مجازر وتجويع وحصار.. أكثر من 100 قتيل يوم الثلاثاء وطلبات إخلاء جديدة في غزة

أمد/ غزة: يواصل الجيش الإسرائيلي حربه المفتوحة على قطاع غزة لليوم الـ635 على التوالي، وسط مشاهد كارثية من التجويع الممنهج، والدمار الواسع، والمجازر بحق المدنيين، خاصة أولئك الذين يحاولون الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، التي تعرف بـ”المساعدات الأميركية”، لسد رمق أطفالهم في ظل الانهيار الكامل للمنظومة الإنسانية.
يتواصل القصف الإسرائيلي المكثف على قطاع غزة، مع تصعيد آلة الحرب الإسرائيلية غاراتها الجوية في مختلف أنحاء القطاع، في وقت تتفاقم فيه الأوضاع الإنسانية بشكل مأساوي.
في اليوم الـ107 من استئناف الحرب الإسرائيلية على غزة، بعد خرق اتفاق وقف إطلاق النار، ركز سلاح الجو الإسرائيلي ضرباته على مناطق قريبة من مراكز توزيع المساعدات، مستهدفا بشكل مباشر تجمعات مدنية.
استشهد أكثر من 100 شخص في قطاع غزة، الثلاثاء، وأصيب آخرون، بهجمات إسرائيلية بقطاع غزة، بينهم العديد من منتظري المساعدات بينما كانوا ينتظرون الحصول على مساعدات إغاثية ضمن آلية التوزيع الأميركية الإسرائيلية، التي تواجه انتقادات أممية ودولية، فيما أكّدت وزارة الصحة في القطاع، استشهاد 116 شخصا، وإصابة 463 مصابا، خلال آخر 24 ساعة.
وتواصل آلة القتل الإسرائيلية ارتكاب المجازر في قطاع غزة بشكل يومي، مخلفة مئات الشهداء والجرحى، ودمارا هائلا يطال مختلف أنحاء القطاعن وذلك في ظل كارثة معيشية غير مسبوقة، مع استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات واتباع سياسة التجويع ضد أكثر من مليوني فلسطيني.
ارتفاع حصيلة الضحايا
ارتفعت حصيلة حرب الإبادة الجماعية، والعدوان الذي تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 56,647 شهيدا، و134,105 مصابين، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأوضحت مصادر طبية، يوم الثلاثاء، أن من بين الحصيلة 6,315 شهيدا، و22,064 مصابا، منذ 18 آذار/ مارس الماضي، أي منذ استئناف الاحتلال عدوانه على القطاع عقب اتفاق وقف إطلاق النار.
ووصل إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الساعات الـ24 الماضية، 116 شهيدا (بينهم 4 شهداء انتُشلت جثامينهم) و463 إصابة.
وقالت المصادر الطبية، إن طواقم الإسعاف والدفاع المدني تجد صعوبة في الوصول إلى الضحايا حيث ما زال عدد كبير منهم تحت الأنقاض والركام وفي الطرقات.
مجازر متواصلة.. شهداء وجرحى
استشهد 11 مواطنا على الأقل وأصيب عشرات آخرون، مساء يوم الثلاثاء، في مجزرة جديدة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي باستهدافها منتظري المساعدات عند “مفترق الشهداء” جنوب غرب مدينة غزة، ليرتفع عدد الشهداء في القطاع منذ فجر اليوم إلى 100 شهيد على الأقل، بحسب المصادر الطبية.
وأفاد مصدر طبي في مستشفى القدس التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة، بوصول جثامين 8 شهداء وأكثر من 65 إصابة، جراء إطلاق الاحتلال نيرانه على منتظري المساعدات في منطقة “مفترق الشهداء”، مشيرا إلى أعداد المصابين مرشحة بالزيادة.
كما أعلن مستشفى العودة في النصيرات، وصول جثامين ثلاثة شهداء وعشرات الإصابات جراء إطلاق الاحتلال نيرانه تجاه المواطنين الذين كانوا ينتظرون المساعدات، وسط القطاع.
