لا نهدف إلى الإطاحة بالنظام الإيراني.. هذه هي الحقيقة ولا مفاجآت في مواقفهم.

أمد/ لقد عودنا الغرب من خلال تجاربنا الطويلة معه، والتي أرخت لوقائع جميعها كانت ضد مصالح شعوب منطقة الشرق الأوسط وبامتياز، فهو لا يقيم وزناً لأي اعتبار سوى تسيير مصالحه المتعددة والمتنامية على حساب الشعوب المغلوبة على أمرها، وهو الحريص على تهيئة كل الظروف المساعدة على تحقيقها تحت ذرائع واهية مختلقة خالية من الحجج القابلة للإقناع مثل( السلم الدولي، الاستقرار والأمن الإقليمي، مكافحة الإرهاب…) إلى آخر ما هنالك من مسميات؛ بينما هو في حقيقة الأمر يسعى لتحقيق أجندته النرجسية النابعة من أطماعه المنفلتة من عقالها مثل (ارتفاع سقف النفوذ السياسي والهيمنة، تأمين النفط وإمداداته، ازدياد انتشار قواعده العسكرية وتثبيت وجودها المساعد على التدخل السريع إزاء كل ما يتعارض مع خططه الاستراتيجية في المنطقة، ولديه الاستعداد التام للتعاون مع كل الحكومات الدكتاتورية في سبيل الوصول إلى أهدافه بغض النظر عن شرعيتها من عدمها.. هكذا هي مصالح الغرب في الشرق الأوسط فيها من التعقيد والتشابك مع كل ما يحصل من توترات وصراعات في المنطقة مما يجعل من الصعوبة بمكان تحقيق التوازن بين مصالح شعوب المنطقة ومصالحه، ولو عدنا بنظرة سريعة إلى التسلسل التاريخي للأحداث والمؤامرات الحاصلتان في منطقتنا لاقتربنا أكثر من استيعاب وفهم عقلية الغرب وطريقة تفكيره النرجسية، فما حصل منذ تسعينيات القرن الماضي بانتهاء الحرب الباردة وما تبعها من أحداث مثل ( ١١ أيلول ٢٠٠١، الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق، ثم حرب تموز في لبنان، وصولاً إلى الربيع العربي عام ٢٠١٠) والذي نتج عنه إزاحة العديد من الأنظمة العربية عن الحكم.. كل ذلك حصل بتخطيط وتوجيه من الغرب الذي أعلنها صراحة على ألسنة مسؤوليه سابقاً بأنه سيعيد تشكيل خارطة الشرق الأوسط عبر الفوضى الخلاقة كما أسماها هو، وإذا تابعنا الإعلام الغربي نجده يتشدق بأنه مع نضال شعوب الشرق الأوسط من أجل الحرية والديمقراطية، وهو رغم شعاراته البراقة لا يرى في الحرية والديمقراطية إلا أداتين يقف احتكارهما عليه هو، وإذا تم استخدامهما في الشرق الأوسط فهو يتم على نحوٍ هدام لأجل تنفيذ مخططاته المتصفة بالمكر والدهاء، لذلك لا نستغرب حين تعلن الولايات المتحدة الأمريكية بأنها لا تسعى لتغيير النظام في إيران، وهذا يستوجب التساؤل التالي، لماذا تغيره وهو الذي قدم لها خدمات ثمينة على طبق من ذهب؟ ( هدم لبنان والعراق وسورية واليمن وفلسطين) ما استتبع وضع يده على مقدرات المنطقة من خلال سياسة التركيع والابتزاز، بعد هذا كيف لنا أن نقتنع بأن الغرب هو الذي يقرر مصيرنا بما يلبي مصالحنا، ويسير بنا نحو الأفضل، وكل من يعتقد بحرص الغرب على تقدمنا وتحررنا من ربقة الاستبداد فهو إما واهم، أو جاهل لا يرى أبعد من أرنبة أنفه، ولنعد إلى ما قالته السيدة مريم رجوي زعيمة المقاومة الإيرانية حين دعت في أعقاب وقف إطلاق النار في الحرب بين إيران وإسرائيل إلى ضرورة قيام الشعب الإيراني بإسقاط نظام الولي الفقيه لما يسمونها بـ الجمهورية الإسلامية علي خامنئي، وأكدت أن وقف إطلاق النار هو خطوة إلى الأمام لصالح الخيار الثالث لا للحرب، لا للمساومة، وأضافت ( دعوا الشعب الإيراني في معركة المصير يسقط خامنئي والدكتاتورية بنفسه)، وأوضحت أن الهدف هو إقامة جمهورية ديمقراطية غير نووية، تقوم على فصل الدين عن الدولة، والمساواة بين الجنسين، والحكم الذاتي لقوميات إيران المتنوعة، وحسب ما جاء عن رويترز أنه خلال الحرب الجوية الأخيرة ظل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية على الهامش، إذ قلل من الإدلاء بالمعلومات حيث لم يرغب في دعم حرب خارجية تقودها إسرائيل علانية، علماً أنه في عام ٢٠٠٢ كان أول من كشف عن برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني، وبالطبع كما نعلمه من سياسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية فإن المجلس يرفض كل المشاريع الرامية إلى هدم إيران الوطن والشعب، ولا يؤمن بأي تغيير يتأتى من خلال الاحتلال أو أعمال عسكرية خارجية، ويؤمن بإسقاط النظام من خلال الشعب ووحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق.. والانتقال بإيران إلى المستقبل من خلال برنامج المواد العشر الذي تتبناه السيدة مريم رجوي.. وبالطبع لا يرغب الغرب في خيار وطني يستند إلى حكم الشعب.
الآن. وبعد قصف المفاعلات النووية الإيرانية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وانكسار حلم ملالي إيران بامتلاك السلاح غير التقليدي سوف تصعد المقاومة الإيرانية من انتفاضتها المباركة، وتعمل بكل ما أوتيت من قوة لإسقاط نظام الملالي معتمدة في ذلك على نفسها، ومساندة الشعب لها في سبيل تغيير وجه إيران المظلم بوجود الاستبداد الديني الآيل إلى السقوط والسقوط المريع نحو غدٍ مشرقٍ بإذن الله.