تنافس التحالفات وتشكيل استراتيجيات لمنطقة الشرق الأوسط الجديدة.. (تحليل موقف)

تنافس التحالفات وتشكيل استراتيجيات لمنطقة الشرق الأوسط الجديدة.. (تحليل موقف)

أمد/ عقودٌ مضت ، إمبراطوريَّات تفكَّكت واندثرت ، وأخرى صعد نجمها وأصبحت تحكم العالم ، زعامات رحلت بفعل الثَّورات ، وأخرى بفعل القدَر ، وكلُّها مشيئة الله في أرضه..

هذا التَّفكيك السِّياسي جاء بعد التَّفكيك الجُّغرافي ، وتقطيع العالم العربي إلى مشرق ومغرب يفصل بينهما الكيان الصهيوني في الموقع الاستراتيجي ليسهل عليهم التَّحكُّم في عصب الأمَّة ومقدَّراتها عبر الزَّمن ، وحماية للمصالح الغربيَّة الممتدَّة من الغرب إلى الشَّرق ومن الشَّمال إلى الجَّنوب ، وليبقى الوطن العربي الكبير والممتد قاعدة عسكريَّة متقدِّمة لهذا الاستعمار المُرَكَّب والذي تقوده أمريكا..

والحقيقة لو راجعت الأنظمة المتهالكة في الدُّول العربيَّة سلسلة تحالفاتها الدَّوليَّة والإقليميَّة ستجد عدم فاعليتها ولتوصَّلت لمفهوم “الشَّعب أحق بالسُّلطة المطلقة” ، وأنَّه يجب العودة للشَّعب وإرساء قواعد الدِّيمقراطيَّة بشكلها المتكامل صوناً لمقدَّراتها العسكريَّة والسِّياسيَّة والأمنيَّة والاقتصاديَّة ، وحفاظاً على النَّسيج المجتمعي من التَّدمير والتَّفكُّك ، بل والحفاظ على السِّيادة المطلقة على جغرافية الأرض والمكان ، ولكنها باتت رهينة المصالح العالميَّة ، وهيمنة القوى العظمى بقيادة أمريكا..

وبقراءة متعمِّقة للمشهد الإقليمي ، نرى أنَّ التَّقارب السُّعودي الإيراني ، والتَّقارب المصري التُّركي ، وإعادة تدوير العلاقات بين دول الإقليم وفق تقاطعات المصالح ، وخلق تحالفات جديدة ، وتعطيل أخرى ، أربك حسابات واشنطن وتل أبيب ، خاصَّة بعد دخول روسيا والصِّين وتركيا وباكستان على الخط ، وقيامها بعمل تحالفات مع دول الإقليم ، الأمر الذي دفع إلى إتِّخاذ قرارات سريعة لوقف التَّصعيد مع إيران والسَّعي لوقف الحرب بغزة ، والدَّفع بإتِّجاه الإتِّفاقات الإبراهيمية وتحريك عجلة قطار التَّطبيع ، والعمل على سحب السُّعودية ومصر ودول الخليج من تلك التَّحالفات ، والزَّج بها وإدخالها في تحالف جديد بقيادة إسرائيل بإسم “النَّاتو العربي” ، لخلق استراتيجيَّات جبهة موحَّدة في إطار الشَّرق الأوسط الجَّديد لمواجهة الخصوم ، وذلك للإلتفاف على خطط التَّحالفات الجَّديدة ، في محاولة دراماتيكيَّة لإجهاضها وإسقاطها قبل فوات الأوان..

⬅️ الخاتمـــة:
سباق مقيت ومحموم نحو السَّيطرة على اقتصادات دول الإقليم ، وثرواتها ، وخاصَّة النِّفط والغاز لما لها من عظيم أثر في خلق توازنات سياسيَّة عالميَّة مرتبطة باقتصادات تلك الدُّول ، ولن يتأتَّى ذلك إلا من خلال تحالفات جديدة وإعادة تدوير القديمة بما يخدم هذه التَّوجُّهات..

كما تنسجم تلك التَّحالفات مع الرُّؤية الصَّهيوأمريكيَّة الشُّموليَّة المنبثقة عن استراتيجيَّة إدارة المنطقة ، الأمر الذي يحقِّق لهم الحلم الكبير بإقامة مملكة داوود (إسرائيل الكبري) على أنقاض أنظمة دول الإقليم المتهالكة ، واتِّباع سياسة من لا يدعم توجُّهاتهم فهو ضدَّهم ويتم وصمه بأنَّه معادي للسَّاميَّة ، من أجل تركيع حالة التمرُّد الكامنة في مفاهيم بعص النُّخب السِّياسيَّة ، وأن تقبل بالتَّغيير ، وتدور في آتون “النَّاتو العربي الجَّديد” الذي يحقِّق تلك الغاية..

وهنا لنا وقفة أمام تساؤلات تبحث عن إجابة وتسهم في قراءة حقيقيَّة للمشهد ، وفهم مجريات الأحداث:
هل بات العرب يفتقدون للعقيدة السِّياسيَّة القادرة على مواجهة التحدِّيات والتَّهديدات التي تعصف بأمنهم القومي ، وهل باتوا غير قادرين على صون واستغلال مرتكزات الدِّين الإسلامي الحنيف والبعد الحضاري العربي وكلاهما من عناصر القوة ؟؟؟

وهل نحن “أمَّة غادرت تاريخها طوعاً وأضحت تغادر جغرافيَّتها كراهة ، وطَمَست حضارتها عنوةً ” ، وذابت أصولها في مياه التَّطبيع ، وغرقت في آتون التَّحالفات الجَّديدة؟؟؟

وهل من صحوة تنقذ جسد الأمَّة العربيَّة من مخطَّط التَّفكيك الجِّيوسياسي والتَّفتيت الدِّيموغرافي لكل مكوِّناتها والتي تعصف بها منذ زمن ، وتكون قادرة على إعادة المكانة المركزيَّة للقضيَّة الفلسطينيَّة والمحافظة على ثوابت الأمَّة؟؟؟!!!