً من قبل حلفائه في الحكومة بن غفير وسموترتش ومتطرفي الليكود، لمواصلة الحرب، وثانياً من ضغوط متعاكسة تُطالبه بوقف الحرب وعقد صفقة تبادل الأسرى، من قبل عائلات الأسرى، ومن قبل الجيش والمخابرات الذين أعلنوا وقرروا أنه لا يوجد هدف استراتيجي يمكن تحقيقه في قطاع غزة، ومن قبل الأوروبيين وخاصة أقرب الدول للمستعمرة: بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وكذلك والأهم من قبل الرئيس الأميركي ترامب.
الاتفاق الذي توصل إليه نتنياهو مع ترامب وقف إطلاق النار مع نهاية شهر تموز يوليو 2025، مع بداية إجازة الكنيست، حيث لا تملك أحزاب المعارضة عرض موضوع حجب الثقة عن الحكومة لمدة ثلاثة أشهر: آب وأيلول وتشرين أول، ويكون بعدها قد نفذ فترة وقف إطلاق النار وهي شهرين وفق الصفقة المتفق عليها أميركياً وقطرياً ومصرياً.
نتنياهو في مأزق شخصي وسياسي وحزبي، ولهذا تدخل الرئيس ترامب علناً، في محاولة حمايته من قرار المحكمة لتشكيل لجنة تحقيق حول إخفاق الحكومة في معرفة عملية 7 أكتوبر 2023، وتداعيات هجوم 7 أكتوبر إلى الآن، التي أخفق فيها نتنياهو في تحقيق إنجازات رغم ما قارفه من قتل وتدمير واغتيالات، ولهذا هو وخياراته في مأزق، رغم التبجح والتطرف، ورغم ما سببه من أوجاع للفلسطينيين الذين لا خيار لهم سوى الصمود ومن ثم المقاومة، وكلاهما: الصمود والمقاومة هما أدوات الانتصار نحو المستقبل.