إيران في مرحلة حرجة: تحديات النظام وآفاق التغيير الديمقراطي

أمد/ تمر إيران اليوم بأحوال استثنائية تشهد فيها تراكمًا للأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تهدد بانهيار النظام الحاكم.. فخلال أكثر من أربعة عقود حكم النظام الديني إيران بأسلوب قائم على القمع والتسلط والتغلغل في كل مفاصل الحياة؛ لكن منظومة الحكم هذه اليوم تواجه تحولات مصيرية، وتطرح على الشعب خيارًا واجبًا نحو الثورة والتغيير، وفي هذا السياق يتبلور ويتجلى دور المقاومة الإيرانية كقوة شرعية قادرة على صياغة مستقبل مختلف يرتكز على مبادئ الحرية والديمقراطية.
انهيار متسارع داخليًا وخسارة الشرعية
تمر الحكومة الإيرانية بأزمة تتجاوز تردي الظروف الاقتصادية، وقد وصلت إلى حالة من تهالك وتفكك أركانها السياسية والاجتماعية.. وقد بدأت الأزمة باعتماد الاستبداد كنهج، وتفشي الفساد في مؤسسات النظام، وانهيار قيمة العملة المحلية، وانتشار الفقر المدقع، وارتفاع مستويات البطالة.. وكلها معطيات مترابطة تكشف عن هشاشة النظام.. وكبار القادة وعلى رأسهم خامنئي نفسه يعترفون ضمنيًا بهذا الواقع الذي يفرض عليهم استتمرار سياسة القمع كوسيلة ولا شيء غيرها من أجل الحفاظ على السلطة؛ لكن ما يزيد خطورة الموقف هو ضعف الدعم الإقليمي بعد الخسائر الميدانية المتكررة في سوريا، العراق، ولبنان وفلسطين بالإضافة إلى تقلص نفوذ الميليشيات التي كان يعتمد عليها سابقًا.. هذا التفكك للولاءات والميليشيات التابعة حرم النظام من تحصين دفاعاته الإقليمية.. وأمام اتساع نطاق الاحتجاجات الشعبية وتصاعدها تعمقت أزمة الشرعية.
صعود المقاومة كبديل سياسي واقعي
في خضم هذا التهالك وهذا الفراغ داخل النظام يبرز المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق كبديل ذي برنامج متكامل قادر على منح إيران خيارًا جديدًا أفضل وقابل للوجود.. خاصة وأن المقاومة الإيراينة تقود شبكات تنظيمية ثورية واسعة في الداخل تأخذ على عاتقها ترابط وتنسيق جموع الشعب في حراك خلاق وتوجيه ذكي للاحتجاجات المتنامية.
تعكس رؤية المقاومة الإيرانية دستورًا للحرية يقوم على الفصل بين الدين والسلطة، ويرسخ المساواة بين الجنسين، ويضمن حقوق الأقليات، ويؤسس لعدالة جنائية عادلة، كما يؤكد على التزام إيران بسياسات مناوئة للسلاح النووي وراعية للسلام في الشرق الأوسط.. وهذا ما يضمن دخول المنطقة في مرحلة من الاستقرار بعيدا عن سباق التسلح.
مواجهة النظام عبر أدوات المقاومة المتنوعة
تتنوع سبل المقاومة بين التعبئة الجماهيرية السلمية، والاحتجاجات النابعة من واقع الحقوق والمناداة بالتغيير، وبين عمليات المقاومة الميدانية التي تضغط على أذرع النظام الأمنية.. وتزيد هذه الاستراتيجية الشاملة من ثِقل المقاومة داخل الساحة وتُضعِف قدرة النظام التقليدية على مجابهة الأزمات، وقد شهد العامان الماضيان تصاعد الحملات الأمنية ضد الناشطين، وموجات وحشية من الاعتقالات والإعدامات التي بلغت أرقامًا قياسية.. فيما تستمر المقاومة في كسر طوق الخوف بذكاء وشجاعة عالية.
توقعات المستقبل: الثورة القادمة نحو الجمهورية الديمقراطية
بينما يسعى النظام لطمأنة الداخل والخارج عبر حملة إعلامية تعيد تكرار شعارات الدعم الشعبي المزعوم في حين تؤكد الوقائع على العكس، كما تشير إلى أنّ الإمكانيات نحو تغيير جذري أصبحت أقرب من أي وقت مضى، والشعب الإيراني عبر احتجاجاته المتجددة يوجه رسالة استنهاض قوية تستنهض العالم الحر لتقديم الدعم اللازم.
من جهة أخرى توفر رؤية المقاومة الإيرانية بديلاً واقعيًا وتستند إلى خطة واضحة وبرنامج فعلي مبني على الديمقراطية وحقوق الإنسان مما يجعلها الركيزة الأساسية لتأسيس جمهورية إيرانية ديمقراطية عصرية تعيد بناء الدولة على قيم الحرية والمساواة، وتضمن استقراراً يشمل المنطقة بأسرها.
ختاما.. تعيش إيران اليوم مرحلة حاسمة تبدو فيها قراءة ملامح الأحداث بين انهيار نظام قرر الحفاظ على وجوده عبر الدم والقمع، ونهوض شعب ومقاومة يرسمان طريق الحرية والديمقراطية.. في خضم هذه المعركة يبقى الخيار واضحًا: إما استمرار النظام بالنزيف والعنف وإحاطة نفسه بالعزلة أو انتقال سلمي نحو نظام ديمقراطي يمثل إرادة الشعب ويحقق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
من أجل قيام إيران ديمقراطية غير نووية، ومن أجل السلام والاستقرار بمنطقة الخليج نجد أن دعم المقاومة الإيرانية ورفع القيود عنها وإيلائها اهتمامًا دوليًا حقيقيًا هو السبيل الأنجع لتعزيز مشروع الحرية في إيران وفسح الطريق أمام بناء مرحلة جديدة مزدهرة في الشرق الأوسط.