هل يواجه حكم نتنياهو خطر الانهيار؟

أمد/ رغم التصعيد السياسي داخل الائتلاف الحاكم في دولة الاحتلال، لا يبدو أن حكومة بنيامين نتنياهو على وشك السقوط الفوري، لكنها تضعف تدريجياً وتدخل في مرحلة من الشلل التشريعي والجمود السياسي، في ظل أزمة متفاقمة تقودها الأحزاب الحريدية، حلفاؤه الأبرز، الذين يشعرون بالخيانة على خلفية تعثّر قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية.
الحاخامات يطالبون صراحة بإسقاط الحكومة والتوجه إلى انتخابات فورية، فيما يتّبع ممثلو الحريديم في الكنيست سياسة تصعيد محسوبة، تُبقي الباب مفتوحاً أمام الضغط دون أن تفضي بالضرورة إلى انهيار الائتلاف. هذا التوتر بلغ ذروته مؤخراً ، بعد إعلان حزبي “ديغل هتوراه” و”أغودات يسرائيل” نيتهما الانسحاب من الائتلاف، احتجاجاً على تعثّر تمرير قانون الإعفاء.
لكن الانسحاب لا يعني سقوطاً فورياً للحكومة، إذ إن الكتلتين تمثلان 6 مقاعد فقط، ما يُبقي الائتلاف برئاسة نتنياهو محتفظًا بأغلبية ضئيلة (61 مقعدًا من أصل 120). حتى لو لحقت بهما حركة “شاس” (11 مقعداً)، لن تسقط الحكومة تلقائياً ، لكنها ستتحوّل إلى حكومة أقلية تواجه صعوبات حقيقية في تمرير أي تشريع.
نتنياهو، الذي يُجيد اللعب على التوازنات الدقيقة، يسعى إلى شراء الوقت عبر احتواء الغضب الحريدي بتنازلات رمزية، والرهان على الوصول إلى عطلة الكنيست الصيفية (خلال أسبوعين تقريباً )، ما يمنحه ثلاثة أشهر من الهدوء، إذ تُجمّد خلالها كافة عمليات التصويت والتشريع. بذلك، يمكنه تأجيل المواجهة الحاسمة إلى دورة الكنيست الشتوية في أكتوبر.
نظرياً، تملك هذه الأحزاب القدرة على إسقاط الحكومة، عبر التصويت مع المعارضة على “حجب ثقة” يُفضي إلى تشكيل حكومة بديلة ضمن الكنيست الحالية، أو من خلال الدفع نحو حلّ الكنيست والذهاب إلى انتخابات مبكرة. لكن عملياً، لا تملك مصلحة حقيقية في ذلك، فهي تخشى من أن تؤدي الانتخابات القادمة إلى خسارة نفوذها، خصوصًا في ظل ازدياد المعارضة الاسرائيلية لقانون الإعفاء من التجنيد.
ولذا، يُرجّح أن تكتفي هذه الأحزاب بـمقاطعة التصويت أو التعاون مع المعارضة في قضايا محددة، ما يُفشل قدرة الحكومة على تمرير قوانين، ويُحوّلها إلى حكومة مشلولة سياسياً، مع استمرار التهديد بالانسحاب الكامل كورقة ضغط على نتنياهو لانتزاع مكاسب قطاعية.
تجمع التقديرات السياسية في إسرائيل على أن دورة الكنيست الشتوية ستكون لحظة الحسم. فإما أن يُفلح نتنياهو في تقديم تسوية مُرضية للأحزاب الحريدية، أو أن ينهار الائتلاف فعلياً، ويتم التوجه إلى انتخابات شتوية مبكرة. ومع استمرار الحرب في غزة، والتهديد المتصاعد على الجبهة الشمالية، وتآكل الدعم داخل حزب الليكود نفسه، يبدو أن الاستنزاف السياسي لحكومة نتنياهو بلغ ذروته.
حكومة نتنياهو لن تنهار فوراً، حتى مع انسحاب “يهدوت هتوراه” و”شاس”، لكنها تتجه نحو التفكك التدريجي، في ظل شلل تشريعي وضغط داخلي متصاعد. قد يكون أكتوبر، المقبل بداية النهاية لهذا الائتلاف. فالأحزاب الحريدية تمسك بمفتاح إسقاط الحكومة، لكنها تتردد خوفاً من نتائج غير مضمونة في أي انتخابات قادمة.
إنه مشهد سياسي هشّ، يتقدم ببطء نحو الانهيار، حيث لا أحد يسقط الحكومة مباشرة، لكن الجميع يهيّئ الأرضية لسقوطها.