إحياء ذكرى وفاة الباحث التراثي الأستاذ إسحاق عبد الهادي محمود الحروب

أمد/ ولد الباحث التراثي اسحق عبدالهادي محمود الحروب في قرية دير سانت في منطقة دورا بالخليل عام 1941م، في عائلة فلاحية كما غالبية أبناء شعبنا، عاش طفولته في عائلة تمارس الزراعة وحملت ذاكرته صوراً من طفولته لوالده وهو يصنع رحل الجمل وينسج الحبل وهو يمارس لعبة الطراد كفارس في الأعراس وكيف صنعت والدته العراقية وهي غطاء رأس المرأة بالإضافة إلى كافة الممارسات المرتبطة بالحياة اليومية، تعلم في مدرسة القرية وحصل على شهادة معهد وعمل معلماً في مدارس القرية عام 1965م.
كان ولع اسحق الحروب في التراث قد بدأ عام 1957م ليكرس له جل حياته رغم قصر ذات اليد، كان اهتمام اسحق الحروب استجابة عفوية لأسلوب حياة متغير أخذ في التلاشي بسبب تغير أنماط العيش، عمقته النكبة التي آلمت بالشعب الفلسطيني عام 1948م، والتي نتج عنها تدمير المدن والقرى الفلسطينية وتهجير أهلها منها، ونسج حياتهم الاجتماعية، وفقدت خلالها عائلة اسحق جزءاً من أراضيها وهي قصة لم تنتهي حتى وفاته.
انبرى الشاب اسحق الحروب إلى جمع تراث شعبه وتصنيفه وحمل روح شعبه كالجمر على كفيه.
كان اسحق ينبوع معرفة تراثي ملماً بحكم خبرته وممارسته بجوانب حياة شعبه، وترك إرثاً حافلاً تمثل بمؤلفاته ومجموعاته التراثية وقد وضع ثمرة معرفته وروحه في كتاب (أطلس التراث الريفي في فلسطين) الذي صدر باللغتين العربية والإنجليزية عام 2016م وثق فيه الحياة اليومية في فلسطين ونظراً للقيمة العلمية والتاريخية الكبيرة للمجموعة وندرتها فقد تم توظيفها في متحف برك سليمان لما تشكله من إسهام كبير في الحفاظ على الهوية الثقافية للشعب الفلسطيني.
كما أسهم اسحق الحروب في رفد عدد من متاحف وزارة السياحة والأثار بالمواد التراثية كمتحف البد في بيت لحم ومتحف دورا.
كان اسحق باحثاً ومثقفاً أصيلاً قام بعمله بجهد فردي بكل حب وشغف، وسيبقى إرثه وعمله الموسوعي في توثيق الحياة الشعبية في فلسطين حياً في وجداً شعبه.
الباحث التراثي / اسحق عبدالهادي محمود الحروب متزوج وله من الأبناء خمسة من الذكور وسبعة من الإناث.
تقاعد من العمل عام 1990م.
انتقل الباحث التراثي الأستاذ / اسحق عبدالهادي محمود الحروب (أبو إياد) إلى رحمة الله تعالى بتاريخ 26/6/2025م بعد رحلة طويلة في الحفاظ على التراث الفلسطيني عن عمر يناهز ال (84) عاماً حيث تمت الصلاة على جثمانه الطاهر في المجمع الإسلامي في دير سامت وشيع إلى مأواه الأخير في مقبرة العائلة إلى جانب والده ووالدته.
وداعاً يا حافظ الذاكرة.
رحم الله الباحث التراثي الأستاذ / اسحق عبدالهادي محمود الحروب (أبو إياد) وأسكنه فسيح جناته.
ابن الأصول الأستاذ جبر الرجوب….