وفي وقت سابق، استشهد 10 مواطنين وأصيب آخرون، في مجزرة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بقصفه منزلا يعود لعائلة أبو سمرة في شارع كشكو بحي الزيتون شرق مدينة غزة. كما قصف الاحتلال تجمعا للمواطنين في شارع المدهون بالحي، ما أسفر عن وقوع عدد من الشهداء والجرحى.
كما قصف الاحتلال منزلا لعائلة الدهدار في حي التفاح، وبوابة مدرسة صلاح الدين في حي الدرج، شرق مدينة غزة، ما أسفر عن وقوع عدد من الشهداء والجرحى والمفقودين تحت الأنقاض.
وأعلن مصدر طبي في مجمع ناصر الطبي في خان يونس، ارتفاع عدد الشهداء إلى 50 شهيدا في جنوب القطاع منذ فجر اليوم، بينهم 7 شهداء من منتظري المساعدات.
واستشهد مواطنان وأصيب آخرون في قصف الاحتلال مدرسة تابعة للأونروا تؤوي نازحين في مخيم المغازي وسط القطاع.
واستشهد خمسة مواطنين بينهم طفل وطفلة وأصيب آخرون، جراء قصف الاحتلال خياما تؤوي نازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس، جرى نقلهم إلى مستشفى الكويت التخصصي الميداني “شفاء فلسطين”.
واستشهد مواطنان في قصف الاحتلال منزلا في منطقة جورة العقاد شمال مدينة خان يونس.
استُشهد 20 مواطنا وأصيب آخرون بجروح، يوم الثلاثاء، في قصف الاحتلال الإسرائيلي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة وجباليا البلد شمالا، ومخيم المغازي وسط القطاع.
وأفاد مراسلنا، باستشهاد 12 مواطنا وإصابة آخرين، جراء قصف الاحتلال منزلا يعود لعائلتي الزناتي والحلاق في مخيم خان يونس جنوب القطاع، كما استُشهدت الطفلة حور وسام عدوان وأصيب آخرون، إثر قصف شنته طائرات الاحتلال على خيام النازحين قرب كافتيريا شهد غرب خان يونس.
وفي جباليا البلد شمال القطاع، استُشهد 5 مواطنين وأصيب آخرون بجروح، جراء قصف طائرة مسيّرة “كواد كابتر” تابعة لجيش الاحتلال مجموعة من المواطنين في شارع الجرجير.
كما استشهد مواطنان وأصيب آخرون، إثر قصف مسيرة للاحتلال إحدى مدارس الأونروا التي تؤوي نازحين في مخيم المغازي وسط قطاع غزة.
وفي سياق متصل، اعتقلت قوة خاصة من جيش الاحتلال، عددا من المواطنين في محيط مركز المساعدات بشارع الطينة شمال غرب مدينة رفح جنوب القطاع.
وأفادت مصادر محلية، بأن القوة الخاصة تسللت إلى المنطقة ونفذت عملية الاعتقال بشكل مفاجئ، وسط أجواء من التوتر والخوف بين الأهالي.
وأكدت المصادر أن قصف الاحتلال المكثف طال مناطق متفرقة في القطاع، مفاقما الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعانيها المواطنون، وسط نقص حاد في الغذاء والدواء والوقود.
أفادت مصادر طبية، باستشهاد 20 مواطنا على الأقل وإصابة آخرين جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي عدة مناطق في قطاع غزة منذ فجر يوم الثلاثاء.
وأشارت المصادر، إلى أن قصف الاحتلال خلف دمارا واسعا في المباني والمنازل، وسط جهود متواصلة لانتشال الضحايا وإسعاف الجرحى في ظل أوضاع إنسانية صعبة ونقص حاد في الإمكانيات الطبية والإغاثية.
ولفتت المصادر، إلى أن من بين الشهداء 7 مواطنين برصاص الاحتلال أثناء انتظارهم تلقي المساعدات وسط قطاع غزة.
