الوجود المسيحي في غزة: توازن الأعداد وتأثير التضامن

أمد/ غزة ذلك البلدة الجميلة الذي يختلط فيها الحلم بالواقع، العابقة برائحة البحر وصوت جبل المنطار، شهدت تاريخاً طويلاً من المعاناة والصمود في قلب هذه البلدة المتنوعة، حيث يلتقي الشرق بالغرب، تبقي قيم التعايش والتضامن مصدر قوة وحياة لها، لكن الأرقام التي نراها اليوم حول الوجود المسيحي بغزة تطرح سؤالاً مؤلفاً، هل يكفي عدد المسيجين للمحافظة على هذا الوطن الجميل؟ وهل يمكننا بناء وطن من الأرقام فقط أم أن روح التضامن والتعاون تمنحه الحياة والوجود؟
بين الأرقام والأمل
تشير الأرقام الأخيرة الي أن نسبة المسحيين في غزة قد انخفضت في السنوات الأخيرة بسبب الحروب والهجرة إلا أن حضورهم لا يزال قويا، كما يثبت ذلك وجودهم في شقي الوطن، لكن هذا الوجود الذي يبدو كأنه يسير على حافة الخطر على الرغم من كل ما مرت به غزة الحزينة من أزمات، لا يزال المسيحيون في قلب المجتمع الفلسطيني عامة والغزي خاصة، متمسكين بالأرض والعادات والإيمان الراسخ.
القوة في التعاون
ما يميز فلسطين عامة وغزة خاصة ليس في تنوعها الديني، بل روح التعايش والتعاون التي يجب ان تظل نابضة في قلوبنا في هذا الوطن، لا تكفي الأرقام لبناء مجتمع قوي بل يجب ان نركز على القيم التي تمنحه روحه الحقيقية: التضامن والاحترام المتبادل والعطف على بعضنا البعض في مواجهه التحديات. فلقد شهدنا في تاريخ فلسطين كيف استطاع أبناؤها ان يتوحدوا في لحظات الازمات، وان يقفوا جنبا الي جنب من اجل مصلحة هذا الوطن الذي لا يقبل الا الوحدة في التنوع.
دعوة الأمل والعمل المشترك
يجب الا نتوقف امام الأرقام التي قد تظهر أحيانا تراجعا في الوجود المسيحي في غزة، بل يجب ان نري في ذلك دافعا لنعمل معا بكل قوتنا لنحافظ على وطننا. هذا التحدي ليس دعوة لليأس، بل هو دعوة للصحوة والعمل الجماعي لإيجاد حلول عادلة، علينا ان نعزز حضور المسيحين في المؤسسات العامة، وان نخلق مساحة أكثر للعدالة والمساواة لأن غزة تظل ملكا لجميع أبنائها بكل تنوعهم.
بناء غزة من جديد
غزة ليست مجرد ارقام في سجلات الإحصاءات، بل هي الشق الثاني من الوطن مليئة بالقيم الإنسانية، وبالقوة التي تستمدها من تجارب شعبها، اليوم نواجه تحديات كبيرة، لكن في قلب كل فلسطيني عامة وغزاوي خاصة، تكمن روح عظيمة من الأمل والعزيمة. فلنقف معا، مسيحيين ومسلمين، لبناء وطن تسود فيه قيم العدالة والتضامن والتعايش الحقيقي، معاً يمكننا ان نكتب فصلاً جديداً من تاريخ هذا الوطن الذي لا يزال يحلم بالبقاء والنمو والازدهار.