شكر الله سعيكم
بكل خشوع وأسى، نودّع اليوم قامة علمية وتاريخية وإنسانية عظيمة، الأستاذ المرحوم إسحق الحروب (أبو إياد)، الرجل الذي لم يكن مجرد جامعٍ للتراث، بل كان ذاكرة حيّة، ومتحفًا ناطقًا، وسفيرًا صادقًا لهوية فلسطين الحضارية والثقافية. أفنى عمره متنقلًا بين القرى والمدن، شرقًا وغربًا، يجمع أدوات التراث، يحفظها، يرممها، ويشرحها بشغف لا يعرف الكلل، مشاركًا في معارض محلية ودولية، مدافعًا شرسًا عن أرض كنعان، مفندًا رواية المحتل الزائفة بالأدلة الملموسة والحقائق الصلبة.
لم يبخل بعلمه على أحد، فكان بيته ومتحفه ملاذًا للطلبة والباحثين، يستقبلهم بصدرٍ رحب، ناصحًا ومرشدًا، وكأن همّه الوحيد أن يسلّم الراية لمن بعده نقية خالصة.
رفض إغراءات الدنيا التي عرضت عليه ملايين مقابل بيع مقتنياته، وبقي على عهده فارسًا نزيهًا، شهمًا، حارسًا أمينًا لذاكرة شعبه وتاريخه. برحيله اليوم، لا تفقد فلسطين رجلًا فحسب، بل تفقد موسوعة علمية وتراثية وإنسانية نادرة، ويخسر العالم العربي صوتًا صداحًا بالحق والحقيقة.
اللهم بعدد كلمات شرحه، وبعدد أيام عمره، وبعدد ما صام وصلى، اغفر له وارحمه، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، وأكرمه بلقائك كما أكرم تراثك في أرضك، وامنحه منزلة العلماء العاملين والصالحين الصادقين. نم قرير العين يا أبا إياد، فقد أديت الأمانة، ورفعت الرواية، وبقي أثرك شاهدًا على أن من يحب تراب وطنه يُخلّد في ذاكرته إلى الأبد
تعازينا الحاره لابنائه بشكل خاص ، ولعشيرة الحروب بشكل عام .
حينما ينعي الصديق صديقه
من القلب لقلب من فقد …
بقلم المخلص الفنان : يوسف كتلو ..
وداعا يا حافظ الذاكرة
اسحاق الحروب ……
جامع التراث، حارس الذاكرة، ابن دورا ودير سامت
في دير سامت… حيث تنبت الذاكرة من ترابٍ أثقلته الحكايات،
وفي دورا الخليل… حيث الحجر ينطق بفلسطين،
ولد اسحاق الحروب، لا كأي مولود، بل كوصية حملتها الأرض إلى السماء:
أن لا يُنسى شيء،
أن لا تضيع خيوط المطرزات،
ولا تنطفئ نار التنور،
ولا تخرس أناشيد الجدات.
يا ابن دورا… ويا نَبض دير سامت،
كنتَ تُنقّب في تراب الوطن عن وجوه الذين مضوا،
وتُحيي أشياءهم الصغيرة…
الطابون، المفتاح، البرقع، ووشم الذراع.
كنت تمسك الزمن بيديك وتقول له:
قف هنا، في هذه الذاكرة،
لا تمضِ دون أن تُسجّل اسم هذه القرية،
وتُعيد للحكاية فمها الناطق.
اسحاق،
لم تكن باحثًا فقط،
كنت رسولًا من الماضي إلى المستقبل،
تحمل في قلبك وجع المنسي،
وتعيد بعينك البصيرة للغائب.
من سيروي الآن حكايات البيوت المهدومة؟
من سيقرأ النقوش على مغازل الصوف؟
من سيعرف الفرق بين زغرودة الخليل وزغرودة صفد؟
نمْ مطمئنًا في ترابك،
فقد تركت للذاكرة مفاتيحها،
وللتاريخ رجاله،
وللخليل حارسًا لا يُنسى.
سلامٌ على اسحاق…
سلامٌ على دير سامت يوم أنجبتك،
وسلامٌ على دورا وهي تبكيك بزيت الزيتون وزهر اللوز
بيان تكريم وعتاب
صادر عن محبّي الراحل إسحق الحروب – مؤسس وجامع لأكبر معرض شعبي متنقل للتراث الفلسطيني ..
