من الحقوق المعلقة إلى الفرص المنتجة: خطة عملية لمعالجة أزمة الرواتب في فلسطين

أمد/ منذ سنوات، يعاني الموظفون الفلسطينيون من عدم انتظام الرواتب، وتراكم المستحقات، في ظل أزمة مالية مزمنة تتفاقم بفعل احتجاز حكومة الإحتلال لأموال المقاصة، وتراجع الدعم الخارجي، وتباطؤ الاقتصاد الوطني.
وفي ظل هذا الواقع الصعب، لم تعد النداءات وحدها تكفي، بل حان وقت تقديم حلول عملية، واقعية، تستند إلى شراكة حقيقية بين الموظف والحكومة والمجتمع.
في هذا المقال، أقدم تصورا متكاملا لحل أزمة الرواتب والمستحقات، يبدأ من أدوات مالية جديدة مثل السندات الحكومية، ولا ينتهي إلا بوضع خطة وطنية عادلة لتقاسم الأعباء وإنقاذ الاقتصاد الوطني.
أولا : السند الحكومي الموجه … من ورقة إلى فرصة إنتاجية
تقوم الفكرة على إصدار سند حكومي بقيمة مستحقات الموظف، وبدلا من الانتظار لأجل صرفها نقدا، يستخدم هذا السند في الحصول على خدمات أو امتيازات إنتاجية مثل:
* شراء مركبة معفاة من الجمارك
* ترخيص ترمبة بنزين أو محطة غاز
* رخصة مكتب تكسي أو نقل داخلي
* ترخيص مكتب خدمات
* رخصة لوكالة غاز منزلي أو تعبئة أسطوانات
* رخصة مركز خدمات صحية .. الخ
بهذا، يتحول السند من دين مؤجل إلى أصل منتج، ومن مستحق غير مدفوع إلى فرصة عمل واستثمار.
ثانيا : خطة وطنية لانتظام صرف الرواتب
إلى جانب معالجة المستحقات، نحتاج إلى انتظام الراتب شهريا، لتأمين حياة كريمة واستقرار وظيفي.
ومن خلال هذا النموذج نقترح خطوات عملية :
* إنشاء صندوق وطني للرواتب من مساهمات الشركات والبنوك.
* فرض ضريبة عدالة وطنية مؤقتة على أرباح كبار الأثرياء.
* وقف المصاريف الحكومية غير الضرورية، واعتماد خطة تقشف شفافة.
ثالثا : لا عدالة في أن يتحمل الموظف وحده الأزمة
الأزمة ليست قدرا، ولكن تحميلها لفئة واحدة فقط (الموظفين) يهدد السلم الاجتماعي.
العدالة تقتضي أن تشارك كل شرائح المجتمع في الحل :
* على الحكومة أن تبادر بالتقشف وإصلاح الإدارة المالية.
* على القطاع الخاص أن يساهم في صندوق الرواتب.
* على الأثرياء أن يتحملوا جزءا من التكلفة الوطنية.
* وعلى الموظف أن يقبل أدوات جديدة مثل السندات بشرط الشفافية والجدية.
في الختام :
ليست المشكلة في غياب المال فقط، بل في غياب الإرادة للتفكير خارج الصندوق. وليس المطلوب من الموظف أن يصبر وحده، بل أن يكون شريكا في حلّ منصف، يحول الأزمة إلى فرصة، والمستحقات إلى مشاريع، والراتب إلى قيمة وطنية نحافظ عليها جميعا.
إذا توفرت الإرادة، فالحل موجود.