التصدي للتوسع الإسرائيلي والضعف الدولي: ما هي الاحتمالات المتاحة للفلسطينيين؟

التصدي للتوسع الإسرائيلي والضعف الدولي: ما هي الاحتمالات المتاحة للفلسطينيين؟

أمد/ في الزمن الفلسطيني الراهن، يبدو المشهد قاتمًا أكثر من أي وقت مضى: آلة إسرائيلية تسحق البشر والحجر، ومجتمع دولي يكتفي بالإدانة الرمزية أو يصطف خلف الاحتلال، وعالم عربي فقد حماسته بل حتى حياده لصالح الانكفاء أو التطبيع.
فما الذي تبقى للفلسطيني كي يقاوم ويصمد ويعيد الاعتبار لقضيته؟

أولاً: إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني

لن تقوم قائمة للفلسطينيين ما دام الانقسام يتحكم بمصيرهم. لقد أثبتت التجربة أن لا حماس قادرة على التحرير وحدها، ولا السلطة قادرة على الصمود وحدها. المشروع الوطني بحاجة إلى إعادة إحياء شاملة على أسس جديدة، تشرك الجميع، وتعيد منظمة التحرير إلى دورها التمثيلي الجامع من خلال إصلاح بنيوي شامل.

ثانيًا: من الثورة العاطفية إلى النضال السياسي الذكي

الخطابات الثورية لم تعد تقنع طفلاً فلسطينيًا يعرف أن الشعارات لا توقف القصف. المطلوب اليوم عقل سياسي يعرف متى يفاوض ومتى يصعّد، متى يخاطب العالم بلغة الحقوق والقانون، ومتى يحشد الشعوب لا الحكومات.
العالم لا يتغير بالندب، بل بالفعل المنظم.

ثالثًا: المقاومة الشعبية أداة استراتيجية لا موسمية

يجب إعادة الاعتبار للمقاومة المدنية والشعبية، التي لها قدرة على زعزعة كيان الاحتلال دون أن تُغلق أبواب العالم في وجه الفلسطيني. لا بد من انتفاضة شعبية جديدة، ولكن بأساليب مبتكرة، تستفيد من أدوات العصر، وتكسر صورة “المخرب” التي تبنيها إسرائيل للعالم.

رابعًا: معركة الرواية… الإعلام ليس ترفًا

إسرائيل تنتصر في الإعلام أكثر مما تنتصر في الميدان. بينما الفلسطيني، رغم عدالة قضيته، يفتقد الرواية الموحدة، والخطاب المدروس، واللغة العالمية.
إن معركة الصورة والكلمة ليست هامشية، بل مفتاح لتغيير المواقف الدولية، خصوصًا في مجتمعات ما بعد الحقيقة.

خامسًا: التحالف مع الضمير العالمي

لم يعد الرهان على الأنظمة كافيًا، بل يجب التوجه نحو الشعوب، وحركات التضامن، والمنظمات الدولية، ودول الجنوب التي تتفهم قضايا التحرر.
الفلسطيني اليوم بحاجة إلى تحالف مع ضمير العالم لا مع حكوماته المترددة.

سادسًا: غزة تحتاج إدارة لا معركة دائمة

لا يمكن ترك غزة معلقة بين حروب ومبادرات واشتراطات فصائلية.
الواجب الوطني يفرض تشكيل إدارة وطنية انتقالية للقطاع، تنقذه من الكارثة، وتفتح بابًا لإعادة دمجه في المشروع الوطني، بعيدًا عن استفراد أي طرف أو أجندة.

سابعًا: كنس الفساد والقيادات العاجزة

كيف يمكن الحديث عن مقاومة حقيقية وكرامة وطنية، في ظل قيادات مترهلة، وقمع للحريات، وفساد ممنهج؟
لا معنى لأي مشروع وطني دون تجديد شرعية القيادة عبر الانتخابات، وإدخال الشباب والكفاءات إلى مركز القرار.

خلاصة:
الفلسطيني اليوم لا يحتاج فقط إلى من يتحدث باسمه، بل إلى من يعبر عنه بصدق، ويناضل لأجله بخطة، لا بخطابة.
في زمن التغول، لا خيار إلا التوحد، وفي زمن الميوعة الدولية، لا بد من فضح الكذب بوقائع دمنا النازف.
هذا وطن لا يُستعاد بالسلاح وحده، ولا يُحرر بالتمنيات… بل بخطة نضال عقلانية، طويلة النفس، واسعة الجبهة.