نحن مجموعة من أبناء هذا الوطن، محبّي ومقدّري جهد الراحل إسحق الحروب، نُعلن عزمنا على إقامة تكريم يليق برجل أفنى عمره في خدمة التراث الفلسطيني، وبناء واحد من أعظم المتاحف الشعبية .. جامع التراث “إسحق الحروب” .
لقد حمل إسحق الحروب أمانة الحفاظ على الذاكرة الفلسطينية على كتفيه وحده، دون دعم، دون تمويل، ودون انتظار اعتراف أو شهرة. جمع آلاف القطع، وفتح أبواب متحفه لكل فلسطيني، ليكون شاهداً على حكايتنا وماضينا وهويتنا.
وفي هذا المقام، لا يسعنا إلا أن نعبّر عن عتبنا الشديد تجاه وزارة الثقافة الفلسطينية، التي لم تُصدر حتى الآن أي بيان رسمي يُنعى فيه هذا الرجل أو يعترف بجهده الوطني والثقافي. هذا الصمت لا يليق بمقام رجلٍ خدم الثقافة بهدوء وصدق وإصرار، تماماً كما لا يليق بدور ومكانة وزارة الثقافة الفلسطينية.
إننا، نحن محبّي إسحق، سنطلق حملة شعبية من أجل تكريم ذكراه كما يليق به، وسنُبقي إرثه حيًا، ورايته راية الثقافة الشعبية مرفوعًا، وسيظل متحفه منارةً لكل فلسطينيّ يعتز بإرثه وجذوره.
الذاكرة لا تموت، وإسحق الحروب باقٍ فينا بما قدّم، وبما ترك من أثرٍ لا يُمحى.
نم قرير العين ايها المبدع والخالد في الذاكرة الوطنية الفلسطينية أبداً ..
سالم ابو صالح
ايمانا بقضاء الله وقدره وبقلوب يعتصرها الالم انعى المربي الفاضل والجار والصهر العزيز الاستاذ اسحاق عبد محمود العتال صاحب اكبرواهم متحف تراثي متنقل والذي طافت كنوزه التراثية كل ارجاء الوطن فالى جنات الخلد ايها الحبيب وهذه سنة الحياه وانا لله وانا اليه راجعون تعازينا الحاره لابنائه واحفاده وكريماته واشقائه خاصة ولعشيرة الحروب عامة واعظم الله اجركم واجرنا جميعا واسكنه الفردوس الأعلى باذن الله.ويكفيه فخرا ما كتبه عنه الزميل علي خلف خلال مشاركته الفاعلة والمميزه في مهرجان القدس للثقافة والفنون والاعلام عام ١٩٩٢ المليونير الذي لايملك ثمن حبة دواء لزوجته .
مسار فلسطين التراثي
ببالغ الحزن والأسى وبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره. ينعى رئيس وأعضاء الهيئة الادارية و جميع العاملين في اتحاد مسار فلسطين التراثي
الأستاذ إسحاق الحروب “أبو إياد”
أحد أصدق الأصوات التي مست في دروب الذاكرة الفلسطينية. وأحد حماة التراث الذين عاشوا من أجل أن لا تمحى ملامح الحكاية من وجدان هذا الوطن.
لقد كان الراحل إسحاق الحروب أكثر من باحث كان ناسكًا في محراب الذاكرة وراهبًا في متحف الروحالفلسطينية. لم يكتب عن التراث، بل عاشه وسكن فيه. حتى صار هو ذاته قطعةً منه عرف كيف ينصت لحجر مهجور، وكيف يقرأ صمت بيت مهدوم، وكيف يعيد لثوب مطرز حكايات الجدات وأغاني الحصاد.
لقد خسرت فلسطين اليوم أحد أبنائها المخلصين. ممن أفنوا أعمارهم بحثًا عن القطع المتناثرة من ذاكرتنا. ولصقوها على جدران الغياب حتى تظل البلاد حية فينا…. رغم كل شيء.
نتقدم من عائلة الفقيد وأحبته ومن كل العاملين في حقل التراث والثقافة بأصدق مشاعر العزاء والمواساة.
إنا لله وإنا إليه راجعون.