عندما يتم تداول الطحين في سوق النزاع الإقليمي

عندما يتم تداول الطحين في سوق النزاع الإقليمي

أمد/ في زمن المجازر والحصار، وحين تنعدم أبسط مقومات الحياة في غزة، تحوّل “الطحين”؛ ذلك القوت الأساسي لكل بيت إلى سهم تجاري مضارب عليه في السوق السوداء، تُحدَّد أسعاره كما تُحدَّد أسعار الذهب والعملات وكأننا لسنا في كارثة إنسانية، بل في بازار مفتوح للربح الحرام على حساب أجساد الجياع والنازحين.

أيُّ انحدار هذا الذي يجعل من شاحنة مساعدات إغاثية مخصصة للنازحين والضحايا، مصدراً للثراء السريع لدى من لا يعرفون إلا الجشع؟! لقد أصبح الطحين المسروق من شاحنات الإغاثة سلعةً تتقاذفها أيدي المتاجرين واللصوص في مزاد غير أخلاقي، وغير إنساني.

أمام أعيننا وفي كافة الأسواق يُذلّ الناس لمحاولة شراء الطحين من الباعة اللصوص، بينما يعتلي البعض فوق جبال من الطحين المسروق، ويرفعون الأسعار ساعة بعد ساعة، في وقاحة تخجل منها الإنسانية، هل يُعقل أن يتحكم تاجر فاسد ولص في سعر لقمة نازح شردته الحرب؟

هذا الطحين ليس ملكاً للتجار ولا للصوص، بل هو حق مشروع لكل فرد، لكل طفل، ولكل أم، وما يجري من نهب منظم ومستمر يجب أن يُوصف باسمه: جريمة حرب اقتصادية تُمارس من الداخل، بحق أبناء البلد المنكوب المحاصر.

السكوت على هذه المهزلة هو تواطؤ، والتهاون مع لصوص المساعدات هو خيانة، ومحاولات التبرير تحت مسمى “الظروف” لا تبرر استغلال المجاعة.

يجب وضع حدّ فوري لهذه التجارة القذرة، ويجب ملاحقة هؤلاء قانونياً، وأخلاقياً، وشعبياً، فالخبز ليس سلعة.. بل شريان حياة.