غزة… بين الوحش والفجر الموعود!

غزة… بين الوحش والفجر الموعود!

أمد/ لم يَبقَ عندي كلامْ،..
غزّةُ فيها خيرُ الأنامْ، ..
تصحو على زفرةِ النورِ ..
والناسُ من حولِها في المنامْ….
غزّةُ تنزفُ عطرًا من الدمِ …
يُعطّرُ وجهَ الزمانْ، ..
ويغسلُ بالأحمرِ القاني ..
أوجاعَ هذا المكانْ….!
***
أُحيطتْ بالوحشِ ..
من كلِّ صوبٍ، ..
حاصرها الموتُ، ..
ونهشَ فيها الطغيانْ….
وفي حُضنِها رضيعٌ ..
على صدرِ أمٍّ ..
تنوءُ بصمتِ المكانْ، …
يُحدّقُ في ليلِها ..
ثم يُلقي على الأرضِ أولَ سؤالٍ:
لماذا نموتْ …؟!
***
يا غزّةَ العصفِ، ..
يا صرخةَ القمحِ ..
حينَ يُغنّي على شَفتي المجدِ ..
رغم الحصارْ، ..
يا نايَ وجعِ الأمِّ ..
تندبُ طفلًا ..
كأنَّ النجومَ تهاوتْ ..
تبكي على ساعديها، ..
وليس سواها يئنُّ، …
ولا غيرُها ..
ينهضُ من ليلِنا باختصارْ ….!
***
غزّةُ…
ليستْ مدينةً ..
إنها الآن روحُ الزمانِ المقاومْ، …
تنقشُ على جُدرِها صلابةَ الحرفْ، …
وتوقظُ في القلبِ نارَ البقاءْ، …
كأنّها طائرُ الفينيقِ، ..
ينهضُ من تحتِ رمادِ الدمارْ، ..
ويكتبُ بالشمسِ ميلادَهُ…
رغمَ نارِ المدافعِ ..
وسيلِ الحصارْ…..
***
غزّةُ…
تُعرّي وجوهَ الجوارِ، ..
تُقيمُ عليهم حِسابْ، ..
أينَ أنتمْ..؟!
وأنتم ترونَ اشتعالَ النوافذِ …
وسقوطَ الرضّعِ في حضنِ الغيابْ…؟
أنسيتمْ…؟
بأنّ الدماءَ التي في شرايينِ غزّةَ…
من جَذرِنا، ..
من نداءِ الأذانِ ..
ومن نَفَسِ الأنبياءِ ..
ومن قِبلةِ الصبرِ ..
حينَ تشقُّ الترابْ ..؟!
***
يا سادةَ النسيانْ …
غزّةُ لا تنحني، ..
غزّةُ لا تستجدي شرفَ الخطابْ، ..
هي من تنحتُ المعجزاتِ ..
على صخرةِ الجوعِ ..
تكتبُ بالجرحِ مجدَ الشعوبْ، ..
وترفعُ للحلمِ راياتِها ..
فوق كلِّ خرابْ …!
***
هي البوصلةْ، ..
هي جوهرةُ الكيانْ، ..
هي من تُعيدُ لمسراهُ بوصلتَه …
إذا ضلّ عنه الحيارى، …
هي من تقتلعُ الخوفَ …
من بينِ أضلعِها، …
تقتلعُ الاحتلالَ والليلَ …
وتُعلنُ أنَّ الفجرَ آتْ، …
وإن طالَ سوادُ الدخانْ…!
***
غزّةُ…
رغم الألمْ،
هي الحلمُ،
هي العَلَمُ،
هي القصيدةُ التي لم تُكتبْ ..
إلّا بحبرِ الدماءْ،
هي التي تقولُ:
للغاصبِ المتجبّرِ المنتشي بجرائمه:
“ستسقطْ…
وسنسقطُ عنكَ الأساطيرَ …
والكذبَ المختومَ ..
على بابِ التاريخْ،
وسنمحوك من ذاكرةِ الأرضِ ..
كالرجسِ،
كالعارِ،
كالعدمِ الصارخِ في ليلِنا البهيمْ …!”

غزّةُ باقيةٌ،
غزّةُ شاهدةٌ،
غزّةُ ناهضةٌ من الموتِ كأنّها آيةٌ ..
نُسجتْ من النارِ والنورْ،
وهي التي ستصححُ التاريخْ ..
وتعيدُ البوصلةَ نحو القدسْ، ..
وتكتبُ على جدارِ الوجودْ:
“هنا فلسطينْ…
هنا الحياةْ…
وهنا سيكونُ الفجرُ الآتي…
مهما طغى الوحشُ،
ومهما استبدَّ الظلامْ …!”