براعة في فنون القرصنة

أمد/ لعبة مزدوجة تتكامل فيها أدوار البلطجة والقرصنة على أموال المقاصة ومكانة السلطة الوطنية الفلسطينية بين الولايات المتحدة واداتها الوظيفية دولة إسرائيل، تتبادل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية تتبادل الأدوار استنادا لقوانين عبثية وملفقة ومفتعلة لا تمت للمنطق العقلي والقانوني والسياسي بصلة، والهدف سياسي بامتياز، مطلوب إبقاء السلطة الفلسطينية وقيادتها في حالة استنزاف، والركض في متاهتهم واستجداءهم لرفع تلك العقوبات، وإلغاء اشباه القوانين الشوارعية التي سنها مأجورون ونواب يباعوا ويشتروا بأبخس الاثمان من قبل المنظمات الصهيونية وخاصة “الايباك” في الولايات المتحدة، في حين يتولى اليمين الصهيوني النازي بزعامة نتنياهو بالتناغم مع الكهانايين من جماعات الصهيونية الدينية وعرابها وزير المالية بتسليئل سموتريش، الذي يلعب دور القرصان الأكبر في تنفيذ فصول اللعبة الحقيرة لتصفية ركائز الدولة الفلسطينية.
ومن المفارقات العبثية الجديدة، قيام حوالي 200 شخص من ورثة قتلى مهرجان نوفا وفي مواقع أخرى داخل الكيبوتسات في جنوب إسرائيل قبل أيام قليلة، برفع دعوى مدنية ضد السلطة الفلسطينية تحملها مسؤولية الاعمال التي ارتكبتها حركة حماس يوم 7 تشرين اول / أكتوبر 2023، ويبلغ مبلغ التعويض الذي يطالبون به حوالي مليار شيكل، وتعد هذه الدعوى من أكبر الدعاوي القضائية المرفوعة ضد السلطة الفلسطينية، من حيث عدد المدعين ونطاقها المالي، حسب القناة 7 العبرية أول أمس الاثنين 14 تموز / يوليو الحالي.
وتتضمن ملاحق الدعوى تفاصيل شخصية عن كل قتيل، مما يمنحها بعدا إضافيا، توثيقا إنسانيا وعاطفيا، الى جانب أهميتها القانونية المجردة. وحسب القناة الإسرائيلية، يتولى فريق المحامين يوسي اشكنازي، وروي شايندروف، من مكتب هرتسوغ للمحاماة. هذه الدعوى، ويشير المحاميان الى انه في حال صدور حكم المحكمة لصالح المدعين، فمن المتوقع تحصيل التعويضات من الأموال التي صادرتها الدولة بالفعل من السلطة الوطنية، كجزء من صندوق خاص بقيمة تقارب 3 مليارات شيكل جُمّد بقرار حكومي بعد احداث 7 أكتوبر 2023. وقال المحامي شايندروف، نطالب المحكمة بتحميل السلطة المسؤولية القانونية المباشرة، بسبب تمويلها وتشجيعها ودعمها للمسلحين، يتجلى هذا الدعم في المنح المقدمة للسجناء الأمنيين المسجونيين في إسرائيل، وعائلاتهم، لا شك أن هذا الدعم ساهم في احداث 7 أكتوبر، التي قتل فيها أكثر من 1200 إسرائيلي وأختطف 252 شخصا.
والاسئلة المتعلقة بالدعوى القضائية الجديدة لذوي القتلى الإسرائيليين، من المسؤول عن عدد القتلى الإسرائيليين؟ اليست الطائرات الحربية والطائرات المروحية الإسرائيلية، التي أعطيت أوامر واضحة باستهداف الإسرائيليين وخاصة في حفل نوفا؟ ومن الذي حمى وغذى ودعم انقلاب حركة حماس على السلطة الوطنية في 14 حزيران / يونيو 2007 على مدار ال18 عاما الماضية؟ أليست حكومات نتنياهو المتعاقبة؟ ومن الذي حمل الأموال القطرية الشهرية بسياراته وممثلي اجهزته الأمنية ومقدارها 30 مليون دولار لقيادة حماس؟ أليسوا جهازي الموساد والشاباك الإسرائيليين بتعليمات من بنيامين نتنياهو والمستوى السياسي؟ ومن الذي تصدى للمعارضة الإسرائيلية التي رفضت تمويل الانقلاب الحمساوي؟ الم يكن نتنياهو نفسه، عندما صرح وقال، من يريد تقويض خيار قيام الدولة الفلسطينية عليه ان يدعم الانقلاب وحركة حماس؟ ومن الذي نشر خطة حماس على قناة “سكاي نيوز” الإنكليزية في 7 تشرين اول / أكتوبر 2017 بالتفصيل الممل قبل 6 سنوات من 7 أكتوبر 2023؟ الم يكن نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية؟ ومن الذي أوقف الافراج عن الدفعة الرابعة من أسرى الحري المعتقلين قبل أوسلو في مطلع العام 2014، وأوقف عجلة المفاوضات مع القيادة الفلسطينية؟ أليس هو المتربع على عرش الحكم الإسرائيلي الان؟ وعلى أي أساس تلاحق السلطة الوطنية التي تمسكت بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967؟ وهي المتمسكة بخيار المفاوضات والمقاومة الشعبية السلمية؟ وهل ذريعة ان قيادة السلطة تصرف لأسرى الحرية الفلسطينيين مبرر لرفع الدعوى؟ ومن قال إن هناك حركة تحرر وطني تخلت عن مناضليها واسرهم؟ وهل يليق بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ان تتبرأ من المناضلين والأسرى الأبرياء الذين اعتقلوا دون سبب يذكر؟ وكم ألف من أسرى الحرية معتقلا دون سبب، ومحكوم إداريا، هل مطلوب من قيادة الشعب التي حملت راية المشروع الوطني التحرري ان تتخلى عن دورها الوطني؟ هل قال أحد لإسرائيل وللولايات المتحدة ان منظمة التحرير يمكن ان تقبل ان تكون أداة لتل ابيب وواشنطن؟ والا يميزوا بين القبول بخيار السلام وبين الاستسلام؟ والم تقدم قيادة المنظمة التنازلات السياسية من اجل بناء جسور السلام والتعايش؟
مؤكد الدعوى القضائية المدنية الجديدة مردودة على الإسرائيليين أصحاب الدعوى ومن يقف خلفهم من اركان القيادة، وحتى لو صدر حكم لصالحهم فلن تسقط حق السلطة الوطنية في استرداد حقوقها المالية كاملة، إن لم يكن اليوم أو غددٍ فبعد غدٍ مهما كانت التعقيدات والأساليب الإسرائيلية الأميركية القذرة والمبتذلة، فالحقوق لا تسقط بالتقادم، وواهم من يعتقد ان حركة التاريخ لا تغير مسارها، وتعيد الاعتبار للشعب العربي الفلسطيني وحقوقه الوطنية، ومن يراقب التحولات الجارية في الأوساط الإقليمية والدولية وفي المحافل المختلفة وخاصة في أوساط اليهود في اميركا واوروبا، يرى جيدا ان التاريخ، ورغم الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني للشهر ال22 بدأ يغير مساره اللوبي الصاعد لصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه ومصالحه الوطنية العليا، وبالمقابل بدأت عجلة التاريخ في التراجع والسقوط التدريجي للدولة الإسرائيلية اللقيطة والنازية، بعدما تكشف وجهها الدموي والفاشي والإبادوي الكارثي، ليس على الفلسطينيين فقط، وانما على الإقليم والعالم بأسره، وأن غدٍ لناظره قريب.