رسالة موجهة للقيادة الفلسطينية

أمد/ فخامة الرئيس/ محمود عباس
رئيس دولة فلسطين
رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية
رئيس اللجنة المركزية لحركة فتح
السادة أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح
السادة أعضاء المجلس الثوري لحركة فتح
السادة أعضاء المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية
تحية الوطن والانتماء لفلسطين…
في هذه اللحظة التاريخية الحرجة التي تمر بها قضيتنا الوطنية، ومع تصاعد المخاطر الوجودية المحدقة بمشروعنا التحرري، واستمرار آلة الاحتلال في استهداف الإنسان والأرض والمقدسات، أتوجه إليكم بهذه الرسالة العلنية، محمّلًا أمانة الكلمة ونداء أبناء شعبنا الصامد، الذي يواجه يوميًا تداعيات العدوان، ويحمل فوق كتفيه أعباء حياة اقتصادية واجتماعية خانقة تهدد نسيجنا الوطني وتماسكنا الاجتماعي.
فخامة الرئيس، السادة الكرام،
لقد كانت حركة “فتح” منذ انطلاقتها المجيدة حاملة لواء النضال الوطني، وقائدة المشروع التحرري الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والاستيطان وكل مشاريع التصفية، وكانت دومًا عنوانًا للوحدة الوطنية ورمزًا لإرادة شعبنا الذي لم ينحنِ رغم كل التحديات. واليوم، إذ تقفون على مفترق طرق خطير، فإن المسؤولية الوطنية والتاريخية تفرض عليكم تحركًا عاجلًا، وخطوات استثنائية لإعادة تصويب البوصلة الوطنية وتحصين جبهتنا الداخلية، بما يضمن حماية حقوق شعبنا التاريخية ووحدة أرضه وشعبه.
إن المرحلة الراهنة، بكل ما تحمله من تحديات مصيرية، تتطلب منكم:
1️⃣ إطلاق حوار وطني شامل لا يستثني أحدًا، بهدف صياغة رؤية استراتيجية موحدة تحافظ على الحقوق الوطنية الفلسطينية وتضمن حماية وحدة الجغرافيا الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، باعتبارها قاعدة أي حل عادل وشامل، مع التأكيد على أن اليوم التالي لوقف الحرب على غزة يجب أن يكون فلسطينيًا بامتياز يحفظ الحقوق الوطنية ويمنع فصل غزة عن الضفة الغربية.
2️⃣ وضع خطة عملية للانتقال التدريجي من السلطة الفلسطينية إلى الدولة الفلسطينية، بما يشمل الانفصال الاقتصادي عن الاحتلال الإسرائيلي، واستنهاض مؤسسات الدولة الفلسطينية، وتفعيل قرار الجمعية العامة رقم (19/67) وقرار محكمة العدل الدولية الصادر في حزيران/يونيو 2024 بشأن الاحتلال، باعتباره أداة قانونية دولية لوضع حد للاحتلال الاستيطاني.
3️⃣ الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على مواجهة التحديات المعيشية والاقتصادية لشعبنا، وتعزيز مقومات صموده، وتحقيق الشراكة الوطنية كأساس لإعادة بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات الوطنية.
4️⃣ رفض قاطع لمخططات تحويل الضفة الغربية إلى كانتونات معزولة ومواجهة مشاريع الضم الزاحف، عبر اشتباك سياسي وقانوني متواصل مع حكومة الاحتلال، بما في ذلك ملاحقة حكومة نتنياهو أمام المحافل الدولية لجرائمها بحق شعبنا، والعمل على فرض العقوبات عليها وفق القانون الدولي.
5️⃣ احترام الاتفاقيات الموقعة بخصوص أموال المقاصة، ومطالبة المجتمع الدولي بضمان التزام إسرائيل بها، والتأكيد على عدم صحة وقانونية الاقتطاعات الإسرائيلية الأحادية التي تستهدف إضعاف السلطة الوطنية وتجويع أبناء شعبنا.
6️⃣ ممارسة دور رقابي جاد على الأداء الحكومي يضمن النزاهة والشفافية، وتفعيل مبدأ المساءلة والمحاسبة حمايةً للمصلحة الوطنية العليا وصونًا لتضحيات شعبنا.
فخامة الرئيس والسادة أعضاء القيادة،
إن الأمانة التي تحملونها اليوم ثقيلة، واللحظة المفصلية التي تمر بها فلسطين لا تحتمل المزيد من التردد أو التأجيل. شعبنا يتطلع إلى مواقف وقرارات جريئة تعيد الاعتبار للمشروع الوطني التحرري، وتوحّد الصف الفلسطيني على قاعدة الشراكة والعمل المشترك، وتعيد الأمل للأجيال التي دفعت أثمانًا باهظة من أجل الحرية والاستقلال.
“فلسطين وطن يُضحّى من أجله… فلا تسمحوا بأن تضيع حقوقه بين ركام الانقسام أو حسابات السياسة الضيقة.”
وفقكم الله لما فيه خير فلسطين وشعبها الأبي،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المحامي/ علي أبو حبلة
٩ تموز/يوليو ٢٠٢٥