كما استشهد مواطن وأصيب آخرون في قصف على حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، فيما استشهد مواطن آخر في قصف الاحتلال على وسط مدينة خان يونس.
وواصل جيش الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، إذ نسف مربعا سكنيا كاملا في بلدة القرارة شمال شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع، ما أسفر عن دمار هائل وتشريد مزيد من العائلات.
أما في مدينة غزة، يتواصل القصف المدفعي بشكل كثيف مع إطلاق نار من آليات الاحتلال شرق المدينة، بينما استهدف القصف المدفعي شارع السكة في حي الزيتون.
كما شنت طائرة مسيرة للاحتلال هجوما على مجموعة من المواطنين قرب نقطة توزيع المساعدات في شارع الطينة جنوب خان يونس، ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين الذين كانوا ينتظرون الحصول على المساعدات في ظل الحصار والأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع.
أوامر اخلاء جديدة
طالب جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء يوم الثلاثاء، جميع المتواجدين في مناطق وأحياء محددة بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة إلى الإخلاء الفوري والتوجه شمالاً إلى المآوي المعروفة في دير البلح.
وشملت الدعوة أحياء الجلاء، مدينة حمد، النصر، والقرارة 6 في بلوكات 36، 40، 89.
تحذير من عمليات عسكرية مكثفة
جاء في بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي أن “جيش الدفاع يعمل بقوة شديدة جداً لتدمير المنظمات الإرهابية في المنطقة، وسيهاجم كل منطقة يتم استخدامها لإطلاق قذائف صاروخية”.
وحذر البيان السكان من العودة إلى “مناطق القتال الخطيرة”، مؤكداً أن “المنظمات الإرهابية تواصل جلب الكارثة عليكم”.
قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” الثلاثاء، إن 82% من مناطق قطاع غزة تخضع لأوامر إخلاء إسرائيلية، وإن الفلسطينيين لا يجدون مكانا يلجؤون إليه مع استمرار تدمير المنشآت ومراكز الإيواء.
وأوضحت الوكالة الأممية بمنشور على منصة “إكس” أن جيش الاحتلال قصف صباح الاثنين مدرسة كانت مأوى لنازحين بمدينة غزة.
وذكرت أن قصف الاحتلال ألحق أضرارا كبيرة في مركز الإيواء، فيما لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات.
وشن جيش الاحتلال، غارات على 4 مدارس كانت تستخدم لإيواء نازحين وذلك بعد إنذارات بإخلائها، 3 منها متجاورة في حي الزيتون، والرابعة في حي التفاح شرق مدينة غزة.
وشددت الأونروا على أن “المنشآت الإنسانية ليست هدفا”، مطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.
ومنذ بدء الإبادة الجماعية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تتعمد سلطات الاحتلال استهداف مدارس ومنشآت تؤوي نازحين، وترتكب عشرات المجازر بقصفها وهي مأهولة على رؤوس النازحين.
جيش الاحتلال يفرج عن 14 معتقلا من قطاع غزة
أفرج الاحتلال الإسرائيلي، يوم الثلاثاء، عن 14 معتقلا من قطاع غزة.
وقالت مصادر طبية إن “جيش الاحتلال أفرج عن 14 معتقلا من قطاع غزة، جرى نقلهم بواسطة حافلة ومركبات تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر إلى مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح وسط القطاع، وفور وصولهم إلى المستشفى خضعوا لفحوصات طبية”.
وأفادت مصادر محلية أن المعتقلين المُفرج عنهم قضوا أشهرا في معتقلات الاحتلال، وعانوا من تعذيب وتجويع وإهمال الطبي متعمد.
بدورها، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيان، إن فرقها “سهلت نقل 14 معتقلا فلسطينيا أفرجت عنهم إسرائيل إلى مستشفى شهداء الأقصى”.
وأضافت أنهم “تمكنوا هناك من لقاء عائلاتهم ولمّ شملهم بعد أشهر من الاعتقال”.
