يوميات رحلة اللجوء إلى الشمال

أمد/ صدر مؤخرًا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر كتاب “نزوح نحو الشمال، سيرة الجوع والوجع”، للكاتب والأديب الفلسطيني المعروف يسري الغول، والذي ظل صامدًا في شمال قطاع غزة في مواجهة الإبادة، عندما نزح جميع أدباء قطاع غزة إلى الجنوب، موثقًا سيرة الجوع التي ضربت شمال غزة والوجع الذي دخل كل بيت هناك، محاولًا تسليط الضوء على الصور التي لا ترصدها عين الكاميرا، والمشاعر التي لا تستطيع الأخبار من الإفصاح عنها، في سردية قد تكون الأهم في التاريخ الفلسطيني المعاصر.
يذكر أن الأديب الغول، استطاع أن يكون نموذجًا فريدًا للمقاوِم الحقيقي، الذي يقرع جدران الخزان عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الإعلام التقليدي، في الوقت الذي انحسرت فيه أصوات الآخرين خوفًا من الاستهداف أو القتل، متحديًا صواريخ الاحتلال التي نجا منها الغول أكثر من مرة، في مخيم الشاطئ وكذلك مخيم جباليا.
وقد بعث من خلال ديباجة تلك اليوميات المكونة من 245 صفحة من القطع المتوسط، رسالة موجهة للقارئ العربي، جاء فيها: “عزيزي القارئ، قبل أن تشرع في قراءة هذا الكتاب، أدعوك أن تذهب نحو الشرفة أو النافذة.. تأمل البيوت الملاصقة لبيتك، الشوارع بأزقتها وتفرعاتها، الأشجار الباسقة، أعمدة الإنارة، الإشارات الضوئية، خط المشاة، الإعلانات، السيارات الفارهة والعربات المتهالكة. ركز جيدًا في تفاصيل الأشياء هناك ثم عد إلى شقتك/ غرفتك وأعط عينيك فرصة تأمل الجدران، لون الطلاء والصور، اللوحات وشهادات التقدير والتكريم، الأرائك والكراسي الجميلة، فناجين القهوة وعلب الحلوى، ثم قبل أن تغتسل بالحزن معي، اذهب نحو فراش زوجتك وأطفالك، قبلهم كأنك ستراهم للمرة الأخيرة، عانقهم بحرارة، ثم تعال معي متوضئًا لنتلو صلاتنا في هذا اليباب العظيم”.