تعطل الهدنة في غزة: مسؤولية الاحتلال وتحديات الوقت الراهن

تعطل الهدنة في غزة: مسؤولية الاحتلال وتحديات الوقت الراهن

أمد/ منذ أسابيع، والمفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة تراوح مكانها. ورغم الضغط الدولي والتدهور الإنساني غير المسبوق، لم تُعلن الهدنة بعد.
السؤال الذي يفرض نفسه: ما الذي يعيق الاتفاق؟ ومن يتحمل المسؤولية؟

أولًا: الاحتلال والعقبات المتعمدة

الوقائع السياسية والميدانية تؤكد أن العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى هدنة حقيقية تتمثل في المواقف الإسرائيلية المتشددة، والتي تتلخص في:

1. الرفض المعلن للانسحاب الكامل من القطاع، والإصرار على البقاء في مناطق استراتيجية، ما يعني عمليًا استمرار الاحتلال بشكل مقنّع.

2. رغبة تل أبيب في هدنة مؤقتة ومفتوحة النهاية، تتيح لها إعادة التموضع لا إنهاء الحرب، مما يُفرغ أي اتفاق من مضمونه.

3. التعامل مع ملف الأسرى كورقة ابتزاز سياسي، دون تقديم ضمانات متوازنة أو الاستعداد لدفع الثمن اللازم لتحقيق صفقة شاملة.

4. الرهان الإسرائيلي على الزمن، بهدف إنهاك المقاومة والسكان، وإضعاف الموقف التفاوضي الفلسطيني بفعل الضغوط الميدانية.

هذا السلوك ليس جديدًا، لكنه أكثر وضوحًا في هذه الجولة، وهو ما يجعل من التهدئة الكاملة هدفًا مؤجلاً وليس أولوية إسرائيلية.

ثانيًا: في وجه الحقيقة… لا بد من وقفة فلسطينية مسؤولة

لكن، ومع وضوح الموقف الإسرائيلي، تبرز مسؤولية وطنية أخرى لا يمكن تجاهلها: مسؤولية اللحظة الفلسطينية.

بعيدًا عن لغة اللوم، من المهم الإقرار أن استمرار الحرب بلا أفق، هو استنزاف لدم الناس ومستقبلهم.
وإذا كانت المقاومة قد اختارت توقيت هذه المعركة، فإن قدرتها على إدارتها نحو هدف واضح يفرض عليها مراجعة دقيقة ومسؤولة.
ليس المطلوب القبول بما لا يُقبل، ولكن:

أن تُوازن القيادة بين المبدأ والواقعية،
أن تضع مصلحة المدنيين على الطاولة،
وأن تتصرف بروح المبادرة لا ردّ الفعل.
القيادة الحقيقية تُختبر حين تصبح التضحيات جسيمة، والخيارات ضيقة، والوقت ثمينًا.

خاتمة:
نعم، إسرائيل هي من تعرقل الهدنة فعليًا، بشروطها المجحفة ومراوغتها السياسية.
لكن هذا لا يعفي أحدًا من واجب التصرّف بمسؤولية أخلاقية ووطنية.
فإنهاء الحرب اليوم – إن كان ممكنًا بشروط تحفظ الكرامة – هو فعل بطولة ووعي، لا تراجع أو ضعف.

وغزة تستحق من الجميع قرارًا بحجم ما قدمته، لا استمرارًا في نزيفٍ بات عبئًا على الحياة والمستقبل معًا.