وأكدت أنها “مستمرة في جهودها لاستئناف زيارات مندوبيها إلى أماكن الاحتجاز الإسرائيلية، والاطلاع على ظروف اعتقال الفلسطينيين، ونقل معلومات عنهم لأسرهم”.
وفي 17 نيسان/ أبريل الماضي، قال نادي الأسير الفلسطيني إن الاحتلال الإسرائيلي اعتقل آلاف المواطنين من غزة، وسط تكتم شديد وإخفاء قسري، وذلك خلال حرب الإبادة التي يشنها على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وخلفت الإبادة نحو 191 ألف شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.
مفاوضات وقف إطلاق النار
قدّمت قطر إلى إسرائيل مقترحًا جديدًا بشأن صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب ما أفادت (“كان 11”)، مساء يوم الثلاثاء، ونشرته جيروزاليم بوست.
وبحسب ما نقلته القناة عن مصدرين دبلوماسيين، ينصّ المقترح على وقف لإطلاق النار لمدة 60 يومًا، يتم خلال اليوم الأول منه الإفراج عن ثمانية أسرى إسرائيليين أحياء.
ويشمل المقترح الإفراج عن أسيرين إضافيين في اليوم الخمسين من التهدئة، إلى جانب تسليم جثامين 18 من الأسرى الإسرائيليين على ثلاث دفعات.
كما ينص المقترح القطري على انسحاب الجيش الإسرائيلي حتى محور “موراج” بين خانيونس ورفح، جنوبي القطاع، وزيادة كميات المساعدات الإنسانية إلى داخل غزة.
وأشار مطّلعون على المفاوضات إلى وجود “فرصة كبيرة” للتوصل إلى اتفاق، لكنهم أكدوا أن هناك خلافات لا تزال قائمة بين الأطراف.
وتتركز الخلافات حول شروط إنهاء الحرب، وحجم انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.
كما نقل موقع “أكسيوس” الأمريكي، عن مسؤول إسرائيلي يوم الثلاثاء، أن قطر أرسلت لإسرائيل وحماس مقترحًا محدّثًا لصفقة وقف إطلاق النار في غزة.
وأضاف “أكسيوس” أن المقترح القطري يتضمن بعض الصياغات المختلفة عن مقترح مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، لكن بلا اختلاف جوهري.
وتابع أن “حركة حماس لم تعط ردها بعد”، ومتوقعًا أن تكون المحادثات طويلة وصعبة.
اتصالات مصرية قطرية
ومن جهة أخرى،بحث رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن، مع وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الجهود المشتركة مع الولايات المتحدة لاستئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين الجانبين، يوم الثلاثاء، بحسب بيان رسمي للخارجية المصرية. وأفاد البيان أن الاتصال تناول مستجدات الأوضاع في غزة، وتأكيد الجانبين على أهمية العمل المشترك “لحقن دماء الشعب الفلسطيني، وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع دون تأخير أو عوائق”.
وكان عبد العاطي قد صرّح، مساء الأحد، أن مصر تعمل حاليًا على بلورة اتفاق يتضمّن “هدنة لمدة 60 يومًا، مقابل الإفراج عن عدد من الرهائن الإسرائيليين، وتسريع إدخال المساعدات الطبية والإنسانية إلى غزة”.
من جهته، قال المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، يوم الإثنين، إن الاتصالات الجارية حاليًا لا ترقى إلى مستوى المفاوضات، مؤكدًا أنه “من المبكر الحديث عن إطار زمني لاتفاق وقف إطلاق النار”، وأن الجهود تتركز حاليًا على “الوصول إلى صيغة تُمكّن من استئناف التفاوض”.
أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء أنه سيتوجه إلى واشنطن الأسبوع المقبل للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ووفقًا لمصدر مطلع، من المتوقع أن تستمر زيارته حوالي خمسة أيام. وفقا لصحيفة هآرتس العبرية.
وأشار نتنياهو إلى أنه يخطط أيضًا للقاء نائب الرئيس جيه. دي. فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفا ومبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.
