وسائل إعلام عبرية: الخطة الأمريكية لإنهاء الصراع في غزة تتضمن “تعويضات سياسية” لإسرائيل

أمد/ تل أبيب: قالت صحيفة هآرتس العبرية أنه وبحسب مصادر إسرائيلية وأجنبية، تعمل الجهات الوسيطة على ربط إنهاء الحرب في قطاع غزة بتحقيق مكاسب سياسية لإسرائيل، أبرزها استئناف المفاوضات مع السعودية بشأن تطبيع العلاقات، توقيع اتفاق تطبيع مع سلطنة عُمان، وإعلان سوري تاريخي عن “نهاية العداء بين الدولتين”.
ومع ذلك، لم يتضح بعد ما إذا كانت قيادة حماس في غزة ستوافق على المقترح الجديد.
المخطط الحالي الذي يُناقش في هذه الأيام لإنهاء الحرب في القطاع، يتضمن “تعويضات سياسية” لإسرائيل – حسبما قالت عدة مصادر من إسرائيل، الولايات المتحدة، ودول الخليج لصحيفة “هآرتس“.
وفقًا لهذه المصادر، تشمل المكاسب السياسية المتوقعة: استئناف المباحثات بين إسرائيل والسعودية لتطبيع العلاقات، اتفاق تطبيع مع سلطنة عُمان، وتصريح تاريخي من سوريا حول “إنهاء حالة العداء”.
ربط هذه التحركات الإقليمية بالاتفاق مع حماس يهدف إلى تليين موقف وزراء اليمين المتطرف، الذين من المتوقع أن يضغطوا على نتنياهو لعدم الموافقة على اتفاق ينهي الحرب.
ومع ذلك، لا تزال هناك شكوك بشأن استعداد قيادة حماس في غزة لقبول هذه المبادرة، التي يُرجّح أن تُلحق ضررًا كبيرًا بالتنظيم.
بحسب المصادر، ينصّ المقترح على أن يُفرج في المرحلة الأولى عن عشرة رهائن إسرائيليين أحياء، يلي ذلك مفاوضات حول مبادئ إنهاء الحرب.
وقد تم الاتفاق المسبق على هذه المبادئ، بحيث تُناقش التفاصيل النهائية فقط خلال مفاوضات تُجرى في ظل وقف إطلاق نار. الغرض من هذه الخطوة هو تقصير أمد المفاوضات قدر الإمكان ومنع انهيارها والعودة إلى القتال.
بعد ذلك، يُعلن الطرفان رسميًا إنهاء الحرب، ويتم الإفراج عن بقية الرهائن. ومن المتوقع أن تشمل المبادئ تنازلات كبيرة من حماس، منها نفي قادتها من غزة، إنهاء حكم الحركة في القطاع، وتسليم السلطة إلى ائتلاف من الدول العربية يتولى الملفات المدنية وعلى رأسها إعادة الإعمار.
قطر، من جانبها، قدّمت تطمينات لقيادة حماس المقيمة على أراضيها بأن الموافقة على المخطط ستؤدي إلى إنهاء الحرب، وأكدت أن الولايات المتحدة تعهدت بضمان تنفيذ الاتفاق لمنع إسرائيل من خرق وقف إطلاق النار بعد تحرير أول دفعة من الأسرى.
ولكن، ليس من المؤكد أن تصريحات قطر بشأن موافقة حماس تمثل الموقف الحقيقي لقيادة الحركة في غزة – إذ من الممكن أن تكون الدوحة “تبيع بضاعة ليست في حوزتها”.
من جهة أخرى، تطالب إسرائيل بضمانة تتيح لها العودة للحرب إذا انهارت المفاوضات بعد تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق.
في الأيام الأخيرة، صرح مسؤولون إسرائيليون أن ما دامت هذه القاعدة محفوظة، فإن إسرائيل مستعدة لتقديم تنازلات في بنود أخرى من التفاوض.
مصدر إسرائيلي أبلغ صحيفة “هآرتس” بأن هناك اتصالات تجري مع الولايات المتحدة بخصوص هذا المخطط، على خلفية الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى واشنطن الأسبوع المقبل.
ومع ذلك، لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه الزيارة تهدف إلى دفع الصفقة قدمًا أو تقويضها.
بعض الوزراء الذين حضروا جلسة المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) يوم الأحد في القيادة الجنوبية، خرجوا بانطباع أن تصريحات رئيس الأركان، هرتسي هليفي، بشأن أن الحرب في القطاع “استُنفدت” قد نُسقت مع نتنياهو، وأنها بمثابة تمهيد للإعلان عن الصفقة.
ووفقًا للتقديرات، فإن التصريحات العلنية من الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، المطالبة بمواصلة القتال، قد تعكس إدراكهما بأن هناك شيئًا يحدث في الكواليس.
مع ذلك، من الممكن أن يكون كل ذلك جزءًا من مناورة من قبل نتنياهو، الذي يعتزم الاستمرار في دعم بن غفير وسموترتش، ويحاول كسب الوقت بمساعدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حتى لو جاء ذلك على حساب حياة الجنود والأسرى.
المصادر التي تحدثت مع “هآرتس” شددت على أن فكرة ربط إنهاء الحرب بخطوات سياسية ليست جديدة. فإسرائيل تُجري منذ مدة اتصالات دبلوماسية، عبر رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، مع مقربين من الرئيس السوري أحمد الشرع. ومن بين المواضيع المطروحة: إدخال عمال دروز من سوريا إلى إسرائيل.
سوريا من جانبها تحاول الاستعانة بداعميها السعوديين لإقناع الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي سيطرت عليها في ديسمبر 2024، بعد سقوط نظام الأسد، مقابل إعلان سوري رسمي عن بدء محادثات سياسية بين البلدين.
قد توافق إسرائيل على الانسحاب من بعض هذه الأراضي، خصوصًا في المناطق التي يوجد فيها احتكاك مع السكان المدنيين في المنحدرات الشرقية لهضبة الجولان. لكن يبدو أن إسرائيل ترفض الانسحاب من جبل الشيخ (الجزء السوري)، وتطلب دعمًا أميركيًا بهذا الشأن.
وقد يوافق ترامب على هذا الطلب مقابل إنهاء الحرب في غزة، رغم أن توقيع اتفاق سلام شامل مع سوريا ما يزال حلمًا بعيد المنال – وربما على الإسرائيليين أن ينتظروا طويلًا قبل أن “يذهبوا لأكل الحمص في دمشق”، كما تقول الكليشيه القديمة من تسعينيات القرن الماضي.
فيما يخص السعودية، لم يُسجل في الفترة الأخيرة أي تقدم حقيقي نحو إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل. ويبدو أن هذا الاتفاق يبقى من بين أحلام الرئيس الأميركي، إلا أنه يدرك أن ولي العهد محمد بن سلمان لن يوافق على ذلك ما دامت الحرب في غزة مستمرة.
وعلى عكس دول عربية أخرى تنتظر تقدّم المفاوضات مع السعودية، فإن سلطنة عُمان بدأت فعليًا في إجراء محادثات مع إسرائيل – وقد تتطور هذه المحادثات إلى علاقات رسمية إذا توقفت الحرب. خطوة كهذه من السلطنة قد تُعتبر إنجازًا سياسيًا لكل من نتنياهو وترامب.