كمائن المقاومة: إعادة تشكيل الفصائل الفلسطينية لموازين القوة

كمائن المقاومة: إعادة تشكيل الفصائل الفلسطينية لموازين القوة

أمد/ / في حروب غير متكافئة كالحرب المستمرة على قطاع غزة 🇵🇸 ، غالباً ما تكون نتائج المعركة بعيدة عن موازين القوى التقليدية ، فالطائرات المتطورة ✈ والدبابات الثقيلة والصواريخ الذكية 🧨🚀 لا تضمن الحسم في بيئة تتقن فن التخفي والمباغتة ، وتعرف أنفاقها 🚇 كما يعرف المقاتل كف يده 🤚 ، هذه هي الحالة الفلسطينية اليوم ، وتحديداً في غزة ، حيث ما زالت المقاومة — بعد أكثر من عامين على إندلاع المواجهة — تبادر وتفاجئ وتُربك حسابات جيش الإحتلال الأكثر تسليحاً في المنطقة .

الكمين الأخير في القطاع ، والذي أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الجنود والضباط الإسرائيليين ، لم يكن سوى حلقة جديدة في سلسلة من العمليات التىّ تديرها المقاومة منذ أشهر داخل مناطق الإشتباك ، والأهم أن هذه العمليات تتم في ظروف ميدانية وأمنية معقدة 🪢 ، بعد أن دمّر الجيش الإسرائيلي أجزاء واسعة من القطاع ، ونفّذ آلاف الغارات ، وادّعى مراراً 🙆‍♂🤷‍♂ أنه “قضى” على البنية العسكرية لحركتي حماس والجهاد وباقي الفصائل .

لكن على الأرض 🌍، تُظهر الوقائع عكس ذلك تماماً👌 . فالمقاومة لم تنهار ، بل أعادت تنظيم صفوفها ، وأثبتت قدرتها على نقل المعركة إلى قلب المناطق التىّ دخلها الجيش الإسرائيلي 🇮🇱 ، وهو ما أقرّ به حتى محللون عسكريون في الصحافة العبرية ، تعليقات القادة الميدانيين ، وتناقضها مع الخطاب السياسي الإسرائيلي الرسمي ، تكشف فجوة حقيقية 😱 بين من يعيش تفاصيل المعركة ومن يتعامل معها بلغة الشعارات الإنتخابية .

التجربة الفلسطينية 🇵🇸 في هذه الحرب تعيد للأذهان مشاهد مشابهة من أفغانستان ☪ ، حيث فشل الجيش الأمريكي 🇺🇸 ، رغم تفوقه التكنولوجي والاستخباراتي الساحق ، في القضاء على طالبان ، فقد واجه قوة غير نظامية لكنها متجذرة في مجتمعها ، تعرف كيف تقاتل في أرضها ، وتملك إرادة سياسية وعقائدية تتجاوز أهداف الجيوش التقليدية (Jones, 2021) ، وبعد 20 عاماً من القتال ، خرج الأمريكيون من كابول كما دخلوا… دون حسم .

وفي غزة 🇵🇸 ، المعادلة تبدو مشابهة من حيث الجوهر ، وإن أختلف السياق ، فصائل المقاومة لا تسعى إلى “الانتصار الكامل” بالمعنى التقليدي ، بل إلى تثبيت وجودها وردع الإحتلال ، وفرض معادلة أن “الإقتحام له ثمن”، وهو ما بدا واضحاً في كثافة الكمائن وتنوعها ، من عمليات تفجير الأنفاق 🚇 إلى الهجمات المباغتة من مسافات صفرية .

تُصنف هذه الحرب ، بحسب خبراء ، ضمن نمط “الحروب غير المتناظرة”Asymmetric Warfare ” حيث لا يملك الطرف الأضعف نفس أدوات القتال التقليدية ، لكنه يعوّض ذلك بالإبداع التكتيكي ، والتحرك اللامركزي ، والشبكات السرية 🤫🤐 ، ومعرفة البيئة المحيطة ، وهذا النمط لا يُحسم في أسابيع ، بل قد يستمر لسنوات ، كما حدث في فيتنام 🇻🇳 سابقاً ، حين أنهار الجيش الأمريكي أمام قوة محلية مصممة على الصمود والبقاء (Fanon, 1963).

في هذا النوع من الحروب ، لا تكون السيطرة على الأرض 🌍 وحدها مقياس النصر ، بل قدرة المقاومة على البقاء ، والمبادرة ، وتكبيد العدو خسائر سياسية ومعنوية تفوق الخسائر المادية ، وبالنظر إلى عمليات المقاومة الأخيرة ، من الشجاعية إلى شمال القطاع ، فإن القسام وسرايا القدس لا يزالان متمسكين بخيوط كثيرة داخل المشهد 🎬 ، ويديران الإشتباكات وفق خطة طويلة النفس ، مستفيدون من دروس الجولات السابقة .

وما تروّج له الحكومة الإسرائيلية 🇮🇱 من قرب “الحسم” في غزة 🇵🇸 يبدو أقرب إلى الوهم منه إلى الواقع ، ففي الميدان ، تعجز وحدات النخبة عن تثبيت وجودها لأيام في بعض الأحياء ، وتعاني من خسائر غير مسبوقة ، فيما تُظهر تسجيلات المقاومة سيطرة تكتيكية ومعلوماتية مفاجئة ، هذه المفارقة بين الخطاب الإعلامي والسياسي ، وبين الواقع العملياتي ، ليست جديدة ، لكنها تتكرّس بوضوح مع كل كمين يُنصب وكل جندي يُقتل أو يُؤسر .

ما يحدث اليوم في غزة 🇵🇸 لا يمكن فصله عن تحولات أعمق ، تتعلق بفشل نموذج الردع الإسرائيلي ، وتآكل نظرية “الضربة الاستباقية” التىّ بُنيت عليها العقيدة العسكرية منذ عقود ، فحين تتحول المقاومة إلى عنصر فاعل في تقرير مجريات المعركة ، رغم الحصار والجوع والدمار ، فإننا أمام تغيير إستراتيجي حقيقي 😳 ، قد يطول تأثيره على مجمل الصراع العربي–الإسرائيلي ، بل لو كان هناك 👉 حرية إعلامية في إسرائيل ، كان الإعلام أفصح عن عملية أمس الإنقاذية لجيش الإحتلال لجنوده ، فتشير☝الأنباء إلى أن محاولة إسعاف الجنود المصابين أو القتلى في موقع التفجير ومن ثم الإشتباك ، أدّت إلى سقوط مزيد من القتلى في صفوف الجيش ، ما دفع القيادة الميدانية إلى إتخاذ قرار بقصف الموقع بشكل عشوائي ، في خطوة تعكس حجم الإرتباك الميداني وغياب التنسيق ، بل وتُظهر استعداداً للتضحية بجنودها لمنع وقوعهم أسرى في يد 🤚 المقاومة ، هذا التصرف يسلّط الضوء على الأزمة العملياتية التىّ تواجهها القوات الإسرائيلية في الميدان ، ويكشف عن أولوية منع الأسر على الحفاظ على أرواح الجنود … والسلام