وأضاف نتنياهو أنه يخطط أيضًا للقاء رئيسي الكونغرس ومجلس الشيوخ، وسيعقد “اجتماعات أمنية”.
في الوقت نفسه، ردًا على أسئلة الصحفيين خارج البيت الأبيض، قال ترامب إنهما سيناقشان “النجاح الهائل في إيران، والذي تمثل في ضربة دقيقة، وكذلك في غزة”.
وأضاف الرئيس الأمريكي أنه “يأمل أن يبدأ وقف إطلاق النار قريبًا، ونريد أن يحدث ذلك في وقت ما من الأسبوع المقبل. نريد إعادة الرهائن”.
تعويضات سياسية لإسرائيل
قالت صحيفة هآرتس العبرية أنه وبحسب مصادر إسرائيلية وأجنبية، تعمل الجهات الوسيطة على ربط إنهاء الحرب في قطاع غزة بتحقيق مكاسب سياسية لإسرائيل، أبرزها استئناف المفاوضات مع السعودية بشأن تطبيع العلاقات، توقيع اتفاق تطبيع مع سلطنة عُمان، وإعلان سوري تاريخي عن “نهاية العداء بين الدولتين”.
ومع ذلك، لم يتضح بعد ما إذا كانت قيادة حماس في غزة ستوافق على المقترح الجديد.
المخطط الحالي الذي يُناقش في هذه الأيام لإنهاء الحرب في القطاع، يتضمن “تعويضات سياسية” لإسرائيل – حسبما قالت عدة مصادر من إسرائيل، الولايات المتحدة، ودول الخليج لصحيفة “هآرتس”.
وفقًا لهذه المصادر، تشمل المكاسب السياسية المتوقعة: استئناف المباحثات بين إسرائيل والسعودية لتطبيع العلاقات، اتفاق تطبيع مع سلطنة عُمان، وتصريح تاريخي من سوريا حول “إنهاء حالة العداء”.
ربط هذه التحركات الإقليمية بالاتفاق مع حماس يهدف إلى تليين موقف وزراء اليمين المتطرف، الذين من المتوقع أن يضغطوا على نتنياهو لعدم الموافقة على اتفاق ينهي الحرب.
ومع ذلك، لا تزال هناك شكوك بشأن استعداد قيادة حماس في غزة لقبول هذه المبادرة، التي يُرجّح أن تُلحق ضررًا كبيرًا بالتنظيم.
بحسب المصادر، ينصّ المقترح على أن يُفرج في المرحلة الأولى عن عشرة رهائن إسرائيليين أحياء، يلي ذلك مفاوضات حول مبادئ إنهاء الحرب.
وقد تم الاتفاق المسبق على هذه المبادئ، بحيث تُناقش التفاصيل النهائية فقط خلال مفاوضات تُجرى في ظل وقف إطلاق نار. الغرض من هذه الخطوة هو تقصير أمد المفاوضات قدر الإمكان ومنع انهيارها والعودة إلى القتال.
بعد ذلك، يُعلن الطرفان رسميًا إنهاء الحرب، ويتم الإفراج عن بقية الرهائن. ومن المتوقع أن تشمل المبادئ تنازلات كبيرة من حماس، منها نفي قادتها من غزة، إنهاء حكم الحركة في القطاع، وتسليم السلطة إلى ائتلاف من الدول العربية يتولى الملفات المدنية وعلى رأسها إعادة الإعمار.
قطر، من جانبها، قدّمت تطمينات لقيادة حماس المقيمة على أراضيها بأن الموافقة على المخطط ستؤدي إلى إنهاء الحرب، وأكدت أن الولايات المتحدة تعهدت بضمان تنفيذ الاتفاق لمنع إسرائيل من خرق وقف إطلاق النار بعد تحرير أول دفعة من الأسرى.
ولكن، ليس من المؤكد أن تصريحات قطر بشأن موافقة حماس تمثل الموقف الحقيقي لقيادة الحركة في غزة – إذ من الممكن أن تكون الدوحة “تبيع بضاعة ليست في حوزتها”.
