تراجع شرعية النظام الإيراني وارتفاع قوة المقاومة: تحولات استراتيجية في الساحة السياسية

أمد/ تعاظمت حالة إنهيار شرعية النظام الحاكم في إيران بعد الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إسرائيل وإيران، حيث دخل النظام الإيراني مرحلة حاسمة من الأزمات التي تعمّقت فيها هشاشة مؤسسات الحكم وافتضاح محدودية قدراته العسكرية والأمنية مع تصاعد ضغط الاحتجاجات الشعبية داخلياً.. في المقابل تصاعد نجم المقاومة الإيرانية وعلى رأسها المجلس الوطني للمقاومة ومنظمة مجاهدي خلق وتعاظم شرعيتهم ورُشد رؤيتهم وتوجهاتهم السياسية حيث أصبحت اليوم رقماً فاعلاً ومؤثراً في المشهدين الداخلي والدولي.
انهيار النظام من الداخل
خسائر عسكرية واسترتيجية: تعرض الحرس الثوري لانتكاسات كبيرة بخسارة قيادات بارزة وهدم منظومات دفاعية وتعرض أخرى للشل وبروز مدى فشلها.. إلى جانب كشف تحالفات سرية مع الدول الغربية مما أدى إلى تصاعد أزمة الثقة داخلياً.
تصاعد الاحتجاجات والقمع: إلى جانب ذلك شهدت الساحة الداخلية موجة واسعة من الإضرابات والاحتجاجات خاصة بين العمال والمعلمين والطلاب؛ وسط أزمة اقتصادية خانقة تشمل انهيار العملة وارتفاع معدلات البطالة، وكعادته واجه النظام هذه الانتفاضات بحملات اعتقال وإعدامات مكثفة بدلا من الحلول، وتفيد تقارير بوصول النظام إلى حالة من العجز عن الإيفاء بالتزاماته تجاه الشعب.
اعتراف صريح من القمة: ظهر الضعف جلياً في تصريحات خامنئي الذي أقر بخطورة نشاطات المقاومة يسميها هو بـ “الخلايا النائمة” وحذر من استغلال أي أزمة لسقوط النظام، ودعى إلى تشديد الرقابة الإعلامية والسيطرة على الخلافات.. أما التشديد على الرقابة الإعلامية فهذا نمط استبدادي يستخدمه النظام منذ نشأته، وأما السيطرة على الخلافات فهذا دليل واضح على بلوغ الخلافات ذروتها على نحو يدفع أعلى سلطة بالنظام إلى هذا التصريح العلني.
صعود المقاومة وتوطيد شرعيتها
توسع نفوذ المقاومة داخلياً: نفذت وحدات المقاومة آلاف العمليات الاحتجاجية الرمزية ضد النظام، وازدادت مشاركة شرائح واسعة من المجتمع خاصة النساء والشباب بصفوفها في إشارة إلى تحوّل المزاج الشعبي لصالح التغيير الجذري.
برنامج سياسي متكامل: ما يميز المقاومة الإيرانية عن نظام الملالي الحاكم في إيران هو ” الشرعية” الشرعية فكرا ونهجا وتوجها ورؤية.. وقد قدمت المقاومة مشروع دولة مدنية ديمقراطية يراعي التنوع القائم داخل المجتمع الإيراني كما يراعي كافة فئات وشرائح المجتمع وتلك هي الشرعية.. ويعتمد المشروع الذي قدمته المقاومة على مبادئ أساسية منها: فصل الدين عن السلطة، احترام حقوق الإنسان، وإلغاء عقوبة الإعدام، وإقامة إيران غير نووية مما أكسبها دعماً مجتمعياً وسياسياً محلياً ودولياً.
دعم عالمي متميز: أيد آلاف البرلمانيين وقادة سياسيون عالميون المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وبرنامجه، وناقشت برلمانات عدة ضرورة الاعتراف بالمجلس كبديل شرعي، فيما انعقدت تجمعات ضخمة تضامنا معه مما زاد من العزلة السياسية للنظام الإيراني ورسخت الموقف الشرعي الحضاري لدى المجلس.
الآفاق الاستراتيجية
فقد النظام الديني قدرته على الاستمرار عبر الأدوات التقليدية، واعتمد على العنف لقمع الأزمات المتصاعدة الأمر الذي يُسرع ويُعجل بانهياره، وقد اعتراف النظام بالحاجة إلى قمع متزايد وإعدامات مستمرة، ويؤكد ذلك ازدياد وهن مؤسساته الأمنية والسياسية.. في حين تصعد المقاومة كلاعب رئيسي وبديل جدي ومقتدر يحظى بقبول داخلي وخارجي واسع..
واليوم تقف إيران على مفترق طرق ومرحلة حاسمة من تاريخها.. حيث يزداد ضعف النظام بينما تتعاظم فرص المقاومة في تحقيق تحولٍ ديمقراطي في البلاد.. ويتطلب تسريع هذه العملية تضافر الجهود الإعلامية والدولية لتسليط الضوء على برنامج المقاومة ودعمها، وبناء إجماع عالمي يؤمن بمستقبلٍ جديدٍ لإيران يقوم على الحرية والديمقراطية واحترام الجوار والالتزام بالقوانين والأعراف الدولية.