خطاب السيدة مريم رجوي: الرؤية الثالثة لمستقبل إيران

أمد/ الحكمة والرشد هما الركيزتين الهامتين التي يجب أن يتم استحضارهما عند وقوع كوارث كبرى كالحروب على سبيل المثال خاصة في ظل وجود أنظمة حمقاء لا تجيد سوى ثقافة الحقد والكراهية وإثارة الفتن والحروب.. ومجابهتها بالرشد والحكمة يعد من أفضل وسائل المواجهة وصولا إلى حلول.
في حال نظام من هذه الأنظمة الشمولية الطاغوتية نظام الملالي الذي يتخذ من الدين ستارا من أجل السلطة والتغرير ببسطاء الناس في إيران والعالمين العربي والإسلامي حتى وصل به المطاف إلى احتلال وتدمير أربع دول عربية بدلا من تحرير فلسطين التي دمر قضيتها وأفنى غزة وشرد أهلها وقتل قادتها بسبب طيشه التوسعي.. في حال نظامٍ كهذا يجب أن يحضر من الحكمة والرشد كحل وبديل، وقد كانت المقاومة الإيرانية هذا البديل على الدوام منذ ثمانينيات القرن الميلادي الماضي.
لقد تجسد رشد وحكمة المقاومة الإيرانية بقيادة السيدة مريم رجوي من خلال رؤيتها وقادتها، وقد تجسد ذلك في حرب الـ 12 الأخيرة والتي لا تزال نيرانها تثور تحت الرماد.. حيث دعت السيدة مريم رجوي إلى إنهاء هذه الحرب واتخاذ طرح الخيار الثالث كحل ومخرج للخلاص من نظام الملالي وعبثه وطيشه وأوهامه التوسعية، ويتمثل الخيار الثالث في لا للحروب ولا للمساومة ونعم لخيار إسقاط النظام من خلال إرادة الشعب ومقاومته.. وهنا يتوجب على المجتمع الدولي الوقوف في جانب الشعب الإيراني ومقاومته بدلا من اتباع سياسة المهادنة والمساومة والابتزاز؛ الرؤى الرشيدة الثابتة تتجلى على الدوام لدى السيدة مريم وقد رأينا ذلك في مقابلتها الصحفية مع صحيفة النهار اللبنانية.. وفي هذا المقال أحاول تسليط الأضواء على المقابلة الصحفية التي أجرتها السيدة مريم رجوي مع الصحافية موناليزا فريحة في جريدة النهار اللبنانية وتأثيرها على الرأي العام العربي والعالمي فضلا عن تأثيرها على الرأي العام في إيران.
أولًا: الأثر الإعلامي في الصحافة العربية
1. اختراق رمزي للخطاب اللبناني الرسمي.
حيث أن جريدة النهار اللبنانية صحيفة معروفة بتاريخها المعتدل وعلاقاتها المتوازنة مع دول المنطقة، ومجرد نشر مقابلة بهذا الحجم مع زعيمة معارضة إيرانية يعني:
– كسر حاجز الصمت تجاه انتقاد النظام الإيراني من داخل الصحافة اللبنانية التقليدية.
– منح شرعية إعلامية رمزية للمقاومة الإيرانية في منبر كان نادرًا ما يستضيف رموزًا من هذا النوع.
– التأثير على صحف لبنانية أخرى (مثل: الجمهورية، اللواء، نداء الوطن) لاحقًا لإعادة التوازن في تغطية الملف الإيراني بعيدًا عن محور “الممانعة”.
2. تحفيز وسائل إعلام عربية أخرى على تغطية مواقف المعارضة.
مقابلة النهار قد تُشكّل “سابقة محفزة” تدفع مؤسسات إعلامية كبرى مثل الشرق الأوسط، العربية، اندبندنت عربية، والجزيرة نت إلى فتح ملفات موسعة عن:
هشاشة الداخل الإيراني.
مستقبل الملف النووي.
أدوار البدائل السياسية داخل إيران ما بعد خامنئي..
ثانيًا: التأثير على الرأي العام الإيراني
1. إعادة تسليط الضوء على المعارضة كخيار واقعي وضرورة حتمية..
إن ظهور مريم رجوي في صحيفة عربية محترمة يُظهر أن المعارضة لا تزال فاعلة وقادرة على التأثير الإقليمي والدولي؛ خاصة بعد محاولات النظام طمس وجودها إعلاميًا، وهذا مهم لعدة شرائح:
الجيل الشاب الباحث عن بديل غير عسكري وغير ديني.
الطبقة المتوسطة التي سئمت من العقوبات والتضخم والمغامرات الإقليمية.
2. رسالة ضمنية للنخب داخل النظام.
المقابلة موجّهة أيضًا إلى بعض ما تسمى بـ تيارات النظام الإصلاحي ومراكز القرار التي بدأت تشكك في جدوى التمسك بالخيار النووي في ظل العزلة العالمية والأزمات الداخلية.
ثالثًا: الرسائل المبطنة للمجتمع الدولي
1. وجود بديل سياسي ديمقراطي علماني غير عسكري للنظام الدكتاتوري الحاكم في إيران.
– لقد أبرزت المقابلة أن هناك معارضة سياسية، بقيادة نسوية، علمانية، ومنظمة قادرة على تقديم بديل متماسك للنظام في حال تدهوره مما يحرج الأطراف الغربية التي تتذرّع على الدوام بعدم وجود “بديل جاهز”.
2. تشجيع الغرب على إعادة النظر في استراتيجيات العقوبات.
قد تساعد المقابلة في دفع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة نحو سياسات أكثر ذكاءً ترتكز على:
– تمكين المعارضة بدلًا من الاكتفاء بالعقوبات.
– التمييز بين النظام والشعب، وتوفير الدعم التام للشعب الإيراني في نضاله من أجل الحرية والديمقراطية.
في الحقيقة إن لقاء السيدة مريم رجوي مع الصحفية موناليزا فريحة في صحيفة النهار ليس مجرد مقابلة صحفية بل يمثل:
– تحريكًا لمياه راكدة في الخطاب العربي تجاه إيران.
– بثًّا لرسالة “الأمل السياسي” داخل إيران.
– إشارة للغرب أن البديل المدني موجود ويستحق الالتفات إليه.
وفي ظل اشتعال جبهة إسرائيل – إيران فإن هذه الرسائل تكتسب أهمية مضاعفة للعالم مفادها أن العالم يتغير بسرعة فائقة نحو تصفير الحروب والسير نحو بناء علاقات وثيقة بين الشعوب تقوم على أساس الاحترام المتبادل وبالوسائط السلمية واغلاق فوهات المدافع.