من جهة أخرى، تطالب إسرائيل بضمانة تتيح لها العودة للحرب إذا انهارت المفاوضات بعد تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق.
في الأيام الأخيرة، صرح مسؤولون إسرائيليون أن ما دامت هذه القاعدة محفوظة، فإن إسرائيل مستعدة لتقديم تنازلات في بنود أخرى من التفاوض.
مصدر إسرائيلي أبلغ صحيفة “هآرتس” بأن هناك اتصالات تجري مع الولايات المتحدة بخصوص هذا المخطط، على خلفية الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى واشنطن الأسبوع المقبل.
ومع ذلك، لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه الزيارة تهدف إلى دفع الصفقة قدمًا أو تقويضها.
بعض الوزراء الذين حضروا جلسة المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) يوم الأحد في القيادة الجنوبية، خرجوا بانطباع أن تصريحات رئيس الأركان، هرتسي هليفي، بشأن أن الحرب في القطاع “استُنفدت” قد نُسقت مع نتنياهو، وأنها بمثابة تمهيد للإعلان عن الصفقة.
ووفقًا للتقديرات، فإن التصريحات العلنية من الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، المطالبة بمواصلة القتال، قد تعكس إدراكهما بأن هناك شيئًا يحدث في الكواليس.
مع ذلك، من الممكن أن يكون كل ذلك جزءًا من مناورة من قبل نتنياهو، الذي يعتزم الاستمرار في دعم بن غفير وسموترتش، ويحاول كسب الوقت بمساعدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حتى لو جاء ذلك على حساب حياة الجنود والأسرى.
المصادر التي تحدثت مع “هآرتس” شددت على أن فكرة ربط إنهاء الحرب بخطوات سياسية ليست جديدة. فإسرائيل تُجري منذ مدة اتصالات دبلوماسية، عبر رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، مع مقربين من الرئيس السوري أحمد الشرع. ومن بين المواضيع المطروحة: إدخال عمال دروز من سوريا إلى إسرائيل.
سوريا من جانبها تحاول الاستعانة بداعميها السعوديين لإقناع الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي سيطرت عليها في ديسمبر 2024، بعد سقوط نظام الأسد، مقابل إعلان سوري رسمي عن بدء محادثات سياسية بين البلدين.
قد توافق إسرائيل على الانسحاب من بعض هذه الأراضي، خصوصًا في المناطق التي يوجد فيها احتكاك مع السكان المدنيين في المنحدرات الشرقية لهضبة الجولان. لكن يبدو أن إسرائيل ترفض الانسحاب من جبل الشيخ (الجزء السوري)، وتطلب دعمًا أميركيًا بهذا الشأن.
وقد يوافق ترامب على هذا الطلب مقابل إنهاء الحرب في غزة، رغم أن توقيع اتفاق سلام شامل مع سوريا ما يزال حلمًا بعيد المنال – وربما على الإسرائيليين أن ينتظروا طويلًا قبل أن “يذهبوا لأكل الحمص في دمشق”، كما تقول الكليشيه القديمة من تسعينيات القرن الماضي.
فيما يخص السعودية، لم يُسجل في الفترة الأخيرة أي تقدم حقيقي نحو إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل. ويبدو أن هذا الاتفاق يبقى من بين أحلام الرئيس الأميركي، إلا أنه يدرك أن ولي العهد محمد بن سلمان لن يوافق على ذلك ما دامت الحرب في غزة مستمرة.
وعلى عكس دول عربية أخرى تنتظر تقدّم المفاوضات مع السعودية، فإن سلطنة عُمان بدأت فعليًا في إجراء محادثات مع إسرائيل – وقد تتطور هذه المحادثات إلى علاقات رسمية إذا توقفت الحرب. خطوة كهذه من السلطنة قد تُعتبر إنجازًا سياسيًا لكل من نتنياهو وترامب.