بين الدم والفتوى… في أي نقطة انحدرنا؟

أمد/ في ذروة المجازر التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، حيث تُباد عائلات كاملة تحت ركام منازلها في غزة، وتُهدم المدارس والمستشفيات، وتُقتلع الحياة من جذورها، تتقدّم إلى الواجهة موجة تطبيع جديدة، هذه المرة بوجوهٍ “دعوية” وإعلامية، تُلبس الجريمة ثوب “السلام”، وتُجمّل القبح تحت شعار “الإنسانية”.
وفد من “الدعاة المسلمين” في اوروبا زار الكيان الإسرائيلي مؤخرًا، وجال في القدس المحتلة وأزقتها، متحدثًا عن التسامح والحوار، واجتمع برئيس دولة الكيان الصهيوني واشاد باسرائيل ووصفها بأنها تمثل الخير وانها تخوض حروبها بإسم الخير ضد قوى الشر وانها تمثل قيم الحرية والديمقراطيه والإنسانية، متغافلًا عن (قصد أو جهل) عن عشرات آلاف القتلى والجرحى والأسرى والمفقودين، وملايين المهجرين المشردين، وعن المجاعة في غزة، وعن الإبادة الجماعية الموثقة على مرأى العالم وادانات منظمات حقوق الإنسان والمحاكم الدولية لقادة الكيان ووصفهم بمجرمي حرب، لم يتحدثوا عن الجريمة، بل قدّموا “فتوى صامتة” تشرعن الاستسلام والمجازر وجرائم الحرب، وتُضفي على الاحتلال طابعًا حضاريًا إنسانيا مغشوشًا….!
وفي موازاة هذا المشهد، تداولت وسائل الإعلام خبر مشاركة الإعلامي عبد العزيز الخميس، السعودي الأصل والمقيم في الإمارات والحاصل على جنسيتها، في فعالية داخل الكنيست الإسرائيلي، في خطوة مثيرة للجدل.
الخميس الذي لا يمثل السعودية رسميًا، معروف بمواقفه التطبيعية ومعارضته للحكم في بلده الأم، وقد تحوّل إلى أداة ناعمة في تسويق الرواية الإسرائيلية والترويج للتطبيع تحت لافتة “الواقعية السياسية” و”الانفتاح الإعلامي”.
ماذا تريد حكومة الإمارات من منح الخميس جنسيتها وجواز سفر وانتدابه إلى الكنيست، ما هي الرسالة التي تريد أن توصلها؟
المملكة العربية السعودية موقفها واضح ومعلن لا سلام ولا تطبيع دون الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها انهاء الإحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية.
هذه الوقائع لا تعبّر فقط عن اختراق سياسي، بل عن تحلل أخلاقي خطير.
فحين تتحوّل المنابر الدينية الإسلامية إلى أبواق تلمّع المحتل، وحين يدخل إعلاميون عرب برلمان الدولة التي تحتلّ القدس وتدكّ غزة، فالمشكلة لم تعد في العدو… بل في من يبيع الضمير مقابل وهم الدور أو فتات المصالح……!
التطبيع في ظل الإبادة خيانة مضاعفة، ومَن يصافح القاتل بينما الدم لا يزال حارًا في العروق، ليس سوى شريكٍ في الجريمة…
ولو ارتدى عباءة داعية، أو حمل ميكروفونًا إعلاميًا.
ما يجري اليوم ليس دعوة للتعايش، بل محاولة لتطبيع المجازر، ولقتل ما تبقى فينا من إحساس.
ولذلك، فإن الصمت على هذه الأفعال والتصرفات من قبل وأمثال هؤلاء لم يعد خيارًا…
بل تواطؤًا…..
لا بد من مواقف واضحة تضع النقاط على الحروف ولا تكتفي بإدانتهم وانما تجريمهم ونبذهم ومحاسبتهم كشركاء في الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي وحكومة نتنياهو ….