أسرة الإهانة وإدارات العار: عندما يصبح النازح بضاعة في يد مستغلي الإنسانية

أسرة الإهانة وإدارات العار: عندما يصبح النازح بضاعة في يد مستغلي الإنسانية

أمد/ في الوقت الذي كان من المفترض أن تكون فيه مخيمات النزوح ملاذًا للكرامة، تحولت للأسف إلى ساحات للذل والإهانة، يديرها من يسمون أنفسهم “إدارات”، وهم في حقيقتهم أبعد ما يكونون عن الإدارة أو الإنسانية.

من شمال الوطن إلى جنوبه، ومن شرق الشتات إلى غربه، تتشابه القصص، وتتشابه الوجوه التي لا تستحي وهي تمارس أقذر أشكال التمييز الطبقي والعنصري في توزيع الفتات على من فقدوا كل شيء.

نساء أرامل، أمهات ثكالى، أطفال حفاة، شيوخ انحنوا من التعب، وشباب جائعون، جميعهم يقفون في طوابير الذل أمام أبواب المدارس أو في ممرات المخيمات ينتظرون المغرفة، نعم المغرفة، التي لا يحصلون عليها إلا إن كانت لهم معرفة بأحد المشرفين!

إنها تكيات الذل، وليست مطابخ رحمة. فيها تُهدر كرامة الإنسان، ويُهان صبره، وتُمس كرامته بالكلمة الجارحة، بالسبّ العلني، بالصراخ على الأمهات، بالتمييز بين “فلانة” و”علّانة”، وبين “ابن التنظيم” و”ابن الله”.

ترى المرأة تُدفع، ويُزجر الطفل، ويُصفع الشاب، ويُهان العجوز، ولا أحد يحرك ساكنًا. المشرفون – الذين يعرفهم الجميع بالاسم والمنطقة والحزب – يوزّعون الطعام كأنهم يمنّون على الناس لا كأنهم يؤدّون واجبًا. بل الأسوأ من ذلك أنهم يلتقطون الصور والفيديوهات للنساء والأطفال وهم يتدافعون على مغرفة عدس أو حبة رز، في مشهد أبشع من المجاعة.

يا من تملكون مفاتيح المخيمات وتتكبرون على جوع الناس، والله ما أنتم من أهل الإنسانية بشيء. أنتم تجّار ألم، ووسطاء مصلحة، ومسوّقو ذل. كفى، فقد فضحتكم الوجوه المكسورة والبطون الخاوية والنظرات المقهورة.

الكرامة ليست خيارًا، والعدالة في توزيع الطعام ليست مكرمة من أحد. نحن لسنا قطيعًا يُساق، ولسنا درجات في دفتر المحسوبيات. نحن أصحاب حق، لا نريد صدقة، بل نطالب بحقنا في المعاملة بإنسانية.

ارفعوا أيديكم عن تكيات المهانة، وارحلوا غير مأسوف عليكم. فقد كشفكم الله والناس، وستسقطون من أعين الجميع كما سقطتم من أعين أنفسكم.
شهادات من قلب الذل:

🔹 أم وسيم (نازحة – 45 عامًا):

> “من الساعة 6 الصبح واقفة بالدور عشان وجبة عدس، لما وصلت عند الباب، قالتلي الموظفة: خلّي غيرك أولى! أنا أرملة وعندي 4 أولاد، شو يعني مش أولى؟ حسّيت حالي ولا شي، بس دموعي كانت تحكي اللي بقلبي.”
🔹 أبو حاتم (شيخ مسن – 68 عامًا):
> “الشاب المسؤول شتمني قدام الكل لما سألت ليش ابني ما أخد حصة، حكالي: إنقلع من وشي، مش إلك، روح اشتكي! أنا رجل مريض، والله ما قدرت أنام من القهر.”

🔹 ليلى (فتاة نازحة – 17 عامًا):
> “صورونا وإحنا بنركض عالكرتونة كأننا كلاب، ونزلوها على الفيسبوك! ما عندهم لا رحمة ولا احترام، صاروا يستغلونا حتى للبوستات تبعتهم.”
🔹 أبو عماد (شاب عاطل عن العمل – 32 عامًا):

> “أنا مش طالب لا شفقة ولا إحسان، بس لما تميّز بيني وبين ابن تنظيمك، وتعطيني فُتات وتعطيه كرتونة كاملة، هون ما بكون جوعان… بكون مقهور.”
🔹 أم يوسف (أم ثكلى – فقدت ابنها في الحرب):
> “قالولي: ما اسمك مش بالكشف. قلتلهم: ابني استشهد، يعني شهادة ولاده مش كفاية تكون اسمي بكشف الرحمة؟!”