مركز: مستشفيات غزة تواجه أزمة حادة بسبب نقص الوقود والحصار الإسرائيلي

أمد/ غزة: يعرب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ إزاء التدهور المتسارع في الوضع الصحي داخل مستشفيات قطاع غزة، محذرًا من انهيار وشيك وكارثة إنسانية كبرى نتيجة الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، والنقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيل المولدات المتهالكة، وتقادم أنظمة الطاقة الشمسية دون توفر قطع الغيار. هذه الأزمة، التي تفاقمت على مدى ما يقارب العامين من الحصار الإسرائيلي، دفعت جميع المستشفيات إلى مرحلة “الإبقاء على الحد الأدنى من العمل لإنقاذ حياة المرضى والجرحى”.
شلل تام في الخدمات الأساسية: غزة تواجه خطر الموت
يؤكد المركز أن سياسة “التقطير المتعمدة” التي تفرضها القوات الإسرائيلية المحتلة في إدخال الوقود والإمدادات الحيوية، من مساعدات طبية وغذائية، قد فاقمت الوضع بشكل غير مسبوق. ورغم سماح القوات المحتلة قبل أيام قليلة بإدخال كمية ضئيلة من الوقود بلغت 75 ألف لتر – وهي الأولى منذ 130 يومًا – إلا أن هذه الكمية لا تغطي سوى جزء بسيط من الاحتياج اليومي الذي يتجاوز 250 ألف لتر، وفقًا لوكالات الأمم المتحدة.
ويحذر المركز من أن نقص الوقود بكميات كافية يهدد بشلل تام في الخدمات الأساسية، بما في ذلك توقف وحدات العناية المركزة والولادة، وانهيار منظومات المياه والاتصالات، وتراكم النفايات ومياه الصرف الصحي، مما ينذر بانتشار أوبئة قاتلة قد تحصد أرواح الآلاف.
مستشفى شهداء الأقصى: صرخة استغاثة من قلب الأزمة
يُعد مستشفى شهداء الأقصى الحكومي في المحافظة الوسطى، الذي يخدم أكثر من نصف مليون فلسطيني، مثالًا صارخًا على هذا الانهيار. أفاد وائل أبو سلوت، المدير الإداري للمستشفى، لباحثي المركز بأن المستشفى “يواجه خطرًا وشيكًا بتوقفه عن العمل بالكامل خلال الساعات القادمة، بسبب نفاد الوقود وتعطل المولد الكهربائي الرئيسي، في ظل عدم توفر قطع الغيار اللازمة لصيانته نتيجة الحصار الإسرائيلي المتواصل”.
ويحتاج المستشفى إلى 2500 لتر من السولار يوميًا، بينما لا يتوفر حاليًا سوى 500 لتر. ويعتمد المستشفى كليًا على المولدات الكهربائية منذ انقطاع الكهرباء، في حين لم تعد منظومة الطاقة الشمسية تغطي الاحتياجات بسبب تقادمها. وأوضح أبو سلوت أن تعطل المولد الرئيسي يهدد توقف أقسام حيوية مثل العناية المركزة (11 حالة حرجة)، الحضانة (22 طفلًا حديث الولادة)، عناية القلب (6 حالات حرجة)، غسيل الكلى (100 مريض يوميًا)، وقسم العمليات (25 عملية يوميًا)، وقسم الطوارئ (500 حالة يوميًا).
وأضاف أبو سلوت: “نحاول حاليًا إبقاء بعض الأقسام غير الحيوية خارج الخدمة لتوفير الطاقة للأقسام الحرجة، لكننا نقترب من لحظة الانهيار الكامل، وهي مسألة وقت فقط”.
“جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان”: دعوة للمساءلة والتحرك الدولي
يعمل الأطباء والممرضون والفنيون في هذه الظروف القاسية في بيئة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، وسط نقص حاد في الأدوية والمستهلكات الطبية، وضعف القدرة السريرية، وتدفق مئات المرضى المصابين بإصابات بليغة. وقد ذكرت منظمة مراقبة العاملين في مجال الرعاية الصحية-فلسطين أن الاحتلال قتل 71 عاملاً صحيًا خلال الشهرين الماضيين، كان آخرهم طبيب القلب ومدير المستشفى الإندونيسي الدكتور مروان السلطان الذي قُتل في 2 يوليو 2025، والطبيب أحمد قنديل، استشاري الجراحة العامة في المستشفى الأهلي المعمداني، الذي قُتل اليوم، الأحد 13 يوليو 2025، في استهداف طيران الاحتلال لسوق شعبي وسط مدينة غزة.
يرى المركز أن الانهيار الحاصل في المنظومة الصحية في قطاع غزة هو انعكاس مباشر لسياسة ممنهجة تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي تقوم على العقاب الجماعي والتدمير المتعمد لمقومات الحياة، وهو انتهاك فاضح للقانون الدولي الإنساني، وتهديد لحياة السكان المدنيين يحرمهم من حقهم في الصحة. ويعتبر المركز أن استمرار هذا الوضع سيحوّل كل إصابة لجريح، وكل حالة ولادة، أو حالة مرضية حرجة إلى مأساة مفتوحة على الموت.
ويؤكد المركز أن هذا يشكل أحد الأركان المادية لجريمة الإبادة الجماعية، من خلال فرض شروط حياة تؤدي تدريجيًا إلى هلاك جماعة سكانية بأكملها.
وفي ضوء ذلك، يدين المركز بأشد العبارات تقاعس المجتمع الدولي وصمته عن التدخل الفوري والفعال لوقف هذا الانهيار، ويدعو إلى:
وقف العدوان فورًا وإتاحة دخول البضائع التجارية والمساعدات الإنسانية، وأهمها الوقود والمستلزمات الطبية، بشكل غير مشروط.
تحرك دولي واسع لوقف إصرار دولة الاحتلال على قطع شرايين الحياة عن المدنيين في قطاع غزة.
إنقاذ الوضع الإنساني بإدخال كميات كافية من الوقود والمعدات الطبية وقطع الغيار فورًا ودون قيد أو شرط.
ضمان الحماية الفعلية للمنشآت الصحية.
مساءلة الاحتلال عن ارتكابه جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان.