الأسيرات الشجاعات في الدامون: معاناة الوطن جسدياً في النساء

الأسيرات الشجاعات في الدامون: معاناة الوطن جسدياً في النساء

أمد/ في زنازين الاحتلال الباردة، وتحديدًا في سجن “الدامون” الواقع في جبل الكرمل قرب حيفا، تقبع نساء فلسطينيات حرائر، يُسجن الجسد لكن تبقى الروح عصية على الانكسار. هنّ الماجدات، المناضلات، الأمهات، القاصرات، الحوامل، كبيرات السن، كلهن يشكلن لوحة صمود نادرة تُجسد النضال الفلسطيني الأنثوي في أبهى تجلياته.
الدامون: معتقل منسيّ وظروف مأساوية
يُعدّ سجن الدامون من أقدم السجون الإسرائيلية، وقد حُوّل من إسطبل للخيول إلى معتقل نسائي، دون توفير أدنى المقومات الإنسانية. جدرانه المتهالكة لا تحمي من البرد، وسقفه لا يقي من الحر، والرطوبة العالية داخله تصيب الأسيرات بأمراض تنفسية ومزمنة، وسط إهمال طبي متعمد وسياسة إذلال واضحة.
إهمال طبي وقتل بطيء
تشتكي الأسيرات من انعدام الرعاية الصحية، سواء للأمراض المزمنة أو الحالات الطارئة. هناك أسيرات يعانين من مشاكل في القلب، وأخريات مصابات بأمراض نسائية لا يتلقين لها علاجاً مناسباً. تُرفض طلبات نقلهن للمشافي إلا في الحالات القصوى، وحتى في تلك الأوقات يُنقلن مكبلات اليدين والقدمين، وتحت حراسة مشددة مهينة.
الأسيرات الحوامل وكبيرات السن: ظلم مضاعف
تُحتجز أحيانًا أسيرات حوامل يُحَرمن من الرعاية والمتابعة الصحية. وإن اقترب موعد الولادة، تُنقل إلى المستشفى مكبّلة، وتلد وهي مقيدة، في انتهاك صارخ لكل الأعراف. كما تقبع داخل الدامون أسيرات كبيرات في السن، يعانين من أمراض الشيخوخة، في ظل غياب أي احترام لأعمارهن.
القاصرات خلف القضبان: الطفولة المغتالة
الاحتلال لا يستثني الطفلات. فهناك قاصرات دون سن الثامنة عشرة اعتُقلن بطريقة عنيفة، وتعرضن للضرب، والحرمان من التعليم، والتفتيش المهين. يتم احتجازهن مع أسيرات بالغات في ظروف صعبة دون أي مراعاة لاحتياجاتهن.
عقوبات وانتقام يومي
تعاني الأسيرات من سلسلة من العقوبات المتكررة: منع الزيارات، سحب المواد التعليمية، تقليص “الفورة”، الاقتحامات الليلية، والعزل. تهدف هذه الممارسات إلى كسر إرادتهن، لكنهن يواجهنها بصمودٍ لا يلين.
الحياة الثقافية والتعليمية خلف القضبان
رغم القهر، تحاول الأسيرات تحويل السجن إلى مساحة مقاومة معرفية وثقافية. بعضهن يُدرّسن زميلاتهن، وبعضهن يكتبن الشعر أو الرواية، وتُقام حلقات نقاش ودروس تعليمية، ما يدل على قوة الوعي والإصرار.
رسائل الأسيرات: صرخات من خلف الجدران
الأسيرات يوجهن رسائلهن إلى العالم متى سنحت الفرصة، رسائل تفيض بالألم والكرامة، وتناشد الضمير العالمي ألا يصمت. إنهن لا يطلبن المستحيل، بل أبسط حقوق الإنسان: الحرية والعدالة.
لأجلكُنّ نكتب.. الماجدات خلف القضبان
نذكر بفخر أسماء الأسيرات الصامدات في سجن الدامون، فكل واحدة منهن حكاية وطن وصمود:
انتصار عواودة، سيرين الصعيدي، فاطمة جسراوي، ياسمين شعبان، شهد حسن، شيماء أبو غالي، زهراء أبو سرحان، ريماء بلوى،
دلال فواز حلبي، آية الخطيب، كرم موسى، كرمل الخواجا، زهراء كوازبة، سامية جواعدة، سهام موسى، سناء دقة، ديانا غالب مزيد،
فداء عساف، حنين جابر، سامية صدقة، ولاء الحوتري، ماسة غزال، سهام أبو سالم، تسنيم عودة، ويسري قواريق.
هؤلاء الأسيرات هن منارات شامخة، أرواح لا تنكسر، وقناديل مضيئة في درب الحرية.
لن تُكسر إرادتكن، ولن يُنسى وجعكن، وستشرق شمس الحرية على وجوهكن قريبًا، بإذن الله.